مع الحدث – الرباط – عادل الحصار
زاوية الشيخ ماء العينين بالسمارة… معلمة روحية وتاريخية تنتظر الإنصاف
يوم الإثنين 7 أبريل 2025، وبعد صلاة العصر، وصلنا إلى باب زاوية الشيخ ماء العينين بمدينة السمارة، فوجدناه – وللأسف الشديد – مغلقًا، لا يُفتح ولا يُسمح بالدخول إلى بهو هذا المعلم الروحي والعلمي العريق.
لقد كانت الزاوية أيام القيم الراحل، ولد الشيخ محمد إبراهيم، منارة مفتوحة تنشر علم الشيخ ماء العينين، عبر ما جمعه من مخطوطات ومؤلفات بوسائله الخاصة. كان الراحل مرجعا في تاريخ السمارة، وتاريخ الشيخ ماء العينين وأهله، وفي الوقت نفسه إنسانًا بسيطًا، يعاني في صمت، ولا يملك سوى معاشه الزهيد من وزارة العدل، وكان مثالًا للتعفف والتواضع.
اليوم، وبعد رحيله، تُطرح تساؤلات مشروعة: هل وزارة الأوقاف عاجزة عن تعيين قيم وفقيه ومؤذن من سلالة الشيخ ماء العينين؟ وهل يعقل أن تظل الزاوية مغلقة طيلة الأسبوع، ولا تُفتح إلا يوم الجمعة؟
ورغم تخصيص وزارة الثقافة لغلاف مالي لترميم الزاوية، إلا أن هذا الغلاف لم يُستغل بالشكل المطلوب، باستثناء بعض الإصلاحات الطفيفة، لتظل الزاوية في وضعية غير لائقة بتاريخها ورمزيتها، دون أن نسمع من يُنكر هذا الواقع.
زاوية الشيخ ماء العينين ليست فقط معلمة دينية، بل هي شاهد على مغربية الصحراء. فقد بُنيت في عهد الاستعمار الإسباني بمواد وخشب وفُسيفساء أرسلها السلطان مولاي عبد الرحمان. وتعرضت الزاوية خلال عملية “أكفيون” لقصف فرنسي بصاروخ دمّر جزءًا كبيرًا منها، لا يزال شاهدا على بشاعة الاستعمار.
وكان من الأولى أن يتم استثمار ميزانية بناء المسجد المجاور لترميم الزاوية، وتأهيلها لتحتضن قاعات للدراسة وسكنًا للطلبة، إحياءً لروح العلم التي أنارتها لمئات السنين، وخرجت منها آلاف الطلبة الذين انتشر علمهم في بقاع العالم.
الشيخ ماء العينين، هذا العالِم المجاهد، ألّف ما يزيد عن 450 كتابًا، بينما لا تُحصى مؤلفات أبنائه وأحفاده، ما يستوجب فتح مكتبة كبيرة داخل الزاوية لجمع هذا التراث الغزير، وتحويلها إلى قبلة للباحثين والزائرين من كل العالم.
إذا كانت فاس عاصمة علمية للمملكة المغربية، فإن السمارة هي العاصمة العلمية للصحراء المغربية، ويجب أن تحظى بما تستحقه من عناية، في ظل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
تعليقات ( 2 )