فريد حفيض الدين (هذي فهامتي ) عدد: 35 07/12/2022 قطر والمونديال والحلم المغربي
فريد حفيض الدين
وحدها كرة القدم من بإمكانها تجييش أحاسيس ومشاعر شعوب العالم باختلاف اجناسها ومعتقدها.
وحدها كرة القدم من بإمكانها أن تؤلف بين قلوب البشر ولو، لساعات معدودات.
وحدها كرة القدم من بإمكانها أن تخرج ملايين البشر، وبنفس الأهداف والغايات.
وحدها كرة القدم من بإمكانها أن تفرح، وتحزن، وتسعد الناس، وتلمهم من دون عنف أو حروب.
وحدها كرة القدم من تغيب فيها الايديولوجيا، ويحضر فيها الكبير و الصغير، الفقير والغني.
إنها ” الجلدة ” المحشوة بالهواء، ولا أحد حتى ولو كان عالم فيزياء أو رياضيات يمكنه، فك شفرة انطلاقها ومسارها، إلى أن تستقر في هذا المرمى أو ذاك.
لهذا هي ساحرة، ومعشوقة الجماهير، وهي الرياضة الشعبية الأولى في العالم بامتياز.
هي عالمية، ولغتها واحدة يتكلمها الإنسان في الشرق والغرب والشمال والجنوب. ويحلل اطوارها العالم والجاهل، والرياضي والإنسان العادي. لكن لا أحد يجزم عند تكهن نتائجها. لأنها كما يقول عشاقها ليست علما حقيقيا. حتى دخول تقنية فيديو مساعدة الحكم، أو ما يعرف بتقنية ” الفار ” لم ينل من
تحديد اخطائها بالدقة المطلوبة.
عبر كرة القدم يمكن لنا دراسة السلوك البشري الفردي والجماعي لأن فيها شيء من علم النفس، وعلم الإجتماع، والتاريخ، وثقافة البلد.
هي متنفس، وعلاج طبيعي لجميع امراضنا، وتصريف لمكبوثاتنا الإجتماعية والنفسية، وللعنف الساكن بدواخلنا..
ولنعد إلى مبارتنا ضد الإسبان بالأمس، من كان غير كرة القدم قادر على إخراج ملايين المغاربة من مختلف مدن المملكة، ومن مواطنينا عبر العالم. بالأمس توحد المغاربة، ورفعوا نفس الشعارات، بعيدا عن كل محتوى حزبي أو عرقي. حين تحضر كرة القدم، تغيب الايديولوجيا.
بالأمس خرج المغاربة من دون أن ترسل لهم دعوات، أو حتى استدعائات من طرف هذه الجهة أو تلك. كان للمغاربة موعد مع الوطن، ولاشي غير الوطن. الكل كان بالأمس وطنيا حتى النخاع، بفقيرهم وغنيهم، رجالا ونساءا كلهم هبوا لمؤازرة وطنهم وبلدهم عبر انتصار منتخبهم. ( ما كان لا برقوق ولا ورقة في الصندوق، ولا زرقلاف )
بالأمس نسي المغاربة غلاء المعيشه، وتدهور، وارتفاع أسعار المحروقات، وكل هموم الدنيا، لأن هناك شيء آخر انساهم ذلك…
وهذا هو أكبر درس في الوطنية، وأن هذا الوطن يتسع لجميع مواطنيه أيا كانت مواقعهم، واتجاهاتهم.
هو درس في حب الوطن، وإشارة قوية من المغاربة على أنهم يستحقون أكثر، وأن على من بيدهم الحل والعقد مراجعة أوراقهم، والتفكير مليا وبواقعية في شأن حالهم، لا بالشعارات والخطب الرنانة، بل بكل الجدية المطلوبة.
خروج المغاربة بالأمس، هو كذلك درس في الوطنية لمن يعيشون معنا، وعقولهم وترواثهم خارج الديار. أما حب الوطن لا أحد بعد البارحة يمكنه أن يزايد على مغربي في وطنيته.
وأكيد سيخرج المغاربة يوم السبت القادم 10 دجنبر، بعد الفوز إن شاء الله على البرتغال، كما فعلنا مع الاسبان، ومعهم مجتمعين في معارك وحروب في الماضي.
وليشهد العالم أن المستحيل ليس مغربيا وعربيا كما قال بالأمس فخامة حاكم دبي محمد بن راشد بن آل مكتوم بعد فوز المغرب على إسبانيا.
عاش المغرب ولا عاش من خانه.
هذي فهامتي!!!!
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق