الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
لست نرجسيا لكنني طائر حر
في مسارنا الحياتي و المهني تتعارض أفكارنا و مصالحنا مع الأخرين ربما لعدم وضوح الرؤية او لعدم وحدة التصور ، او لأحادية الفعل و انفرادية القرار ، هذه التعارضات قد تحدث شروخا في العلاقات البشرية و الانسانية ، أيضا و تجعلنا ننأى بذواتنا عن التفاعل أو خوض تجارب على نفس المضمار و تجبرنا هذه النفس الفاقدة للتقدير ، المفقودة وسط زخم العامية من عدم التميز و الاعتزاز بها بل تتوارى الى الركون غالقة كل منافذ الخيارات مدعية انها الأصوب و الأصلح و هي بذلك تكون قد اصيبت بمرض النرجسية الكاذبة حيث تصبح لا ترى إلا ما راته للوهلة الأولى ، بل تجبرنا على الالتزام باختيارها الوحيد متناسية أن الحياة بحر من التجارب و الاختيارات ، فلا تجعل نرجسيتك تجبرك علي خيار واحد
و قد تنظر الى الحياة من ثقب ضيق فلا ترى منه إلا ما أ ارادت أن تريك هذه النفس الراكنة المركونة ، لا ما هو ممكن أن يكون اختيارات و قرارات و خطة عمل و خطط بديلة و تعاون و تشارك في العمل و تجاذب في الخبرات و التجارب فتصبح فرعونية تقول بلسان حالها :” ما أريكم إلا ما أرى و ما أهديكم الا سبيل الرشاد”
فليس من المعقول ان يخسر شريكك و تربح انت أو العكس بدعوى انك الأحسن أو بالأحرى تقديم النرجسية الخبية على مبدأ العمران الأخوي ، يعني المصلحة الخاصة على الغير ،
و هنا تجدر الإشارة أن هناك فرق بين الاعتزاز بالذات و بين النرجسية و التي لا يمكننا أن نعدمها أصلا فهي موجودة لكننا عندما نحسن بعد النظر و نحدد من تصورنا العام رؤية واضحة المعالم ترتفي لتصبح رسالة و سلوكا ، و نصوغ استراتيجية موحدة ، ليس بالأساس أن نكون متفقين على خطواتها كلها لكن أن نوحد رؤيتنا في تنزيلها ، و نتجاذب الأراء دون افساد للود بل باحترام الطرف الأخر مع عشق العمل و التعامل و المعاملة الحسنة و وحدة المنهجية و الصبر على رود الأفعال فإننا نتحرر من أنانيتنا و نرجسيتنا بل نتحلى بالأناقة النفسية و الفكرية .
إن الاناقه الفكرية هي ذلك الطوق المعرفي الذي يرتديه الحكيم بل هي روح الحكمة التي تسري في خلاخل العقل الراجح الذي تشرب من معين الصفاء للرسالات السماوية الإنسانية لا من العقل الرازح تحت وطأة الإمعية و لتمحي شوائب الخبية المتفشية بين العبيد لا العباد و ماعلق من افكار سلبية تؤيد الفكر الأحادي النظر و انفرادية الإدارة عبر التاريخ و التي تظهر بجلاء تارجح الوعي البشري بين عدم الثقة بالذات بداية و نرجسية خبية قاتلة نهاية .
و في يومنا هذا تتجلى لنا هذه النرجسية في معظم مجالات التعامل البشري غير أنه يمكننا أن نكون أحرارا دون أنانية كالطائر الحر الذي يحلق عاليا في السماء دون ان ينسى ان ارتباطه بالأرض وثيق ، فينضج الفكر ويصير رشيقا انيقا جميلا و هذا ما يولد الابداع الجمالي
قد نصمت و تصمت جوارحتا و السنتنا صمتا يظنه البغض مطبقا كما يظن كل من يعيش حولنا اننا قد اصبنا بالبكم لكنتا نصوم الصيام المريمي ” إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا ” هذا الصيام عن التفاهة النرجسية التي تحيد بي عن الجادة و التزم مبدا التدرج :” فقد نتدرج في قول الحق لكن لانتفوه بباطل ”
واذا كنت قد التزمت صوم الكلام عن العتاب و الملام و النرجسية الذاتية فإنني ابعث بالقلم ما يقوم مقام الحكيم الذي لا يفتقد غيابه و لا يثقل حضوره بل يكون كالخامة بين الناس فيبوح بوحا يستيقظ العالم كله على انوار الحكمة و رجاحة المعنى و علم ينتفع به
و بين صمت اللسان عن الهذيان و بوح القلم بمشاعر الوجدان فإنني احيط عزتي و اعتزازي بسياج من الحكمة ومابين البوح و الصوم بحار من المداد
إن ارقى أمنياتي يوم ان اكون في ضيافة المولى الودود ناضر الوجه ناظرا إلى الوجه الكريم وقد بدلت سيئاتي حسنات و قيل ادخلوا الجنة فنعم دار العاملين ، و اروع لحظاتي يوم ان اكون مرتاحا مع من احب و أن اعمل ما أحب مع من أحب بالطريقة التي نحب
فالمحبة تمر عن طريق المشاعر بالنظرة و النظر و بالابتسامه فتتخطى كل العوائق السلبية التي يعتريها دخن النرجسية المشدود الى نفق المشادات الكلاميه والمزاج المتقلب والنفس غير طبيعي منطلقها ، كل هذا تنهيه ابتسامه خرجت من قلب صادق ناطق بالخيرية ، قلب صالح مصلح يسير بين الأنام بالوصال ، فيسقط من قلب فم ذاكر شاكر محرر متحرر غير نرجسي لتقع في قاع فؤاد حبيب محب محبوب فيتم تبادل الابتسامات وتنتهي المشاحنات الخبية التي تؤول بأهلها الى الخصام و التنحي عن الزيال المولوي. امية بحالها في النرجسية ذاك المرض العضال
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
Share this content:
إرسال التعليق