منزل ياسر عرفات في غزة.. من مركز ثقافي إلى مأوى نازحين - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |خارج الحدود

منزل ياسر عرفات في غزة.. من مركز ثقافي إلى مأوى نازحين

20240221113909anapicp-aa_ar_pho_gen-20240221142812-33769171-.h-730×438

  لم يبقَ من منزل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في مدينة غزة سوى جدار يحيط ببقايا مبنى دمّره الجيش الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية في القطاع، وعلى الجدار لافتة كُتب عليها “مؤسسة ياسر عرفات”.

هذا المنزل شكّل، منذ وفاة الرئيس أبو عمار، عام 2004، رمزًا للنضال الفلسطيني ومقرًا لمؤسسة ثقافية، لكن آلة التدمير الإسرائيلية حوّلته إلى مأوى للنازحين الذين فقدوا منازلهم جراء حرب الإبادة. 

وبين الجدران المهدّمة والأسقف المتصدعة، تعيش عائلة الفلسطيني أشرف أبو سالم، التي اضطرت خلال أشهر الإبادة إلى النزوح من منطقة مشروع بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع تحت النيران الإسرائيلية.

وأُنشئت “مؤسسة ياسر عرفات” بعد وفاة أبو عمار لإحياء ذكرى رحيله، ولـ”الحفاظ على المقتنيات والإرث الوطني للرئيس الراحل”.

 

وبعد عقدين من الزمن، أصبحت هذه المقتنيات تحت الأنقاض بفعل آلة الإبادة الإسرائيلية التي تعمّدت طمس الهوية الفلسطينية باستهدافها كل ما يرمز للذاكرة الوطنية، إلى جانب استهداف المواقع التاريخية والأثرية.

وتوفي عرفات عن عمر ناهز 75 عامًا، في مستشفى “كلامار” العسكري في العاصمة الفرنسية باريس، حيث يتهم الفلسطينيون إسرائيل بتسميمه، ويقولون إنه لم يمت بسبب تقدّم العمر أو المرض، ولم تكن وفاته طبيعية.

مأوى بعد نزوح

يقول أبو سالم إن منزل “الختيار”، المملوك لصندوق الاستثمار الفلسطيني، تحوّل إلى مأوى لعائلته بعد أشهر من النزوح القسري من بلدة بيت لاهيا.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا أن بلدة بيت لاهيا تقع ضمن مناطق شرق ما يُعرف بـ”الخط الأصفر” الذي لم ينسحب منه الجيش الإسرائيلي. 

و”الخط الأصفر” هو خط الانسحاب الأول المنصوص عليه في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين تل أبيب وحركة “حماس”، ويفصل بين المناطق التي ما زال يتواجد فيها الجيش الإسرائيلي في الجهة الشرقية منه، وتلك التي يُسمح للفلسطينيين بالتحرك داخلها في الجهة الغربية.

لكن الخط لا يتميز بحدود واضحة، ما يجعل الفلسطينيين عرضة للاستهداف الإسرائيلي المباشر دون سابق إنذار.

كما أن بلدة بيت لاهيا من المناطق التي تعرضت لـ”إبادة مدن” خلال الحرب الإسرائيلية، حيث دمّرت تل أبيب غالبية مبانيها.

في السياق، أفاد أبو سالم أنه قضى العديد من الشهور منذ نزوحه متنقلاً من مكان لآخر للإيواء، حتى استقرّ به الحال في منزل الرئيس الراحل.

من رمز وطني إلى دمار

قبل الإقامة فيه، قضى أفراد عائلة أبو سالم نحو أسبوع في إزالة الركام من الأماكن الباقية في المنزل المدمّر، واستصلاح ما يمكن استصلاحه.

فهذه العائلة نزحت دون أن تصطحب معها أي شيء من ممتلكاتها، وبالملابس التي كانت ترتديها، وفق أبو سالم.

وعن الدمار الإسرائيلي الذي طال منزل عرفات، يقول أبو سالم إن المكان أصيب بفاجعة، بعدما كان يشكّل رمزًا للنضال الوطني والوحدة الفلسطينية.

ويؤكد أن كل هذا الدمار الإسرائيلي يهدف إلى “طمس الهوية الفلسطينية، فهذا المنزل بالنسبة لنا رمز من رموز التطلع للاستقلال والحرية”.

ويوضح أنه نجح في انتشال بعض مقتنيات الرئيس الراحل ووثائق تعود لعائلته، حيث احتفظ بها في ذات المكان.

إلى جانب ذلك، تمكّن من إنقاذ بعض الكتب التي نجت من القصف الإسرائيلي، وكانت ضمن مكتبة في الطابق العلوي من المنزل، فيما لم يسلم معظم مقتنياتها، وفق قوله.

وعن رمزية المكان، يؤكد أبو سالم أن مؤسسة “ياسر عرفات” قبل الإبادة الإسرائيلية شكّلت محطة للشعب الفلسطيني، حيث كانت تضم بين جدرانها صورًا وتوثيقات لمحطات النضال الفلسطيني.

 

 

ويتابع: “قبل الحرب، كانت المؤسسة مكانًا يلتقي فيه الأدباء والمثقفون، وتعقد فيه أمسيات فكرية وتصدر منه كتب. فقد كان هذا المكان حالة قيمة من الإبداع الفلسطيني المرتبط بالثورة والتاريخ”.

وفي تصريحات صحفية سابقة لمدير المؤسسة موسى الوزير، قال إن فئات كثيرة من الفلسطينيين كانوا يتوافدون إلى المؤسسة للاطلاع على مقتنيات الرئيس الراحل والمكان الذي كانت تصدر منه القرارات السياسية، في إشارة إلى مكتبه.

وأكد الوزير أن هذه المؤسسة تسعى ضمن أهدافها إلى “بث الروح الثقافية والوطنية في الجيل الناشئ، من خلال تنظيم مسابقات مدرسية ثقافية”. 

وتعرّض منزل عرفات لقصف جوي ومدفعي إبان العملية العسكرية البرية التي بدأتها إسرائيل في مدينة غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وانسحبت منها جزئيًا في فبراير/شباط 2024.

وارتكبت إسرائيل حرب إبادة جماعية في القطاع بدعم أمريكي، استمرت لعامين، بدءًا من 8 أكتوبر 2023، وخلفت أكثر من 68 ألف شهيد وما يزيد على 170 ألف جريح، وألحقت دمارًا طال 90 بالمئة من البنى التحتية في القطاع بخسائر أولية تُقدّر بنحو 70 مليار دولار.

وانتهت الحرب باتفاق وقف إطلاق نار بين “حماس” وإسرائيل، دخل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، وخرقته إسرائيل عشرات المرات، ما أسفر عن مئات الشهداء والجرحى في صفوف الفلسطينيين.

Leave a Reply

1000 / 1000 (Number of characters left) .

Terms of publication : Do not offend the writer, people, or sacred things, attack religions or the divine, and avoid racist incitement and insults.

Comments

0
Commenters opinions are their own and do not reflect the views of m3aalhadet مع الحدث