مع الحدث/ القنيطرة
المتابعة ✍️: مجيدة الحيمودي
لم يمرّ قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بعزل خطيب مسجد الغفران مصطفى قرطاج مرور الكرام، إذ تحوّل إلى حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط موجة غضب وتعاطف واسعة مع الخطيب، الذي وجد نفسه خارج المنبر بسبب تدوينة انتقد فيها سهرة لمغني الراب المغربي “طوطو”.
القرار الذي اتخذته الوزارة دون إصدار أي بيان رسمي يوضح خلفياته، أثار سيلاً من التساؤلات حول حدود حرية التعبير الممنوحة للأئمة والخطباء، ومدى قدرة الخطاب الفني على إثارة مثل هذا الجدل المجتمعي.
السيد مصطفى قرطاج الذي لم يتردد في توجيه نقد لاذع للمشهد الفني، كتب في تدوينته التي أشعلت الجدل:
“هنيئاً لك سيد طوطو، لقد اعتليت المنبر ذاته الذي اعتلاه خطيب صلاة العيد… صوتك الشجي وصل إلى كل المدينة، بينما كثيرون لم يسمعوا خطبة العيد ولا رأوا الخطيب عن قرب…”.
الخطيب سخر في تدوينته من حجم الاهتمام الكبير بالمغني، متهماً الحفل “بطمس هموم الناس” وإلهائهم عن قضايا تمسّ حياتهم اليومية، من البطالة وضعف القدرة الشرائية، إلى أوضاع المستشفيات وضحايا الزلازل والحروب.
ورغم تعاطف آلاف النشطاء معه، التزمت وزارة الأوقاف الصمت، تاركةً الباب مفتوحاً أمام التكهنات: هل القرار مرتبط بضوابط مهنية صارمة تمنع الأئمة من التعليق على الشأن العام، أم أن النقد الفني أصبح بدوره ساحة حمراء يصعب الاقتراب منها؟
الحادثة فجّرت نقاشاً أوسع حول التوازن بين حرية التعبير واحترام قدسية المنابر الدينية، وبين حرية الفن ومسؤوليته تجاه المجتمع. وبينما يصف البعض القرار بـ”القاسي”، يرى آخرون أنه “ضروري لضمان حياد المؤسسة الدينية”.
ومع احتدام الجدل يبقى السؤال: هل تتحوّل هذه الواقعة إلى سابقة تعيد رسم العلاقة بين الفن والدين في المغرب، أم أنها مجرد حادثة عابرة سرعان ما تُطوى صفحاتها؟
تعليقات ( 0 )