مع الحدث
بقلم ✍️ ذ : لحبيب مسكر
مع كل استحقاق انتخابي، يتكرر المشهد نفسه: أحزاب تلبس أثوابًا جديدة، وشعارات براقة تملأ الشوارع، ووجوه اعتدنا رؤيتها تتنقل بين الكراسي وكأن الفشل مجرد محطة عابرة. لكن الوطن ليس حلبة موسيقى للكراسي، والشعب لم يعد يصدق وعودًا تتبخر بعد الانتخابات. لقد حان الوقت لمراجعة جذرية – ليس فقط في أداء الأحزاب، بل وفي وعينا نحن كمواطنين.
لماذا نُصر على تكرار التجربة الفاشلة؟
المثل الشعبي يقول: “لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين”. لكننا نُلدغ كل مرة بنفس الحجارة! نرى الوجوه نفسها تظهر بأحزاب جديدة، أو بخطابات معدلة، وكأن تغيير اللون أو الشعار سيحوِّل الفاشلين إلى منقذين. السؤال المحرج: هل يعقل أن من أخفق في إدارة بلدية أو وزارة لعقد من الزمن سيصبح فجأةً قادرًا على قيادة التغيير؟ أم أن الأمر مجرد تبادل مناصب بين نخبة تتعامل مع السياسة كغنيمة، لا كمسؤولية؟
وطن يسبق نحو المستقبل.. بعقليات من الماضي
نطمح إلى منافسة دول تطلق الصواريخ وتصنع “التيسلا”، بينما لا يزال بعض من يديرون شؤوننا عاجزين عن فهم أبسط أدوات العصر الرقمي. كيف لنا أن ننافس في زمن الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأخضر، ونحن نُسند القيادة إلى من لا يزالون يعيشون بمنطق “الولاءات الضيقة” و”السياسة القديمة”؟
الأكثر إيلامًا أننا نمتلك شبابًا مبدعًا يحصد جوائز عالمية في العلوم والتكنولوجيا، لكنهم يُقصَون من المشهد العام لأنهم لا ينتمون إلى شبكات المحسوبية. فبدلًا أن يكونوا وقود التقدم، يصبحون إما مهاجرين، أو عاطلين، أو مُحبطين – وهذه خسارة لا تغتفر.
التغيير يبدأ منا.. لا من الوعود الجوفاء
المشكلة ليست في الأحزاب وحدها، بل نتحملها أيضًا. فطالما نواصل مكافأة الفشل بأصواتنا، سنظل نحصد النتائج نفسها. لقد آن الأوان لأن:
نُحسن الاختيار: فلا نمنح أصواتنا لمن لا يملكون رؤية أو كفاءة.
نُحاسب المسؤولين: لا نكتفي بالتصفيق للخطابات، بل نطالب بالنتائج.
نرفض الواسطة والمحسوبية: الكفاءة هي المعيار، لا الانتماء العائلي أو الحزبي.
أسئلة ملحة قبل منح الثقة
قبل أن تطلبوا أصواتنا، أجيبوا بصدق:
من يمثل إرادة الشعب حقًّا، لا مصالحه الشخصية؟
من يمتلك رؤية واضحة لتحديات التعليم والبطالة والاقتصاد؟
متى سنرى قيادات شابة تجيد لغة العصر، لا خطابات الماضي؟
التغيير الحقيقي لن يأتي من خلال وعود انتخابية، بل من إرادة جماعية ترفض الاستمرار في التدهور. فإما أن نغيّر سلوكنا اليوم، أو سنظل نعيش في دوامة الفشل إلى ما لا نهاية. الوطن يستحق أكثر من ذلك.. فهل نستحق نحن هذا الوطن؟
تعليقات ( 0 )