مظاهرات في المغرب: حق مشروع أم دعوات مجهولة؟

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر

شهدت بعض المدن المغربية، يوم أمس، خروج مظاهرات غير مرخّص لها استجابت لدعوات انتشرت عبر حسابات مجهولة على منصات التواصل الاجتماعي. هذه التحركات أثارت جدلا واسعا بين من يعتبرها تعبيرا عن مطالب اجتماعية مشروعة، وبين من يرى فيها تحركات قد تهدد الاستقرار وتفتقد لأي إطار قانوني واضح.

لا يمكن إنكار أن للمغاربة حقًا مشروعًا في المطالبة بصحة جيدة وتعليم قوي، فهما ركيزتان أساسيتان لأي نهضة حقيقية. هذه المطالب ليست جديدة، وقد عبّر عنها المواطنون في أكثر من مناسبة. لكن هذا الحق لا يعني الانسياق وراء دعوات مجهولة المصدر، قد تكون مدفوعة بأجندات خارجية أو تسعى إلى إرباك المشهد الداخلي.

وفي هذا السياق، يشهد القطاع الصحي تحركات مهمة على مستوى القرار، إذ أعطيت تعليمات صارمة لضمان معاملة لائقة للمرضى، مع تخصيص أرقام مباشرة للإبلاغ عن أي تهاون، وإعفاء مسؤولين لم يلتزموا بالمعايير، إلى جانب جولات مفاجئة يقوم بها وزير الصحة شخصيا في عدة مستشفيات للوقوف على مكامن الخلل. هذه الإجراءات تؤكد أن هناك إرادة فعلية لإصلاح المنظومة الصحية، وأن المطالب الاجتماعية قيد المعالجة عبر آليات رسمية، بعيدًا عن الفوضى.

وفي الوقت نفسه، يأتي توقيت هذه الدعوات للتظاهر في ظرفية دقيقة، حيث يتهيأ المغرب ليس فقط لاحتضان كأس إفريقيا للأمم 2025، بل أيضًا لإطلاق مشاريع كبرى تنموية تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين حياة المواطنين، مما يجعل من الاستقرار الداخلي أمرًا أساسيًا.

من جهتها، أكدت وزارة الداخلية أن تدخلها لوقف هذه المظاهرات جاء لحماية النظام العام، موضحة أن المغرب لطالما سمح بالتعبير السلمي المرخص له، وهو ما يميز الحوار الوطني في البلاد. وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن هذه التحركات، خصوصًا بعد إعلان إجراءات إصلاحية واضحة، تطرح تساؤلات حول الجهات التي تقف وراءها، ومن يسعى لاستغلال مطالب مشروعة لزرع الفتنة وإرباك مسار التنمية والاستقرار.

في المحصلة، يظل الحق في الصحة والتعليم مطالبًا مشروعًا لا نقاش فيه، لكن طريق تحقيقه يجب أن يمر عبر قنوات قانونية ومؤسساتية، بعيدًا عن الانسياق وراء دعوات مجهولة المصدر قد تتحول إلى فخ يستغله من يريد زعزعة استقرار البلاد.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)