جاري التحميل الآن

وأَغْلَقْنا البابَ وَراءَنا…

وأَغْلَقْنا البابَ وَراءَنا…

IMG-20200911-WA0004 وأَغْلَقْنا البابَ وَراءَنا...

لميا أ.و. الدويهي

لحظةَ اختارَكَ قَلبي تَلبيَةً لنِداءٍ من قَلبِكَ، عَرَفتُ حينَها أَنَّني سأُواصِلُ بَقيَّةَ عُمري مَعَك… كُلُّ ما فيكَ ناداني وتَفاعَلَ مع كُلِّ كَياني

لحظة اختارك قلبي تلبيةً لنداءٍ من قلبك، عرفت حينها أنّني سأواصل بقيّة عمري معك… كلّ ما فيك ناداني وتفاعل مع كلّ كياني ووجداني وفكري وتطلّعاتي وطموحاتي… عرفتك إنسانًا مميّزًا، لي… مقدامًا، جريئًا، واضحًا في قراراته، واثقًا ممّا يريد وعالمًا إلى أين يمضي… أحببت نزاهتك واندفاعك واخترتك أيضًا لما حقّقته إلى الآن وتسعى إِلى تحقيقه لاحقًا… فكلّ هذا أيضًا هو جزءٌ من «أنت»… لكنّني أعلم أيضًا أنّ هذا الجزء يخصّ المجتمع والنّاس ويشاركني فيه كلّ من يعمل ويتواصل معك… ولكن يبقى الأساس، ذاتك الحقيقيّة الدّاخليّة، تلك التي تعود إليّ في كلّ مساءٍ وتفتح الباب لملاقاتي، ملقيةً عنها كلّ الأشياء الأخرى على عتبة منزلنا… هذا الـ«أنت» الذي يخلع عنه، عباءة النّهار وتعبه، يدخل لموافاة الـ«أنا» التي تتوق إليك، للقائك، لمسامرتك، لاكتشافك كلّ يومٍ من جديدٍ ولتضع أمامك ذاتها المجرّدة بكلّ ما تحويه من آمالٍ وأحلامٍ وأفراحٍ ورغباتٍ وأوجاعٍ وأحزانٍ وظنونٍ…

أدرك أهميّة اللّقاء وأسعى إليه دائمًا، لأتواجه مع نفسي، أوّلاً، ومعك ثانيًا… فإن لم أتواجه مع نفسي بتقلّباتها وبما فيها، كيف أواجهك؟ وإن لم أواجهك، كيف أكون معك؟… وإلاّ، نما كلٌّ منّا على حدةٍ وبعدت المسافات وأصبحنا اثنين، بعد أن كنّا واحدًا في اثنين، وحينها، يضحي الحبّ في خطر التحوّل إلى «واجباتٍ»، بعد أن كان «حياةً»… فنشابه مؤدّي دور الأسعد في الوجود ونحن نحيا في الخفاء، في صحراء قاحلةٍ جرداء، محاولين الحفاظ على ماء الوجه… والأفظع، إن صرنا «أكثر» من اثنين… في محاولةٍ للبحث عن سعادةٍ غدت وهميّة، لأنّ من ليس قادرًا على ترتيب حياةٍ اختارها، كيف سيعاود ترتيب أخرى على أنقاض سابقة؟… علمًا بأنّ الحالات والاستثناءات تكثر وتتشعّب حولها الأفكار والآراء؛ فلكلّ حالةٍ مناخها وأجواؤها الخاصّة التي تحكم وتتحكّم بها…  لكن جلّ ما أودّ أن أقوله إنّنا يجب ألاّ ننساق لأهوائنا وألاّ نسرع إلى الغضب والتّعالي وأخذ القرارات الاعتباطيّة والتّعسّفيّة أو المتسرّعة التي قد تكلّفنا غاليًا… بعضٌ من التّنازلات الحكيمة تساعدنا على ضبط الكثير من انفعالاتنا… الصّبر على بعضنا، لأنّنا نحترم ما يجمعنا، والعمل على التّطوّر والنّمو في الاثنين الموحّد، يدفعنا إلى الإرتقاء في التّصرّفات، وذلك تقديرًا لك أنت يا من ربط مصيره بمصيري، ولي أنا التي بادرتك بالمثل، فغدت سعادتك مسؤوليّتي كما أنّ سعادتي هي مسؤوليّتك…

لا أقول بأنّ الأمر سهلٌ ولكنّه يصبح ممكنًا متى كان الحبّ ساميًا في ما بيننا، حقيقيًّا ثابتًا… فإنّه يمنح حامليه جناحين ليحلّقا بهما نحو أبعادٍ يستطيعان فيها المضيّ قدمًا في جهادهما، فيثبت الحبّ ويمنح بالتّالي الحياة الحقّة التي تقدّس العائلة وتجعل أساساتها على صخرٍ لا توقعه أيّ موجةٍ مهما بلغ علوّها…

فلنتصارح ولنتحاور، ولنختلف ولنتواجه، ولنعبّر ولننفعل، ولنأخذ الوقت الكافي لتقبّل الأمور وتخطّيها لتنصهر فينا فنضبطها ونغلبها… وإنًّما، فلندع الحبّ في تجدٌّدٍ دائمٍ ومستمرٍّ… ومتى تلكّأت أو تعبت، خذ بيدي وسقني معك إلى الأمام، إلى حيث وجب علينا البلوغ؛ لأنّك متى تعبت أو تلكّأت، سأنهض بدوري، بك، بذاتي، بالنّحن، بالعائلة، لنبقى واحدًا موحّدًا ملتزمًا كلانا بالآخر، يحترم كيانه الحرّ المتكامل ويسعى لأن يتطوّر معه وبمحاذاته، في كلّ ما يعمل وكلّ ما له يخطّط… ولكنّه أيضًا يعرف أن يضع كافّة الحدود اللاّزمة كي لا تتضارب الأولويّات في ما بينها وتطغى الأمور السّطحيّة على الأساسيّة، فيفقد الحبّ معناه وجوهره، هدفه وكيانه، وتصبح العائلة الواحدة غريبةً، مفكّكةً، أنانيّةً، لا تربطها سوى المصالح ومحاباة الوجوه..
إن لم يتجاوب أحدنا مع الآخر، لن نستطيع أن نحافظ على وحدتنا، كلاًّ لوحده… فحين غدونا واحدًا في اثنين، كان قرارنا سويًّا، والعمل على تعزيز هذه الوحدة يحتاج لإرادتنا معًا، فلا يخرج أحدنا مطلقًا، من بعد ذلك، للبحث عن ذاته بعيدًا عن ال«نّحن» الخاصّ بنا…

حبيبي!… فليدم الحبّ بيننا قويًّا، سليمًا معافىً حتّى في كلّ مساء، عندما نغلق وراءنا الباب، لا نغلقه على أنفسنا، فيغدو كلٌّ منّا وحيدًا، في حضور الآخر…

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك