حسيك يوسف
أصدرت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية بيانها الأخير عقب اجتماعها بالرباط يوم الثلاثاء 30 شتنبر 2025، والذي تطرق إلى مستجدات الدخول السياسي والرهانات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد. البيان حاول أن يُظهر انفتاح الحكومة على المطالب الشبابية المتصاعدة في الشارع وفي الفضاءات الرقمية، مؤكداً على الإنصات والحوار كمدخل أساسي للتعاطي مع هذه التعبيرات.
غير أن القراءة المتأنية للبلاغ تكشف أن الخطاب ظل في حدود العموميات والنيات الحسنة، دون أن يقدم أجوبة دقيقة أو خطوات ملموسة تلبي تطلعات فئات واسعة من الشباب، الذين أصبحوا أكثر وعياً وإلحاحاً في التعبير عن قضاياهم الأساسية، من شغل وسكن وتعليم وصحة وكرامة اجتماعية.
الحكومة تحدثت عن إصلاحات “كبيرة” جارية في قطاع الصحة، لكنها لم تُجب بشكل مباشر على أسباب الغضب الشعبي من الوضع الصحي الحالي، حيث ما تزال المستشفيات تعاني خصاصاً مهولاً في الأطر والتجهيزات، وتفتقر أغلب المناطق إلى خدمات طبية أساسية. الشباب اليوم لا ينتظرون وعوداً بمستقبل بعيد، بل يبحثون عن كرامة علاجية في الحاضر.
كما أن الإشادة بـ”الحوار” تبقى منقوصة ما لم تُفتح قنوات مؤسساتية حقيقية لمشاركة الشباب في القرار العمومي، بعيداً عن المقاربة التواصلية التي تسعى إلى امتصاص الاحتقان أكثر مما تسعى إلى إشراك فعلي.
البيان أكد التزام الحكومة باستكمال تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، وتعزيز الاستثمار وخلق فرص الشغل. لكن الواقع يطرح سؤالاً جوهرياً: أين هي هذه الفرص التي وُعد بها الشباب منذ سنوات؟ وهل تكفي الإجراءات المعلنة لمواجهة نسب البطالة المرتفعة والتفاوتات الاجتماعية التي تتسع؟
إن خطاب الأغلبية الحكومية جاء مطمئناً في الشكل، لكنه يظل قاصراً في المضمون أمام انتظارات الشارع. فجيل اليوم لم يعد يكتفي ببلاغات سياسية ولا بلغة “التجاوب المسؤول”، بل يطالب بخطوات عملية، بجدولة زمنية واضحة، وبحوار حقيقي يترجم إلى سياسات عمومية ناجعة تُغير من واقع التعليم والصحة والتشغيل والسكن.
ختاماً، يمكن القول إن بيان الأغلبية يعكس وعياً متزايداً بضغط الشارع، لكنه ما زال يفتقر إلى الجرأة في اتخاذ قرارات ملموسة. فإرادة الإصلاح تُقاس بالأفعال لا بالكلمات، والشباب المغربي اليوم يطالب بما هو أبعد من التطمينات: يطالب بتعاقد اجتماعي جديد يُعيد الثقة بين المواطن والدولة.
تعليقات ( 0 )