إصلاحات على الورق.. و طرقات تئن!

إصلاحات على الورق.. و طرقات تئن!

 

✍️ هند بومديان

 

منذ أن فتحنا أعيننا على هذه الحياة، ونحن نرى نفس المشهد يتكرر: طرق تُحفر، آلات تُركن، عمال يتحركون ليوم أو يومين، ثم تختفي الوجوه، وتبقى الحفر شاهدة على عبثية الإصلاح. كل مرة يُعلن عن مشروع إصلاح البنية التحتية، نستبشر خيرًا، ونقول: لعل وعسى يكون هذه المرة مختلفًا، لكن سرعان ما يتبدد الأمل، وتعود الحفر لتبتلع العجلات، وتهدد الأرواح.

 

الطرقات في بلادنا أصبحت مرآة تعكس وجع المواطن، لا تقل عن معاناته مع غلاء المعيشة، أو الصحة أو التعليم. من طنجة إلى الكويرة، ومن المدن الكبرى إلى القرى المنسية، لا يكاد يخلو شارع من تشقق، أو حفرة، أو قنوات مكشوفة. وكأننا في بلد لا يعرف معنى الجودة، أو أن مفهوم “المراقبة والمحاسبة” قد طواه النسيان.

 

أين تذهب الميزانيات؟

 

السؤال الذي يطرحه كل مواطن بسيط يمر من طريق محفوف بالمخاطر هو: إذا كانت الملايين تُصرف سنويًا على مشاريع إصلاح الطرق، فأين هي النتائج؟ هل نحن أمام سوء تدبير؟ أم أن الفساد والتلاعب في الصفقات وراء هذا الواقع البئيس؟

 

الأرقام الرسمية تتحدث عن استثمارات ضخمة في مجال البنية التحتية، لكن الواقع يفضح الكواليس. شركات تتعاقد ثم تنفذ أعمالاً هشّة لا تصمد لأشهر، بل أحيانًا تُترك الطرق دون إتمام، وكأن الهدف ليس خدمة المواطن، بل تمرير الفاتورة فقط.

 

المحاسبة الغائبة

 

المشكل ليس في إصلاح الطرقات، بل في غياب المحاسبة. من يحاسب المقاولات التي لا تلتزم بالمعايير؟ من يُتابع جودة الأشغال؟ ومن يُعيد للمواطن حقه حين يتعرض لحادث بسبب حفرة لم تُردم أو طريق لم تُعبد كما يجب؟ الصمت الرسمي أحيانًا يبدو وكأنه تواطؤ، أو على الأقل، تساهل لا يليق بدولة تسعى للتقدم والعدالة المجالية.

 

ما الحل؟

 

الحل يبدأ من تفعيل آليات المراقبة الحقيقية، ومنح الصفقات لشركات محترفة لا لشركات “الولاءات”. ويبدأ من إشراك المواطن في تقييم المشاريع، وجعل تقارير الجودة علنية. لا يمكن أن نواصل ترقيع الواقع ونحن ندفن رؤوسنا في الإسفلت المهترئ.

 

فإصلاح الطرقات لا يكون فقط بالجرافات، بل بإصلاح الضمير أولًا. حين تُعبد نوايا المسؤولين بالصدق، حينها فقط، ستمتد الطرق فعلاً نحو المستقبل.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)