القطارات: الثورة العلمية التي غيرت وجه العالم “الحلقة4”

إعداد ـ عبدالهادي سيكي 

توضيب ـ إسماعيل سيكي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحلقة الرابعة ـ الدار البيضاء تشق طريق المستقبل: الملك محمد السادس يُطلق مشاريع سككية تاريخية بقيمة 20 مليار درهم ـ الدار البيضاء تشق طريق المستقبل: 20 مليار درهم لثورة سككية شاملة.

مقدمة

شكل يوم الأربعاء 24 شتنبر 2025 محطة تاريخية في مسار تطوير البنية التحتية للمملكة المغربية، حيث أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس،بعمالة مقاطعة الحي الحسني في الدار البيضاء،على إعطاء انطلاقة حزمة من المشاريع السككية المهيكلة،هذه المشاريع،التي تبلغ كلفتها الإجمالية 20 مليار درهم،ليست مجرد استثمار في السكك الحديدية فحسب، بل هي استثمار في مستقبل التنقل داخل الحاضرة الكبرى للدار البيضاء،وفي تحسين جودة حياة ملايين المواطنين.

رؤية ملكية واستراتيجية شاملة

تندرج هذه المشاريع ضمن برنامج شامل رُصد له غلاف مالي ضخم قدره 96 مليار درهم،يعكس الرؤية المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس الرامية إلى تطوير العرض السككي الوطني،هذه الرؤية تترجم التوجهات الاستراتيجية للمملكة في مجال التنمية المستدامة،من خلال التركيز على تطوير حلول التنقل الجماعي منخفضة الكربون،مما يساهم في تخفيف الازدحام المروري والحد من الانبعاثات الملوثة.

هذا البرنامج المتكامل يأتي مكملاً للمشاريع الكبرى التي أطلقها جلالته،وعلى رأسها الخط السككي فائق السرعة القنيطرة – مراكش،مما يؤكد على نهج منسجم وطموح لمواكبة النمو المطرد للقطاع السككي وربط مختلف أقطاب المملكة بشكل فعال.

مكونات المشروع: شبكة متكاملة للقرن الحادي والعشرين

تم تصميم هذه الحزمة من المشاريع لتكون شاملة ومتكاملة،تلامس جميع جوانب منظومة النقل السككي، وتشمل:

محطات رئيسية من الجيل الجديد:

محطة “الدار البيضاء-الجنوب”(استثمار 700 مليون درهم): وهي قلب المشروع، ستكون محطة متعددة الوسائل تضم 6 أرصفة و10 خطوط لاستقبال جميع أنواع القطارات (البراق فائق السرعة،الخطوط الكبرى،قطارات القرب،القطارات الجهوية،وقطار المطار “آيرو-إكسبريس”). بطاقة استيعابية تصل إلى 12 مليون مسافر سنوياً، وموقف يتسع لـ 700 سيارة، ستتحول إلى قطب حضري دينامي يربط بسلاسة مع شبكات الترامواي والحافلات.

محطة الملعب الكبير “الحسن الثاني” ببنسليمان (استثمار 450 مليون درهم) بطاقة استيعابية تصل إلى 12 مليون مسافر، وستلعب دوراً محورياً في خدمة المحيط الرياضي والحضري للمنطقة.

محطة مطار محمد الخامس الدولي (استثمار 300 مليون درهم): مخصصة لربط المطار بشبكة السكك الحديدية الوطنية بطاقة 5 ملايين مسافر سنوياً، مما يعزز من مكانة الدار البيضاء كقطب لوجستي ودولي.

تطوير شبكة قطارات القرب الحضرية:

إنشاء 10 محطات جديدة خلال 20 شهراً (بكلفة 625 مليون درهم) في مواقع استراتيجية مثل “المحمدية-الكليات”، “زناتة”، “عين السبع”، والحي المحمدي،البرنوضصي،سيدي معروف.

تطوير 3 خطوط رئيسية تمتد على 92 كلم، لربط الأقطاب الحضرية وشبه الحضرية بشكل فعال.

وصول وتيرة القطارات إلى قطار كل 7.5 دقائق عند الاشتراك الكامل في أفق 2030، مع نقل 150 ألف مسافر يومياً.

تعزيز الأسطول والبنية الصناعية:

اقتناء 48 قطاراً جديداً لخدمات القرب والنقل الجهوي،بسعة تزيد عن 1000 مقعد وسرعة 160 كلم/ساعة، باستثمار قدره 7 مليارات درهم.

الشراكة الاستراتيجية مع الشركة الكورية الجنوبية “هيونداي روتيم” والتي تتضمن إنشاء مصنع بالمغرب، مما سيرسخ صناعة سككية وطنية ويكون قاعدة للتصدير في المستقبل.

آثار متعددة الأبعاد: أكثر من مجرد مشروع نقل

هذا المشروع العملاق يحمل في طياته تأثيرات إيجابية متشعبة تمتد إلى تحسين التنقل:

اجتماعياً واقتصادياً: سيُسهم المشروع في خلق آلاف فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة، خلال مراحل البناء والتشغيل. كما سيدفع عجلة التنمية السوسيو-اقتصادية للمناطق المحيطة بالمحطات الجديدة، محفزاً على الاستثمار والتأهيل الحضري.

بيئياً: بتشجيع المواطنين على استخدام النقل الجماعي بدلاً من المركبات الخاصة، يساهم المشروع بشكل كبير في خفض البصمة الكربونية للحاضرة، محققاً أهداف التنمية المستدامة.

تحسين جودة الحياة: تقليل زمن التنقل والحد من الإجهاد اليومي لمستخدمي الطرقات، مما ينعكس إيجاباً على إنتاجية الفرد وجودة حياته.

تحضيراً للاستحقاقات الكبرى: يأتي هذا المشروع استباقاً للاستحقاقات الوطنية الكبرى المتوقعة بحلول 2030، مستعداً لاستقبال أعداد كبيرة من الزوار والمواطنين.

خاتمة: استثمار في المستقبل

إطلاق هذه المشاريع السككية المهيكلة في الدار البيضاء ليس مجرد حدث إعلامي،بل هو ترجمة عملية لإرادة سياسية راسخة لبناء مغرب حديث،متصل ومتواصل وفعال،إنه استثمار طموح في البنية التحتية،يضع المواطن المغربي في صلب اهتماماته،ويرسم ملامح مستقبل يكون فيه التنقل السريع،الآمن،والمستدام حقاً للجميع،من خلال هذه الرؤية،تؤكد المملكة المغربية،تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس،على عزمها الثابت لمواكبة ريادة الدول المتقدمة في مجال النقل واللوجستيك.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)