جاري التحميل الآن

المغرب ينهي هيمنة فرنسية على الاقتصاد الوطني..نقابة تهاجم مشروع الشركات الجهوية باعتباره “بوابة لخوصصة القطاع” وتدعو للتصعيد ضده

متابعة عزالدين العلمي.

صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، في رسالة اعتبرها مراقبون موجهة إلى فرنسا.

من الأبناك والتأمينات إلى الحليب ومشتقاته.. الشركات المغربية تُنهي سيطرة فرنسية طويلة على الاقتصاد المغربي، عشية مصادقة مجلس الحكومة المنعقد يوم الخميس الماضي، على مشروع القانون المتعلق بإحداث الشركات الجهوية المتعددة الخدمات لتوزيع الكهرباء والماء، والتطهير السائل، عبر إنشاء اثني عشرة شركة بكل جهات المملكة، سارعت الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل بالمغرب، إلى إعلان رفضها لهذا القانون.

وقالت إن هذا المشروع الذي أشرفت عليه وزارة الداخلية، لم تخضعه لنقاش عمومي ولم تستشر فيه الفرقاء الاجتماعيين وفي مقدمتهم الجامعة الوطنية للماء باعتبارها النقابة الأكثر تمثيلية، رغم الوعود التي تم تقديمها خلال الاجتماع الذي دعت له وزارة الداخلية يوم 10 دجنبر 2021، في شخص العامل مدير شبكات التوزيع المحلية والجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب.

وأوضحت النقابة ذاتها، أن وزارة الداخلية لم تمدها بمشروع القانون المذكور، لإبداء رأيها حوله قبل عرضه على الجهات المختصة.
وكشفت الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، أن وزارة الداخلية، لم تأخذ باقتراحات الجامعة الكتابية التي وجهتها شهر فبراير 2022 لكل الوزارات الموقعة على مذكرة التفاهم المتعلقة بهذه الشركات، وكذا مرافعات الجامعة بخصوص إعادة هيكلة التوزيع الذي ضمنته بمقترح مشروع اتفاق الذي قامت الجامعة بصياغته بعد تكليفها بذلك من قبل ممثلي الوزارات الموقعة على مذكرة التفاهم والمكتب .

وقالت النقابة، “إن قطاع الماء بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب الذي تعتزم الدولة إصلاحه حقق الكثير من النتائج من خلال الأهداف التي سطرت له منذ تأسيسه سنة 1972، حيث تم تكليفه بالتخطيط الاستراتيجي وإنتاج الماء والحفاظ على جودته، وبتكليف كذلك من الدولة تدخل المكتب في مجال توزيع الماء والتطهير السائل بالعديد من المدن والمراكز والجماعات الترابية، وساهم بشكل فعال في تعميم التزود بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي، حيث بلغت نسبة تزويد المواطنين حوالي 99% بالحواضر وأكثر من 97% بالعالم القروي رغم الإكراهات التي واجهها وطبيعة الوسط القروي وتفرق تجمعاته السكانية وتباعد مداشره.

واعتبرت النقابة أيضاً، أن “كل هذه النتائج الإيجابية تحققت بفضل تضافر جهود جميع المستخدمات والمستخدمين بالمكتب حيث أصبح المكتب موضع ثقة المانحين الدوليين، مكنته من تسيير مرفق الماء الصالح للشرب بعدة دول إفريقية، كما أن إنجازاته جعلته يحقق أرباحا لما يزيد عن خمس سنوات متتالية كما أشارت إلى ذلك البلاغات الصحفية للمكتب عقب انعقاد المجلس الإداري للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بوم 27 يوليوز 2021”.

ولكن لا تبدو هذه الروابط الاقتصادية الكبيرة في أفضل حالاتها، أسوة بما يمسّ نظيرتها الدبلوماسية من توترات، وهو ما تكشفه تقارير إعلامية مغربية تتحدث عن أن عدداً من الشركات الفرنسية الكبرى يستعدّ لمغادرة المملكة.
شركات فرنسية تغادر المغرب

يشير تقرير سابق، إلى أن عدداً من الشركات الفرنسية الكبرى يستعد لسحب استثماراته ومغادرة المغرب، على رأسها شركة “ليديك” المكلفة التدبير المفوض للكهرباء والماء والتطهير السائل في الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة.

