بقلم : عبد اللطيف الصبيحي
بادئ ذي بدء لم انتبه بتاتا الى درجة اختراق المشمول برحمة المذيع والصحافي الكبير “صلاح الغماري ” لأسرتي الصغيرة وربما سأجزم وهي ليست بتاتا من عادتي ، وأقول واجمع انه تقريبا كل العائلات المغربية حصل لها نفس ما وقع لي حين باغتني طفلي الصغير دو التاسعة ربيعا ، وهو يقتحم علي بيت النوم مرددا بانفعال شديد وبصوت حزين : لقد مات ” صلاح ” ، لقد مات ” صلاح ” يا ابي… مضطربا نهضت لأفهم سر توتر ولدي وعن من يتحدث ! وبعد وقت وجيز بعدما تمكنت نسبيا من كفكفة دموعه ، عرفت ان ولدي نعى لي خبر موت صحفي لطالما كان مبهرا بأدائه ومواظبا على تتبع برامجه الخاصة بِداء ” كورونا ” صحبة اخته و والدته ، عشق ولدي لمتابعته بقدر ما كان برنامجا توعويا هادفا ازال بنسبة كبيرة الخوف والرعب والهلع الذي اصاب اطفالنا جميعا بعدما اجبرهم على المكوث بالمنازل ، وعدم التوجه الى المدرسة بقدر ما خلق لتلفزتنا توهجا هي في امس الحاجة اليه بعدما عشنا معها رداءة تكاد تطبع بصفة المستدامة… المرحوم ” صلاح ” وباختصار شديد استطاع وبحنكة غير معهودة في اعلاميينا إلا القلائل ، وفي غياب تجارب سابقة في التعاطي الاعلامي مع الكوارث والظواهر الطبيعية و الغير الطبيعية في طمأنة نسبة كبيرة جدا من المغاربة اتجاه داء فاجئنا و فاجئ العالم بأكمله ، وتمكن من خلال برنامجه ” اسئلة كورونا ” في التواصل مع فئات عريضة من المجتمع وجدت فيه شخصية تجتمع فيه صفتين :صفة الاخصائي الاجتماعي ، و صفة الاعلامي الميداني القريب من هموم المواطن البسيط.
في زمن يعرف فيه التليفزيون منافسة شديدة من طرف الوسائط الاجتماعية ، ومن تعدد المواقع الاليكترونية تمكن هدا الاعلامي المتميز من شد انتباه الملايين من المغاربة ولم يكتف في تقديم برنامجه على الاستوديو بل نزل الي الشارع مدشنا عُرفا غير مسبوق في ابراز دور الاعلام للانخراط في كل القضايا التي تهم شان المواطن و مسايرة همومه والبحث عن حلول لكل ما يمكن ان يعترض طريق حياته العادية بشكل علمي وعقلاني حتى لا يسقط بين ايدي وبراثن الرقاة و المشعوذين ، وهو ما جعل احدهم يدون تدوينة شاذة عنه كلها حقد وضغينة وكره وتشفي ، ليعكس تعاطفا شعبيا عارما مؤزرا ببرقية تعزية ملكية اشادت بخصال الفقيد ومناقبه.
صلاح يا عاشق الوطن :
سيظل اسمك محفورا في ذاكرتنا الجماعية وسنظل نتمنى لو كنت معنا لنشهد ونعلن سويا نصرا نهائيا على وباء خصصت كل جهدك للتوعية بمخاطره و ارشاد المواطنين الى الكيفية التي بها يمكن الحفاظ على ارواحهم ..
صلاح يا عاشق الوطن :
كم كانت ستكون فرحتنا و انت معنا تدشن حملة التلقيح التي سيحظى بها عموم المغاربة مجانا و بأمر من ” عاهل البلاد ” .
صلاح يا عاشق الوطن :
امنت بقدرته على تخطي كل الصعاب والتحديات ، كم كانت ستكون فرحتنا جميعا و انت معنا تلقي اخبار النشرة وتزف الينا خبر اعتراف ” امريكا ” ب”مغربية الصحراء ” كما بشرتنا بقرب بداية حملة التلقيح.
صلاح ايها الاسم على مسمى :
يمكن ان يخرج الناس بالآلاف لتوديع رموزهم الدينية او ملوكهم او رؤساءهم او زعماءهم وان يصطفوا على جنبات الشوارع ،وان يتسابقوا من اجل القاء النظرة الاخيرة على مثواهم ، مسالة لا تحتاج لتوضيح اولفهم…اما ان يخرجوا من اجل توديع صحفي بهذا السيل الجارف من البشر وفي بلدي ” المغرب ” فهدا يعني لي مسالة واحدة أن هدا الشعب له قدرة خارقة على التمييز والتقدير وانه لا يُكرم إلاّ من احسن فهمه وارتبط بكل قضاياه الصغيرة والكبيرة ولمس فيه صدقا لا تشوبه شائبة وكل صدق وانتم …
Share this content:
إرسال التعليق