حين تنتصر الأخوة على الحدود… مغاربة وموريتانيون يكتبون فصلًا جديدًا من التاريخ المشترك

تحرير ومتابعة /سيداتي بيدا
عضو الاتحاد الدولي للصحافة العربية

حين يلتقي التاريخ بالجغرافيا، وتتعانق الأرواح قبل الأيادي، يصبح الحديث عن المغرب وموريتانيا أشبه بالحديث عن قلبين ينبضان في جسد واحد. من هنا، لم يكن ما حققته اللجنة التنسيقية للجالية المغربية بموريتانيا مجرد مكاسب إدارية أو نتائج تفاوضية، بل كان تأكيدًا حيًا على أن الروابط التي تجمع الشعبين لا تقاس بالمسافات ولا تحدها الحدود.

في يوم 28 يوليو 2025، احتشد أبناء الجالية المغربية في نواكشوط، لا ليصرخوا غضبًا، بل ليخاطبوا إخوتهم بنداء ملؤه الأمل: نريد حياة أكثر يسراً، وإجراءات أكثر عدلاً، وكرامة مصونة كما عهدناها في أوطاننا. كان المشهد إنسانيًا بامتياز، حيث امتزجت لهجات المغرب بنبرات موريتانيا، وذابت الفوارق حتى بدا الجميع أبناء حي واحد.

وبعد جولات من الحوار المسؤول، أعلنت اللجنة تحقيق ستة مطالب أساسية: تسريع تنفيذ مخرجات الحوار خاصة الملفات المدفوعة الخاصة بالإقامة، وقف الاعتقالات بدعوى عدم توفر بطاقة الإقامة، تبسيط المساطر الإدارية، إصدار بيان رسمي يوضح الوثائق المطلوبة لكل حالة، تسهيل حصول الأطفال القاصرين على بطاقة الإقامة، وتعيين مسؤول قنصلي لمواكبة قضايا الجالية بشكل مباشر.

ولأن الرحلة ما زالت في بدايتها، وضعت اللجنة خارطة طريق جديدة تشمل إطلاق عملية تجديد البطاقات الوطنية كشرط لتجديد جوازات السفر والحصول على الإقامة، مع تخصيص رقم واتساب (27843159) لاستقبال الطلبات مرفقة بصورة البطاقة من الجهتين ورقم الهاتف، وذلك للفئات التي تشمل البطاقات المنتهية أو القريبة من الانتهاء، والبطاقات غير البيومترية، وبطاقات الأطفال من سن 12 سنة فما فوق، قبل الموعد النهائي في 31 غشت 2025.

هذه النجاحات ليست انتصارًا لجالية على أرض غريبة، بل هي انتصار لأبناء وطن واحد، يعيشون بين رمال الصحراء وسواحل الأطلسي، يؤمنون أن الدين واحد، واللغة واحدة، والدم واحد، والمستقبل واحد. وما المشهد اليوم إلا امتداد لمسيرة طويلة من الأخوة الصادقة، التي تجعل المغربي في موريتانيا بين أهله، والموريتاني في المغرب على أرضه.

وفي ظل الدفء السياسي والتعاون المتنامي بين الرباط ونواكشوط، يبدو أن الطريق ممهد لمزيد من الإنجازات المشتركة، وأن ما تحقق اليوم ليس إلا أول الغيث، وغدًا قد تمطر السماء خيرًا يعم الشعبين معًا… كما كان منذ قرون، وكما سيبقى ما بقي النبض واحدًا.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)