في المغرب، لم تعد البطالة بعد الإنتهاء من الدراسة مجرد حالة فردية أو استثناء يُروى في المجالس، بل تحولت إلى ظاهرة اجتماعية تؤرق الأسر وتثقل كاهل الشباب. كنت أظن أن المعاناة تقتصر على فئة قليلة من أبناء منطقتنا، لكن الواقع كشف لي أن هذا الوجع بات مشتركاً بين أغلب الأسر المغربية، من الشمال إلى الجنوب، ومن المدن إلى القرى.
الشباب، بعد سنوات من الدراسة والكفاح، يجدون أنفسهم في مواجهة فراغ قاتل: لا عمل، لا استقلالية، ولا أفق واضح. الروتين اليومي يتحول إلى عبء نفسي، والآباء والأمهات يتألمون بصمت وهم يرون أبناءهم عالقين في دوامة الانتظار، وبناتهم في عمر الزواج دون شريك أو استقرار.
الهجرة أصبحت خياراً شبه جماعي، لا بحثاً عن مغامرة، بل هروباً من واقع لا يمنحهم فرصة للعيش بكرامة. شباب فقدوا الثقة في وطنهم، وقرروا أن يبحثوا عن الأمل في الضفة الأخرى، ولو كان الثمن الغربة واللايقين.
وسط هذا المشهد، تبرز أسئلة ملحة: من المسؤول عن هذه المعاناة؟ هل هو النظام التعليمي الذي لا يواكب سوق الشغل؟ أم السياسات الاقتصادية التي لا تخلق فرصاً حقيقية؟ أم غياب إرادة سياسية حقيقية لإدماج الشباب في الحياة المهنية والاجتماعية؟
الإحباط الذي يسكن البيوت المغربية اليوم ليس مجرد حالة نفسية، بل هو نتيجة تراكمات طويلة من الإهمال والتقصير. الاكتئاب والعصبية لم يعودا أعراضاً فردية، بل مظاهر اجتماعية تنذر بخطر أكبر إذا لم يتم التعامل معها بجدية.
أليس من حق شبابنا أن يحلموا بمستقبل أفضل؟ أن يجدوا عملاً يليق بكفاءاتهم؟ أن يعيشوا في وطن يحتضنهم بدل أن يدفعهم للرحيل؟ إن إعادة الاعتبار للشباب المغربي ليست ترفاً، بل ضرورة وطنية.


تعليقات
0