وأعلنت “الهيئة المغربية لسوق الرساميل” (سوق رأس المال)، المنظّمة لتداول الأسهم ببورصة الدار البيضاء، في يونيو/حزيران الماضي، إيداع مشروع عرض عمومي إجباري لسحب أسھم شركة “ليديك” الفرنسية. وبعدها بأقلّ من شهر في 25 يوليو/تموز، طلبت الهيئة من بورصة الدار البيضاء وقف تداول أسهم الشركة المذكورة.

يأتي هذا بعد أشهر من إعلان مجموعة “جيرفي دانون” الفرنسية، التي تمتلك حصة بـ99.68% في مجموعة “سنطرال دانون” لمنتجات الألبان بالمغرب، استحواذها الكامل على ما تبقى من أسهم الشركة المغربية، في عملية فسرها التقرير الصحفي المذكور بأنها “إعداد لانسحاب سنطرال دانون من بورصة الدار البيضاء”.

في ذات السياق توصل بنك “مصرف المغرب” التابع للمجموعة الفرنسية “كريدي أغريكول” إلى اتفاق مع مجموعة “هولماركوم” المغربية، تستحوذ بموجبه الأخيرة على حصص الفرع المغربي للمجموعة الفرنسية، حسب ما أُعلنَفي بلاغ شهر أبريل/نيسان الماضي.
منافسة محلية قوية

وحسب التقرير، فإن عزم انسحاب “ليديك” من المغرب مرتبط بمشروع الشركات الجهوية الذي شرعت فيه المملكة، وتسهر عليه وزارة الداخلية مباشرة، إذ ستدبّر مؤسسات محلية قطاع توزيع الماء والكهرباء في المدن المغربية، وفق هياكل جديدة.
وأثارت شركات تدبير الماء والكهرباء الفرنسية بالمغرب، على رأسها “ليديك”، مرات عديدة سخط المغاربة، الذين اشتكوا سوء تدبير تلك الشركات وارتفاع فواتيرها.
إلى نفس السبب يرجع التقرير، نية “جيرفي دانون” الانسحاب من المغرب، إذ إن “هوامش الشركة لم تعُد كما كانت منذ ما قبل 2018، ثم تُوجَّه البلاد نحو استراتيجية السيادة الغذائية وتشجيع وتحفيز الشركات المحلية، ومنها بالأساس المنافس المباشر لـ”سنطرال دانون”، مجموعة “كوباك” التعاونية المغربية الخالصة”.
هل تمتد الأزمة الدبلوماسية إلى الاقتصاد؟

تشهد العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس في الآونة الأخيرة فتوراً كبيراً يبلغ حدّ وصف إعلامياً بـ”الأزمة الصامتة”، فيما تعود جذور هذا الوضع إلى الاختلاف حول عدد من الملفات، على رأسها ملف إقليم الصحراء الذي يعدّه المغرب قضيته الوطنية الأولى.

وفي خطابه الأخير الذي خصّص جزءاً كبيراً منه لملف الصحراء، قال صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله: “ننتظر من الدول التي تتبنّى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء أن توضح مواقفها بشكل لا يقبل التأويل”، وأن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”، في رسالة اعتبرها مراقبون موجهة إلى فرنسا.
إضافة إلى هذا الملف، يظهر موضوع تأشيرات دخول التراب الفرنسي الذي أصبح يثير امتعاضاً كبيراً لدى المغاربة، ومطالبة بالمعاملة بالمثل وفرض تأشيرات على الفرنسيين، بعد أن قررت باريس في ديسمبر/كانون الأول الماضي تشديد شروط منح المغاربة الفيزا، ما اعتبرته الخارجية المغربية “قراراً غير مبرَّر”.
في المقابل لم تربط التقارير الصحفية المغربية بين التوترات الدبلوماسية وانسحاب الشركات الفرنسية من المغرب، غير أنها تكشف جانباً من التقلبات التي تعرفها العلاقات الاقتصادية بين شريكين اقتصاديين تقليديين، في وقت أصبح فيه المغرب قبلة لعدد من الاستثمارات الأجنبية الجديدة من دول أخرى.

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك