الرقمنة والذكاء الاصطناعي: عصر السيطرة الرقمية

هند بومديان 

في عالمٍ يتحرك بسرعة الضوء نحو الأتمتة والبيانات، لم تعد الرقمنة رفاهية، بل صارت جوهر الحياة الحديثة. الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرّد أداة، بل أصبح عقلاً إلكترونيًا يوجّه قرارات البشر، يختصر المسافات، ويعيد تشكيل الحدود بين الممكن والمستحيل.

الرقمنة ليست مجرّد تحويل الورق إلى بيانات، بل هي ثورة فكرية واقتصادية قلبت الموازين. إنها الانتقال من الملموس إلى اللامرئي، حيث تحكم الخوارزميات سلوكنا، وتقرر الأسواق توجهاتها، وتتحكم في الإعلام والمعلومات. أصبح الذكاء الاصطناعي العصب المحرّك لكل شيء، من الصناعات إلى التعليم، مرورًا بالصحة والأمن، وصولًا إلى أدق تفاصيل حياتنا اليومية.

لكن هذه الطفرة الرقمية تطرح تساؤلات كبرى عن استقلالية الإنسان. هل لا يزال القرار بيد البشر، أم أننا بتنا خاضعين لخوارزميات تتعلم من سلوكنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا؟ هل نشهد عصرًا جديدًا من السيطرة الرقمية حيث تتحول الإنسانية إلى بيانات مُعالجة في أنظمة ذكية؟

إننا أمام معادلة معقدة، حيث يحمل الذكاء الاصطناعي وعودًا بالراحة والتقدم، لكنه في الوقت ذاته يهدد الخصوصية، ويعيد تعريف العمل، ويثير مخاوف من سيطرة الآلة على العقل البشري. في هذا السباق المحموم بين الإنسان والآلة، يبقى السؤال الأهم:

– من يتحكم في من؟

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)