التوجيه الملكي بين النُبل والتجاهل... الأضاحي تعود إلى الواجهة رغم نداء التضحية من أجل الوطن

التوجيه الملكي بين النُبل والتجاهل… الأضاحي تعود إلى الواجهة رغم نداء التضحية من أجل الوطن

✍️ هند بومديان

 

التوجيه الملكي بين النُبل والتجاهل… الأضاحي تعود إلى الواجهة رغم نداء التضحية من أجل الوطن


 

رغم التوجيه الملكي السامي الذي دعا إلى الامتناع عن ذبح الأضاحي هذا العام، تضامناً مع الظروف الاقتصادية الراهنة، وحفاظاً على الثروة الحيوانية الوطنية، عادت مشاهد الإقبال على اقتناء الأضاحي إلى الواجهة في عدد من الأسواق المغربية، وكأن النداء النبيل مرَّ مرور الكرام لدى فئة من المواطنين.

 

التوجيه الذي جاء في سياق استثنائي، لم يكن قراراً ملزماً، بل نداءً إنسانياً ووطنياً يعكس عمق المسؤولية التي يحملها عاهل البلاد تجاه شعبه وموارده، ورغبة صادقة في ترسيخ قيم التضامن والتنازل المشترك في سبيل المصلحة العامة. غير أن مظاهر التسوق وشراء الأضاحي في مختلف المناطق، تعكس انفصاماً واضحاً بين التوجيه الملكي وبين بعض السلوكيات الفردية التي لا تزال محكومة بالعادة والمظهر الاجتماعي.

 

ففي الوقت الذي اختارت فيه شريحة واسعة من المواطنين الانصياع لروح النداء الملكي، والتضامن بصمت مع الوطن في ظرفية دقيقة، لا تزال فئة أخرى تصرّ على التمسك بالشكل، ولو على حساب الجوهر، وعلى الإبقاء على الطقس، ولو على حساب المبدأ.

 

المسألة اليوم لم تعد مرتبطة بعيدٍ أو طقسٍ ديني فقط، بل هي امتحان لمدى قدرة المواطن المغربي على وضع المصلحة الجماعية فوق الاعتبارات الفردية، ومدى استعداده لتقديم تضحيات حقيقية من أجل إنقاذ الوطن من أزمات مركبة ومتداخلة.

 

الرسالة الملكية كانت واضحة: التضحية اليوم ليست بذبح أضحية، بل بالامتناع عنها. ليست في سفك الدم، بل في حفظ ما تبقّى من القدرة الشرائية، من الثروة الحيوانية، من كرامة العيش. لكن للأسف، لا تزال بعض العقليات أسيرة مظاهر اجتماعية زائفة، غير مدركة أن الوطنية تُقاس في مثل هذه اللحظات الفارقة.

 

إن التحديات التي يواجهها المغرب اليوم تفرض وعياً جماعياً يرتقي فوق العادة، ويستوعب أن التضحية من أجل الوطن لا تُطلب من الدولة وحدها، بل من كل فرد في هذا الوطن، دون استثناء.

 

 

 

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)