المعاريف برؤية مستقبلية : مشروع عمراني جديد يغيّر ملامح الدار البيضاء

مع الحدث/ الدارالبيضاء 

المتابعة✍️: مجيدة الحيمودي

مع حلول العاشر من أكتوبر المقبل، ستدخل مقاطعة المعاريف منعطفاً عمرانياً غير مسبوق، بعدما تقرر فتح ملف مشروع ضخم لإعادة هيكلة الفضاءات السكنية والتجارية، في خطوة تَعِدُ بإعادة رسم ملامح المنطقة الأشهر في العاصمة الاقتصادية، لكنها في الوقت نفسه تثير جدلاً مبكراً حول مصير هويتها الاجتماعية والتاريخية.

وداعاً لفوضى الواجهات والصحون الهوائية

في أولى الإجراءات المثيرة، قررت السلطات منع تركيب الصحون الهوائية فوق المباني السكنية، وفرض واجهات موحّدة باللون الأبيض أو الكريمي. خطوة قد تبدو بسيطة، لكنها تكشف رغبة في فرض انسجام بصري صارم يقطع مع المشهد الحالي الذي يصفه مهندسون بـ”المبعثر”.

قرارات تهدد ذاكرة المكان

غير أن ما يثير النقاش أكثر هو حجم التغييرات العميقة في البنية العمرانية:

  • منطقة الفيلات خلف شارع غاندي ستتحول إلى عمارات R+3، ما يعني أن الطابع الراقي الذي ميزها لعقود قد يختفي تدريجياً لصالح بنايات سكنية أكثر كثافة.
  • إعادة تهيئة شارع عبد المومن ستعيد الحياة لأحد المحاور الرئيسية، لكن كلفة ذلك قد تكون إغلاقاً مؤقتاً وتغييراً في ملامح أنشطة تجارية قائمة منذ سنوات.
  • سوق درب غلف الشهير، القلب النابض للإلكترونيات والأنشطة غير المهيكلة، سيُحوَّل إلى فضاء عمومي. خطوة قد يعتبرها البعض ضربة قاصمة لذاكرة تجارية واجتماعية ممتدة لعقود، فيما يراها آخرون فرصة لتحرير المنطقة من الفوضى.

عمارات شاهقة… وصراع المصالح

المخطط الجديد يسمح بعمارات تصل إلى R+9 خلف شارع الزرقطوني، وR+10 بل وحتى فندق R+12 خلف شارع الروداني. هذا التحول يضع المعاريف في قلب سباق عقاري محموم، حيث تبرز رهانات المستثمرين على حساب تساؤلات السكان حول الاكتظاظ، الضغط على البنية التحتية، وتراجع المساحات الخضراء.

بين الطموح والجدل

المشروع يرفع شعار “منح المعاريف طابعاً عمرانياً حديثاً”، لكن أصواتاً من داخل المجتمع المدني تحذر من أن التحديث لا يجب أن يعني محو الذاكرة الحضرية. فالمعاريف ليست فقط شوارع وعمارات، بل فضاء له تاريخ اجتماعي وثقافي واقتصادي لا يقل أهمية عن المردودية العقارية.

مستقبل المعاريف… رهين بالحوار

ملف المشروع سيفتح للنقاش العمومي طيلة شهر كامل ابتداءً من 10 أكتوبر 2025، وهي فرصة للسكان والمهنيين والفاعلين الاقتصاديين للتعبير عن ملاحظاتهم قبل اعتماد المخطط بشكل نهائي.
ويبقى السؤال: هل ستنجح السلطات في تحقيق التوازن بين طموح التحديث والحفاظ على روح المكان، أم أن المعاريف ستفقد هويتها لتتحول إلى مجرد غابة من الإسمنت والزجاج؟

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)