يوسف حسيك
كثر الحديث في هذه الأيام على الإنتخابات والتسجيل في اللوائح الإنتخابية ومعه يبدأ عمل سماسرة تجارة الأصوات الإنتخابية في ساحة بيع الذمم كما تطرح في هذه الفترة معضلة قوة المال السياسي وقدرته على تغيير كل المعادلات .
نعم نحن أمام مرض عضال إسمه بيع الذمم والمواقف والأصوات لمن لا يستحقونها ولمن ليسوا أهلا لترشح والفوز .
وإن كانوا عكس ذلك فلماذا يستخدمون المال السياسي للفوز ؟ أ لم يكن حريا بهم الإعتماد على سجلهم التاريخي وإنجازاتهم ومواقفهم الإجتماعية والوطنية التي تدعم فوزهم بدون أموال وعطايا وهبات؟.
هناك كثير من الأسباب لممارسة هذا السلوكيات الغير حضارية من عمليات بيع وسمسرة الأصوات الإنتخابية،
أولا: جهل المواطنين بأهمية الإنتخابات وأثرها في إفراز خيرة الناس بمواقفها النزيهة تجعلها قادرة على الدفاع عن مصالح الوطن و المواطنين.
ثانيا: عدم معرفة المواطنين بالدور المهم الذي يلعبه المنتخبون في إتخاذ قرارات مصيرية يمكن أن تؤثر إيجابا أو سلبا عليهم وحتى على أبناء أبنائهم .
ثالثاً: إختزال دور المواطن في عملية الإنتخاب فقط ،بدل توعيته بأهمية دوره المشجع والمحفز على الإقتراع ،ومراقبة العملية الإنتخابية ،بالإضافة إلى كونه متفاعل مع كل الأنشطة التي يقوم بها المرشحون ،وحضور المناظرات ،والتمييز بين ما يمكن تحقيقه من شعارات و بين ما هو مجرد دغدغة للمشاعر والعواطف.
رابعا :إستغلال بعض سماسرة الأصوات لظروف الفقر التي تعيش فيها بعض الأسر وتشجيعهم وإغرائهم لبيع أصواتهم بكل الوسائل سواء بالمال أو تقديم الهدايا،أو المعونات والصدقات أو أعمال الخير في سبيل تحقيق الفوز والظفر بكرسي انتخابي .
خامسا: المنافسة الغير الشريفة بين المرشحين وتوفر سيولة نقدية مهمة في أيدي بعضهم وسماسرتهم .
سادسا: عدم الوعي بتبعات هذه السلوكات ببيع وشراء الأصوات التي يجرمها القانون ويصنفها في خانة الفساد وخيانة الأمانة لأنها ترسخ قيم الغش والتضليل والتزوير.
ومن الناحية الدينية فهي رشوة وشهادة زور تبعد الشريف النزيه من الفوز، وتمكن من فوز من هو ليس أهل لذلك وما يترتب على ذلك من فساد وخيانة للضمير و الوطن .
سابعا: عجز الناخب في تحديد خياراته الإنتخابية إعتمادا على قناعته التامة بالمرشح وبرنامجه الإنتخابي والإعتماد فقط على الطرق التقليدية مثل صلة القرابة والمصلحة الشخصية والمنطقة الجغرافية .
ثامنا : ذكاء و دهاء وخبرة بعض المترشحين نتيجة كثرة الترشح والفوز بكثير من الدورات الإنتخابية اكتسبوا معها تجربة في مؤامرات وكواليس الإنتخابات .
تاسعا :عدم إتخاذ الحكومة قرارات جزرية مناسبة وتطبيقها في أرض الواقع بمعاقبة من يقوم بالبيع والشراء والسمسرة في الأصوات وإكتفائها فقط بالتوعية الناعمة .
أخيرا يجب على الجهات المسؤولة البحث لمعرفة مصدر هذه الأموال الطائلة التي تروج في الإنتخابات ومصيرها.
في كثير من اللحظات نجد مواطنا ساخطا على الوضع يشتكي من تدني الخدمات أو ضعف البنيات التحتية وتهالك الطرقات ونسي أنه هو المسؤول بشكل كبير على هذا الوضع ببيع صوته أو عدم تصويته من الأساس .
Share this content:
إرسال التعليق