دمشق تغلق مكتب “البوليساريو” بالتزامن مع زيارة بعثة مغربية تقنية تعتبر خطوة تمهيدية لإعادة العلاقات الدبلوماسية

مع الحدث 

المتابعة ✍️: مجيدة الحيمودي 

 

 

في تطور دبلوماسي لافت، أقدمت السلطات السورية على إغلاق مكتب جبهة “البوليساريو” في العاصمة دمشق، بالتزامن مع زيارة بعثة تقنية مغربية، مكلفة بالتحضير لإعادة فتح سفارة المملكة المغربية في سوريا، بعد أكثر من عقد على إغلاقها.

وأكدت مصادر دبلوماسية متطابقة أن بعثة مشتركة تضم مسؤولين مغاربة وكبار المسؤولين السوريين قامت بزيارة ميدانية لموقع المكتب الذي كانت تشغله الجبهة الانفصالية، لمعاينة تنفيذ الإغلاق الفعلي، في خطوة وُصفت بأنها تحمل رمزية سياسية قوية، ورسالة واضحة بشأن تغير موقف دمشق من النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.

تأتي هذه الخطوة في سياق دينامية عربية أوسع تسعى إلى رأب الصدع وإعادة العلاقات بين الدول العربية التي شهدت توترًا أو قطيعة خلال العقد الماضي. ويُتوقع أن تشكل هذه الزيارة التقنية بداية مسار نحو استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الرباط ودمشق، التي توترت منذ بداية الأزمة السورية عام 2011.

ويرى مراقبون أن إغلاق مكتب “البوليساريو” لا يعكس فقط تجاوبًا سوريًا مع التحركات المغربية، بل يشير أيضًا إلى تقارب في الرؤى بشأن قضايا السيادة ووحدة الدول، لا سيما بعد أن أظهرت دول عربية عدة، من بينها الإمارات والسعودية والبحرين، دعمها الصريح لمغربية الصحراء.

التوقيت الذي اختارته دمشق للإقدام على هذه الخطوة يكتسي أهمية بالغة؛ فهو يتزامن مع زيارة رسمية مغربية تحمل طابعًا تقنيًا وتحضيريًا، لكنه يوجّه في العمق رسالة سياسية واضحة حول استعداد سوريا للانخراط في مسار جديد من العلاقات مع المغرب، يقوم على الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية ووحدة التراب.

كما أن موقع المكتب في قلب العاصمة السورية، وما له من رمزية سياسية، يجعل من قرار الإغلاق إعلانًا ضمنيًا عن تراجع دمشق عن دعم أي أطروحة انفصالية تمس وحدة الدول العربية.

تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين الرباط ودمشق ظلت متوترة منذ اندلاع الأزمة السورية، حيث عبّرت المملكة المغربية عن دعمها للحل السياسي في سوريا، ودعمت في مراحل معينة المعارضة السورية. غير أن المتغيرات الإقليمية والدولية، بما في ذلك عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، ساهمت في خلق أرضية جديدة للحوار وإعادة التقارب.

إغلاق مكتب “البوليساريو” يمكن اعتباره مؤشرًا على تحولات أعمق في التوجهات السورية، خصوصًا في ما يتعلق بالتعامل مع القضايا الحساسة التي تهم دولًا عربية شقيقة. كما أنه يعزز موقع المغرب إقليميًا، ويؤكد فاعلية دبلوماسيته في الدفاع عن وحدته الترابية على الساحة العربية والدولية.

ويترقب الرأي العام العربي ما ستسفر عنه الخطوات المقبلة، سواء على مستوى إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق، أو على صعيد التنسيق الثنائي في ملفات ذات اهتمام مشترك، في ظل ظرف إقليمي يتسم بالحاجة إلى التضامن والتكامل العربي.

 

 

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)