بقلم: حسيك يوسف
في صباح يوم الجمعة 2 ماي 2025، خيم الحزن على الوسط الفني المغربي برحيل الفنان القدير محمد الشوبي عن عمر ناهز 62 سنة، بعد معاناة طويلة مع مرض عضال أنهك جسده، لكنه لم ينجح يوماً في إخماد صوته الفني أو كسر عزيمته الإبداعية.
ولد محمد الشوبي في 3 يناير 1963 بمدينة مراكش، وبدأ مسيرته الفنية من خشبة المسرح، حيث تفتقت موهبته في التمثيل مبكراً، قبل أن ينتقل إلى السينما والتلفزيون، ويصبح أحد أبرز الوجوه الفنية بالمغرب، بمسيرة مهنية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود.
تميّز الشوبي بأسلوب تمثيلي صادق وعميق، يجمع بين الأداء البسيط والمشحون بالعواطف، ما جعله يحظى بإعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء. شارك في عدد كبير من الأعمال التي لاقت نجاحاً جماهيرياً واسعاً، من أبرزها في السينما أفلام جوق العميين، موت للبيع، والحنش، وفي التلفزيون تألق في مسلسلات هاينة، بنات العساس، ومول لمليح، حيث جسّد أدوارًا معقدة تنبض بالواقع وتحمل رسائل اجتماعية قوية.
بعيداً عن التمثيل، كان الشوبي مثقفاً ملتزماً، يدافع عن الفن النظيف ويعبّر عن آرائه السياسية والمجتمعية بشجاعة، سواء عبر خرجاته الإعلامية أو تدويناته على منصات التواصل الاجتماعي. لم يكن فناناً فحسب، بل كان ضميراً حياً، قلّ نظيره في زمن كثرت فيه المجاملات.
في السنوات الأخيرة، خاض محمد الشوبي معركة صامتة مع المرض، لكنه ظل محافظًا على ابتسامته وإيمانه العميق برسالة الفن، ورفض أن يكون الألم حاجزاً أمام شغفه. ورغم تدهور حالته الصحية، لم يتوقف عن دعم زملائه والتفاعل مع هموم القطاع الفني.
برحيله، فقد المغرب فناناً قلّ نظيره، ووجهاً لن يُنسى في الذاكرة البصرية الوطنية.
لكن ما يطمئن القلب أن أعمال الشوبي ستظل خالدة، شاهدة على قيمة فنية كبيرة، وعلى مسيرة رجل عاش كبيراً ورحل بهدوء، كما يليق بالكبار.
رحم الله الفنان محمد الشوبي، وألهم ذويه وجمهوره الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
تعليقات ( 0 )