كلميم – حسيك يوسف
في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات والاستياء، أُعلن عن إلغاء صفقة نقل أطفال التخييم برسم صيف 2025 بجهة كلميم وادنون، الأمر الذي وضع الجمعيات التربوية ومعها مئات الأسر أمام واقع جديد يهدد واحدة من أبرز محطات التنشئة الصيفية للأطفال بالمنطقة.
مصادر من داخل المكتب الجهوي المشرف على عملية التخييم أوضحت أن القرار جاء بعد أسابيع من الانتظار والتعثرات في التنسيق مع عدد من الشركاء المؤسساتيين، في مقدمتهم مجلس الجهة والمديرية الجهوية للشباب، دون التوصل برد رسمي يضمن تغطية تكاليف النقل أو يحدد بدائل ملموسة.
الجهة المنظمة أشارت في بلاغ داخلي إلى أن “الصفقة شابتها عشوائية في التدبير ومحاولات تدخل غير مبررة من بعض أعضاء مجلس الجهة“، ما وُصف ضمنيًا بـ”ابتزاز سياسي ومحلي”، دون تقديم تفاصيل دقيقة حول نوعية هذه التدخلات، لكنها أكدت أن الأمر مسّ مبدأ تكافؤ الفرص والشفافية في تدبير الدعم العمومي، الأمر الذي جعل الاستمرار في الصفقة “مرفوضًا من حيث الشكل والمضمون”.
وتُعد صفقة النقل العمومي من الأعمدة الأساسية في ضمان مشاركة الأطفال من أقاليم الجهة النائية، خاصة تلك المنحدرة من مناطق قروية تفتقر إلى البنى التحتية والخدمات اللوجستيكية.
من جهتهم، عبّر عدد من الفاعلين الجمعويين عن خيبة أملهم إزاء هذا الوضع الذي يتكرر كل سنة بصيغ مختلفة، دون وجود إرادة حقيقية لدى المسؤولين لإيجاد حلول دائمة، مؤكدين أن الأطفال “لا يجب أن يكونوا ضحايا خلافات سياسية أو حسابات ظرفية”.
وصرّح فاعل جمعوي من كلميم قائلاً: “سبق لنا أن نبهنا في مناسبات متعددة إلى هشاشة الإطار التنظيمي والدعمي لبرنامج التخييم بالجهة، لكن لا أحد استمع إلينا. التخييم حق للطفل وليس منّة من أحد، وإن استمر هذا الوضع، فستكون هذه أول جهة في المغرب تقصي أبناءها من المشاركة الوطنية.”
في المقابل، لم يصدر أي توضيح رسمي من مجلس الجهة أو المديرية الجهوية بشأن الموضوع، ما زاد من غموض الوضع، وأطلق العنان لتأويلات كثيرة حول الخلفيات الحقيقية لإلغاء الصفقة.
وعلى الرغم من هذه الأزمة، عبّرت عدة جمعيات عن نيتها في البحث عن حلول بديلة، حتى وإن كانت محدودة، من قبيل التنسيق المباشر مع أسر المستفيدين أو تقليص مدة التخييم وتكاليفه، وهو ما يبقى “حلًا ظرفيًا لا يمكن تعميمه”، حسب ما أفادت به إحدى الجمعيات التنموية.
وفي ظل غياب تنسيق وطني فعّال مع الجامعة الوطنية للتخييم أو الوزارة الوصية، تبقى آمال الأطفال معلقة على مبادرات مدنية مستقلة، أو تدخل عاجل من الجهات الرسمية لتصحيح المسار قبل فوات الأوان.
في الأخير، الرسالة التي يرفعها المجتمع المدني المحلي واضحة: لا تسيّسوا فرحة الأطفال، ولا تجعلوا حقهم في التخييم رهينة للخلافات.
فالطفل لا يُسائل السياسات، بل يحلم فقط بيوم صيفي مختلف.
تعليقات ( 0 )