مستشفيات فاس بين معاناة المرضى وغياب الحكامة

جهة فاس-مكناس مع الحدث 

يفترض أن تكون المستشفيات العمومية ملاذاً للمريض، غير أن واقع الحال بمدينة فاس جعلها في نظر الكثيرين فضاءات للانتظار الطويل، وسوء الاستقبال، وتجهيزات معطلة، في مشهد يومي يكشف أزمة عميقة لا تقتصر على قلة الموارد، بل تمتد إلى غياب المحاسبة وضعف الحكامة.

مرضى على الأرض… وأطباء مرهقون

في أحد المستشفيات الجهوية بجهة فاس–مكناس، تبدو قاعة المستعجلات مكتظة عن آخرها: مرضى يفترشون الأرض، وآخرون ينتظرون على كراسي متآكلة. يروي محمد، مرافق لوالده: “جئنا على الساعة الثامنة صباحاً، ولم نرَ الطبيب إلا بعد الظهر… هنا، إن لم تصرخ أو تتوسل، فلن يلتفت إليك أحد.”
هذا المشهد ليس استثناءً، بل واقع يتكرر في أغلب المستشفيات العمومية، حيث يقر الأطباء والممرضون بأن الضغط عليهم يفوق طاقتهم، فيما يبقى المواطن الضحية الأولى.

تجهيزات معطلة وأدوية غائبة

إلى جانب الاكتظاظ، يعاني المرضى من أعطاب متكررة في الأجهزة الطبية التي قد تظل خارج الخدمة لشهور، مما يحوّل المستشفى العمومي، في نظر الكثيرين، إلى مجرد محطة عبور نحو القطاع الخاص.
أما الأدوية الأساسية، فكثيراً ما تكون مفقودة من الصيدلية الداخلية، ما يضطر المرضى إلى اقتنائها من الخارج على نفقتهم الخاصة.

غياب الجانب الإنساني

ما يزيد الطين بلة هو غياب المعاملة الإنسانية، حيث يشكو المرتفقون من الصراخ والإهانات من طرف بعض حراس الأمن الخاص، بل ومن التجاهل أحياناً من قبل الأطر الطبية والإدارية، وهو ما يضاعف الإحساس بالمهانة وفقدان الثقة في المؤسسة الصحية.

أسئلة معلقة

لماذا تتأخر إصلاحات الأجهزة الطبية رغم أهميتها؟

ما سبب الغياب المتكرر للأدوية الأساسية؟

من يحاسب المسؤولين عن سوء المعاملة والإهمال؟

ولماذا يبدو أن المواطن البسيط وحده من يدفع ثمن هذه الفوضى؟

أزمة حكامة قبل أن تكون أزمة موارد

الوضع في مستشفيات فاس والأقاليم المجاورة يكشف أن الأزمة لا تختزل في نقص الإمكانيات فقط، بل تتعلق أساساً بضعف الحكامة والتسيير وغياب ربط المسؤولية بالمحاسبة.
المواطن الذي يؤدي الضرائب ينتظر خدمة تحفظ كرامته، لكنه يجد نفسه أمام واقع مرير يفرض إصلاحاً جذرياً وشجاعاً، لا مجرد وعود موسمية تتكرر مع كل أزمة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)