منى ملمان.. حين تتحول الفرشاة إلى حياة

منى ملمان.. حين تتحول الفرشاة إلى حياة

 

منى ملمان.. حين تتحول الفرشاة إلى حياة

 

✍️. ه


ند بومديان

في مدينة الدار البيضاء، تنسج الفنانة التشكيلية منى ملمان عوالمها اللونية على إيقاع الألم والتجاوز. لم تكن بدايتها مع الفن وليدة دراسة أكاديمية صارمة، بل ثمرة موهبة فطرية نمت بين تفاصيل الحياة اليومية، واشتدت جذورها بعد لحظة فارقة غيّرت مجرى حياتها: وفاة زوجها سنة 2021.

تحكي منى أن علاقتها بالرسم بدأت منذ الطفولة، لكنها اتخذت منعطفًا حاسمًا حين وجدت في الألوان متنفسًا روحيًا وسندًا نفسيًا بعد الفقد. تقول: “الرسم لم يعد هواية، بل ضرورة وجودية. كانت كل ضربة فرشاة توازي نبضة حياة، وكل لون دواء لجراح القلب.”

رغم غياب التكوين الأكاديمي الرسمي، اختارت منى أن تصقل موهبتها من خلال ورشات متخصصة، أتاحت لها التعلّم المباشر من فنانين محترفين، وهو ما جعل تجربتها تمزج بين العمق العفوي والانضباط التقني. وقد تأثرت في بداياتها بالمدرستين الواقعية والتعبيرية، لما تحملانه من قدرة على ملامسة الشعور الإنساني وتجسيد التفاصيل اليومية بعين مرهفة.

أسلوب منى الفني يتسم بروح التجريب وتعدد الأدوات، حيث تفضل الاشتغال بخامة الأكريليك لما تمنحه من حرية ومرونة. وتتميز أعمالها ببعد إنساني ووجداني عميق، كما تعكس ارتباطًا قويًا بالهوية المغربية وجمال الطبيعة، فتستلهم من الزليج، الفخار، والألوان التراثية رموزًا تنبض بالدفء والانتماء.

عرضت منى أولى أعمالها خلال الملتقى الوطني الرابع للفنون الجميلة سنة 2023، وكانت تلك لحظة تحوّل من الظل إلى الضوء. توالت بعد ذلك مشاركاتها في معارض عديدة على المستوى الوطني، من بينها معرض مخصص للفنانات العصاميات، لكنها لم تتلقَّ بعد دعمًا مؤسساتيًا، الأمر الذي تعتبره تحديًا مستمرًا أمام الفنان المغربي عامة.

تطمح منى ملمان إلى تطوير أسلوبها ليصبح بصمتها الخاصة، وتحلم بعرض أعمالها في فضاءات دولية، كمعارض باريس أو البندقية. ورغم تحفظها تجاه الفن الرقمي، فإنها تؤمن بدور الفن كقوة فاعلة في تشكيل الوعي الجمعي والنهوض بالروح الإنسانية.

ببساطة، منى ليست فقط فنانة تشكيلية، بل امرأة وجدت في الفن طريقًا للنجاة، وبوابة للبوح، وجسرًا بين الألم والتعبير. في كل لوحة ترسمها، نلمس ذاك الامتداد العاطفي العميق بين الفنانة والحياة… حيث تصبح الريشة صوتًا، واللون نبضًا، واللوحة مرآة صادقة لروح عصامية تناضل في صمت.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)