موسم أصيلة : لقاء يشرح لغة الشعر العربي المعاصر
شرح شعراء وروائيون، يوم أمس الثلاثاء ضمن آخر ندوات موسم أصيلة الثقافي الدولي، خصائص لغة الشعر العربي المعاصر.
وتوقف المشاركون في الندوة الأخيرة من بين ست ندوات ضمن موسم أصيلة الثقافي الدولي الثاني والأربعين المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، عند تعدد الاختيارات الأسلوبية والأغراض الفنية والمقامات التعبيرية، إلى جانب اتساع رقعة جغرافية اللغات واللهجات المحتضنة للأصوات الشعرية العربية.
وأبرز منسق اللقاء، شرف الدين ماجدولين، في الكلمة التقديمية أن تشظي القاعدة اللغوية ما زال مستمرا اليوم إلى مستويات تنحت فجوات حتى بين التعبيرات العربية الفصيحة لتوجد مسافات ما بين لغات مغرقة في محليتها وأخرى وسيطة وثالثة كلاسيكية، مع خفوت لافت لظاهرة الكتابة بلغات أجنبية.
من جهته، أكد الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، محمد بن عيسى، أن الموسم اعتاد منذ دوراته الأولى على استضافة عدد من كبار الشعراء العرب الذين تغنوا بقصائدهم الجميلة في أصيلة، معتبرا أن المنتدى عازم أن تحظى الأنشطة الشعرية بالديمومة في المقبل من المواسم الثقافية لكون “الشعر سيظل دوما ملاذ الإنسانية”.
وتابع أن الفسحة الزمنية في برنامج الموسم لهذه السنة “لا تغطي الخارطة الشعرية في الوطن العربي، وهي ليست تمثيلا لكل الأصوات الشعرية والتجريبية واللغات، لكنها حلقة استثنائية لانطلاقة يأمل أن تكون أشمل وأكبر”، معلنا عن عزم المنتدى إطلاق مشغل دائم للشعر على غرار مشاغل الفنون التشكيلية وإقامة “مشيخة” شعرية يتولاها في كل دورة واحد من كبار الشعراء العرب.
من جانبه، اعتبر الشاعر قاسم حداد، في مداخلة تنهل من حقول فلسفية حول اللغة، أن “اللغة نظام مؤلف من عدة مستويات صوتية ونحوية ودلالية .. وغيرها، والقصيدة الشعرية متوالية لفظية تتكرر من خلالها العلاقات بين هذه المستويات المختلفة”، مضيفا أنه “عندما يتعلق الأمر بالكتابة، فاللغة هي الموضوع الأول والأخير، إذ لا يمكن أن نتكلم خارج اللغة، فهي مصدر الشعر وأصله ومداه”.
ونوه بأن “اللغة لا تتوقف عن النمو ولا تكف عن الولادة، خصبها ينهل من عذوبة الأعماق، اللغة خلاصنا من أسطورة الصمت، واللغة للعشق وليس للقداسة”، موضحا أنه “الآن، لم يعد الكلام عن الشاعر الوحيد الأوحد بوصفه مقياسا لغيره، بل صارت اللغة الشعرية شخصية جدا ولا تجوز المقارنة بين الشعراء، لأن على كل شاعر أن يقنع القارئ بأن ما يكتبه شعر بالفعل”.
من جانبه، لاحظ الشاعر زهير أبو شايب أنه “يمكن القول بكل بساطة أن اللغة التي تكتب بها القصيدة العربية الراهنة هي ابنة الوقع الذي يعيشه كاتبها بكل تشرخاته واندفاعاته وهمومه وخيباته”، مضيفا علينا أن “نعترف أولا بأن الهذيان الذي نجده لدى السياسي والمتدين والفنان التشكيلي والمفكر والموسيقي وغيرهم ممن يسمعون الراهن العربي، نجده بحذافيره لدى الشاعر الذي يقف في بؤرة الزلزال الجمعي راسما صورة للفوضى والانهيارات التي تحدث حولنا”.
وتابع في ذات السياق أنه علينا “أن نعترف بأن الشعر العربي الآن ليس بخير وأن انهياراته وهذيانه ليس دليل عافية على الإطلاق، وعزوف المتلقي العربي عن شعرنا هو في أحد وجوهه موقف نقدي لا واع من هذا الشعر، وليس مجرد تعبير عن الخراب الثقافي العام الذي تعاني منه أمتنا”، معززا موقفه بأن “خراب القصيدة هو مجرد تفصيل صغير من الخراب العام، ومظاهر التحلل والفساد وبلبلة اللسان التي تعتري الكتابة الشعرية العربية، والتي ليست من صنع الشاعر وحده، بل هي من صلب الذات الجمعية العربية”.
بدوره، حاصر الشاعر والروائي ياسين عدنان الموضوع بمجموعة من الأسئلة الإشكالية حول ماهية اللغة الشعرية؟ وهل هناك شعرية عربية موحدة أو متعددة؟ وهل الانتماء لشعرية ما ينبع من لغة الكتابة أم بيئة الشاعر؟، داعيا إل ضرورة وجود جسارة لدى الشاعر لتحرير اللغة من دلالاتها المعيارية، فتحرير الكلمات من أغلال المعاجم والقواميس جزء لا يتجزأ من مساعي الشاعر الحديث، إذ أن الشاعر لا يعثر على لغته لقية في الطريق ولا يجدها في لغة ذاته ولا خارج ذاته، لكنها تدرك بالمكابدة.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق