Categories
الواجهة طالع طلقها تسرح متفرقات

السياسة كما يراها مشاغب الفصل… مهارة في الكلام وفن المراوغة

 

كنا في حصة للعلوم السياسية، نتحدث عن الأحزاب والانتخابات القادمة، فقررت الخروج قليلاً عن الموضوع وسألت الطلاب عن تطلعاتهم السياسية. لاحظت أن معظمهم غير مبالين، بينما طالب مشاغب، عادة مولوع بالكرة والفن، كان الأكثر اهتماماً
لم تلقى الفكرة أي تفاعل سوى من ذالك المشاغب، فسالته مباشرة : هل فكرتت يوماً في دخول عالم السياسة،؟
فأجاب بكل ثقة : نعم استاذ 😏
إنفجر المدرج بالضحك، بعد محاولاي إسكات الطلاب و طلب منهم إحترام زميلهم ، ثم توجهت إلبه بسؤال، هل أنت قادر عليها؟
أجاب بثقة: بالطبع…
فابتسمت مع اصوات ضحت و بعض الكلام الساخر من الخلف لاكن لم يطل كثيرا ثم قلت : هل تملك برنامجاً قوياً أو رؤية عميقة؟

ابتسم بتهكم ثم قال: السياسة لا تحتاج فقط إلى برنامج أو رؤية، بل إلى موهبة في التمثيل، ومهارة في المراوغة، وقدرة على جعل الكذب يبدو صادقاً.

أصيب المدرج بالذهول، فطلبت منه التقدم و شرح لنا ما الذي يعنيه.
وقف أمام اصدقائه حمل قلم و بدأ كتابة في السبورة :

أولا :
فن الكلام.

مذا تقصد بذالك؟

فأجاب :

السياسة أولاً هي فن الكلام. مثل لاعب كرة يعرف كيف يراوغ خصومه دون أن يفقد الكرة، أو ممثل يبدل نبرته في اللحظة المناسبة ليكسب تصفيق الجمهور. الكلمة في السياسة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل درع يحميك من السقوط في فخ الحقيقة.
بدأ الطلاب بالتصفيق و تشجيع بعدما كانو يسخرون منه اصبحو يشجعونه، إبتسم و أكمل،

ثانيا :
أن تتقن فن الهروب وتغيير الموضوع

ماذا تقصد؟ محاولا أن أخرج منه المزيد من الكلام

أضاف:

حين يداهمك سؤال محرج مثل ما فعل الاستاذ الآن (بدأ الجميع يضحك) ، تبدأ اللعبة الثانية.
صمت الجميع و كلنا مركزين معه؛

أنت في مشهد مسرحي، تُغيّر الإضاءة فجأة وتُبدّل الحوار لتأخذ الجمهور في اتجاه آخر. في كرة القدم، هذه لحظة تمريرة خلفية، تُبعد الخطر وتعيد ترتيب الصفوف، بينما المتفرجون يظنون أنك ما زلت تهاجم.

اندهش الطلاب بزميلهم وسط الذهول اضاف قائلا
ثالثا :
أن تكون بارعا في فن الكذب وصناعة الوعود:
فبدأ الطلاب يتفاعلون معه: كاينة،. عندك صح، فطلبت منهم الهدوء و ترك زميلهم يكمل كلامه، إشرح لنا ماذا تعني؟

هذا الدور يمكنه وصفه بدور الأكبر في السياسة، فن الكذب الجميل. أن تعد الناس بما تحلم أنت أن تصدقه، أن تصنع من الكلمات جسراً نحو “الغد الأفضل”. تماماً كفيلم سينمائي بميزانية ضخمة، مؤثراته مبهرة، لكن نهايته معلّقة في الهواء. وعندما يُسألك أحدهم عن الوعود المؤجلة، تتقن أداء الدور: ترفع حاجبيك بثقة، وتقول إن الطريق طويل… ولكن النهاية قريبة.

فقاطعته بأن هناك مطالبة بالمحاسبة فاكمل،
استاذي تمهل هنا رابعا ضحك الجميع، فقال :
فن المراوغة وتحويل اللوم
سالته بمعنى؟
قال:
حين تتجه الأصابع نحوك، فهنا تبدأ المباراة الحقيقية. كل سياسي محترف يعرف أن الدفاع يبدأ بتحويل الاتجاه. تمرر الكرة بسرعة إلى جهة أضعف منك، تتركها تتحمل الصدمة بينما تظل أنت واقفاً في منتصف الميدان، أنيقاً، هادئاً، وكأن شيئاً لم يكن. في السينما، يسمونها “لقطة الخروج الذكي”، حين ينجو البطل دون أن تتسخ بدلته.

اندهش الجميع و بدؤ التصفيق و الهتاف بمصطلحات كثيرة حاولت تهدئة المدرج فاكملت الكلام

إذن السياسة بالنسبة لك ليست مهنة،
فقاطعني و قال :
بل هي عرض طويل لا ينتهي — مزيج من مباراة حامية، ومسرحية متقنة الإخراج، وفيلم مليء بالمفاجآت. من يتقن المراوغة والبقاء واقفاً بعد كل سقوط… هو من يستحق التصفيق في النهاية.

نظرت إلى زملائه، وكان رد فعلهم تصفيقاً حاراً وتشجيعاً، مع إدراكهم أن هذا الطالب صريح معهم ويفهم طبيعة السياسة بشكل واقعي، حتى وإن لم يكن سيترشح فعلياً.

ولا نستغرب إن وجدناه يوماً أميناً عاماً لحزب ما😂

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات طلقها تسرح

نموذج بوتسوانا: الماس والنزاهة في قلب إفريقيا…من دولة فقيرة إلى قصة نجاح تنموية

الحلقة3

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعداد ـ ذ/عبدالهادي سيكي 

توضيب ـ إسماعيل سيكي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بوتسوانا: عندما تنتفض الدولة ضد الفساد والجريمة

الماس الثروة الطبيعية…من لعنة الموارد إلى نعمة الغنى والإستقرار

الوضع السابق: دولة فقيرة عند الاستقلال

عند حصولها على الاستقلال في عام 1966، كانت بوتسوانا من أفقر دول العالم، حيث تعتمد على الزراعة البدوية ومساعدة بريطانيا،لم تكن هناك بنية تحتية تذكر،وكانت معدلات التعليم والرعاية الصحية متدنية للغاية.

المفارقة والتحدي: اكتشاف الماس

بعد الاستقلال بفترة قصيرة،اكتشفت بوتسوانا كميات هائلة من الماس،وفقًا “للعنة الموارد” التي عانت منها دول إفريقية أخرى (مثل نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية)،حيث أدى اكتشاف النفط والمعادن إلى حروب أهلية وفساد مريع،كان التحدي هو كيف ستتجنب بوتسوانا هذه اللعنة؟

استراتيجيات وسياسات مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة

1. القيادة النزيهة و”الثقافة السياسية”

الرئيس سيريتسي كاما (أول رئيس بعد الاستقلال): أرسى تقاليد سياسية قائمة على النزاهة والتخطيط طويل الأمد،رفض تعيين أفراد عائلته في مناصب حكومية،وعاش حياة متواضعة.

ثقافة الحوار والتوافق: نظامًا سياسيًا ديمقراطيًا مستقرًا يقوم على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة،بعيدًا عن العنف والانقلابات التي أنهكت جيرانها.

2. المؤسسات القوية والمستقلة

إنشاء ديوان التدقيق والمحاسبة1970): جهاز رقابي مستقل لمراجعة حسابات جميع الهيئات الحكومية).

إنشاء لجنة مكافحة الفساد (1994):

استقلاليتها: تتمتع باستقلال كبير في التحقيق مع أي شخص، بمن فيهم كبار المسؤولين.

الوقاية والتوعية: لا تركز فقط على الملاحقة، بل على منع الفساد من خلال برامج توعوية للجمهور والموظفين.

السرية وحماية المبلغين.

3. الإدارة الرشيدة للثروة الطبيعية (الماس)

هذا هو العامل الحاسم في نجاح بوتسوانا:

الشراكة العادلة مع ديبيرز: تفاوضت الحكومة بذكاء مع شركة دي بيرز العالمية لتأسيس شركة ديبسوانا للماس بنسبة 50% للحكومة و50% للشركة. وهذا أعطى الدولة عائدًا ضخمًا وعادلًا.

إنشاء “صناديق السيادة” (Pula Fund): بدلاً من إنفاق عائدات الماس بتبذير، قامت الحكومة بتحويل جزء كبير منها إلى صندوق ثروة سيادي وطني لاستثماره للأجيال القادمة. اسم الصندوق “بولا” يعني “المطر” في لغة سيتسوانا، رمزًا للبركة والاستدامة.

الشفافية في العائدات: التزمت الحكومة بالشفافية في الإفصاح عن عائدات الماس، مما قلل من فرص اختلاس الأموال.

4. الاستثمار في التنمية البشرية والبنية التحتية

إعادة استثمار عائدات الماس في البلاد: تم ضخ الأموال في:

التعليم المجاني حتى المرحلة الثانوية.

الرعاية الصحية الشاملة والمجانية تقريبًا، مما ساهم في مكافحة فيروس الإيدز بشكل فعال.

بناء البنية التحتية من طرق ومطارات واتصالات.

 

النتائج والتأثير: “المعجزة الإفريقية”

مؤشرات مكافحة الفساد:

تحتل بوتسوانا دائمًا المرتبة الأولى بين الدول الأقل فسادًا في إفريقيا، وتتفوق على العديد من الدول الأوروبية حسب مؤشر الشفافية الدولية.

مؤشرات النمو الاقتصادي:

تحولت من واحدة من أفقر الدول إلى دولة ذات دخل فوق المتوسط.

نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ارتفع من حوالي 70 دولارًا عند الاستقلال إلى أكثر من 7,000 دولار أمريكي اليوم.

تحقيق أحد أسرع معدلات النمو الاقتصادي في العالم لعقود.

الاستقرار السياسي والاجتماعي:

لم تشهد أي انقلاب عسكري منذ استقلالها،وهو أمر نادر في المنطقة.

انتخابات حرة ونزيهة وتداول سلمي للسلطة.

مجتمع متماسك ومستقر.

الدروس المستفادة من تجربة بوتسوانا

الثروة الطبيعية نعمة وليست لعنة”: أثبتت بوتسوانا أن “لعنة الموارد”هي نتيجة لسوء الإدارة والفساد،وليست قدرًا محتومًا،المفتاح هو الإدارة الرشيدة والشفافية.

أهمية القيادة الأخلاقية من البداية: وضع الأسس الصحيحة منذ الاستقلال من قبل قادة نزهاء كان عاملاً حاسمًا.

بناء المؤسسات قبل تدفق الثروة: قامت بوتسوانا ببناء أطر مؤسسية قوية (كالديوان ولجنة مكافحة الفساد) لإدارة الثروة المتوقعة، وليس بعد فوات الأوان.

الاستثمار في المستقبل: بوعي الأجيال القادمة من خلال صناديق الثروة السيادية.

الاستقرار السياسي شرط أساسي للازدهار الاقتصادي: جذب الاستقرار الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى خارج قطاع التعدين.

خلاصة:

بوتسوانا هي التجربة السحرية التي أبطلت مفعول”لعنة الموارد”في إفريقيا،لقد أثبتت أن الثقافة السياسية النزيهة، والمؤسسات القوية،والإدارة الحكيمة للثروة يمكن أن تحول دولة فقيرة إلى قصة نجاح تنموية،حتى في قبة تعاني من عدم الاستقرار، بينما تواجه بوتسوانا اليوم تحديات جديدة مثل عدم المساواة في الدخل والاعتماد الشديد على الماس، إلا أن الأساس المتين من النزاهة والحكم الرشيد يمنحها أفضل فرصة لمواجهة هذه التحديات.

بمقارنة سنغافورة وبوتسوانا،نجد قاسمًا مشتركًا رئيسيًا: الإرادة السياسية الحقيقية لبناء مؤسسات قوية ونزيهة منذ البداية،هذا هو العامل الذي يميز الناجحين عن غيرهم في معركة مكافحة الفساد والجريمة وتحقيق التنمية.

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات طلقها تسرح

نموذج سنغافورة: من مستنقع الفساد إلى دولة الرفاهية والنزاهة

الحلقة2

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعداد ـ ذ/عبدالهادي سيكي 

توضيب ـ إسماعيل سيكي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سنغافورة: عندما تنتفض الدولة ضد الفساد والجريمة

الماس الثروة الطبيعية…من لعنة الموارد إلى نعمة الغنى والإستقرار

تعتبر سنغافورة النموذج الأكثر إشراقًا ووضوحًا في العالم للنجاح في خفض معدلات الجريمة والفساد وتحقيق ازدهار اقتصادي مذهل،فيما يلي تحليل مفصل لهذه التجربة:

نموذج سنغافورة: من مستنقع الفساد إلى دولة الرفاهية والنزاهة

الوضع السابق: “مستنقع الجريمة والفساد” في الخمسينيات

بعد الاستقلال، كانت سنغافورة دولة صغيرة فقيرة، تفتقر إلى الموارد الطبيعية، وتعاني من:

تفشي الفساد الإداري والمالي: كان الرشوة أمرًا شائعًا للحصول على أبسط الخدمات الحكومية.

انتشار الجريمة المنظمة والعصابات: كانت الشوارع غير آمنة، وتسيطر العصابات على أحياء كاملة.

بطالة مرتفعة وأوضاع معيشية صعيمة في أحياء عشوائية.

انعدام الثقة بين المواطن والدولة.

الرؤية والإرادة السياسية: “لي كوان يو”

قاد رئيس الوزراء الراحل لي كوان يو حملة شاملة للتغيير، مؤمنًا بأن النزاهة هي أساس البناء، وأنه “لا يمكنك تطوير اقتصاد في مناخ من الفساد”.

الاستراتيجيات والسياسات الرئيسية التي اتبعتها سنغافورة

1. مكافحة الفساد: صفر تسامح

تم إنشاء مكتب التحقيقات في الممارسات الفاسدة في عام 1952،وتم منحه صلاحيات استثنائية، منها:

الاستقلالية الكاملة: المكتب تابع لمكتب رئيس الوزراء مباشرة،مما يجعله في مأمن من الضغوط السياسية.

صلاحيات واسعة: يمكن لموظفي اعتقال أي مشتبه به دون الحاجة لموافقة مسبقة، وتفتيش حساباته المصرفية وممتلكاته.

محاسبة الكبار قبل الصغار: كانت الاستراتيجية واضحة: “اصطاد السمكات الكبيرة”. لم يكن هناك شخص “مقدس”، حيث تم محاكمة وزراء ومسؤولين كبار.

تبسيط الإجراءات وخفض صلاحيات الموظفين: قللت الحكومة من الحاجة إلى التراخيص والمعاملات الورقية، مما قلل فرص طلب الرشاوى.

رواتب تنافسية للموظفين العموميين: دفعت الدولة رواتب عالية جدًا للوزراء والموظفين الكبار (قد تصل لملايين الدولارات سنويًا) كحافز للنزاهة وتعويض عن إغراءات الرشوة.

2. خفض معدل الجريمة: سيادة القانون والعدالة الفعالة

قوانين صارمة وواضحة: تطبق على الجميع دون استثناء، حتى المخالفات البسيطة (مثل البصق في الأماكن العامة أو تخريب الممتلكات) تترتب عليها عقوبات قاسية (الغرامات الضخمة، الجلد، السجن).

تطبيق القانون بشكل عادل ومستمر: وجود شرطة فعالة ونزيهة منتشرة في كل مكان.

العقاب الرادع: مثل عقوبة الإعدام الإلزامية في قضايا الاتجار بالمخدرات وحمل الأسلحة النارية.

الاستثمار في التكنولوجيا: إنشاء شبكة كاميرات مراقبة واسعة النطاق في الأماكن العامة لردع المجرمين.

3. البناء الاجتماعي والاقتصادي: خلق مجتمع مزدهر

أدركت القيادة أن مكافحة الجريمة والفساد لا تكفي بدون بناء بديل إيجابي:

الاستثمار في التعليم: نظام تعليمي مجاني وإلزامي عالي الجودة،يركز على قيم النزاهة والمواطنة.

الإسكان العام: قامت الحكومة ببناء مشاريع إسكان عامة (مجلس الإسكان والتنمية نظيفة وآمنة، وساهمت في تفكيك العصابات وإعادة تكوين النسيج الاجتماعي.

النمو الاقتصادي القائم على الجذب الاستثماري: بسبب انخفاض الفساد وارتفاع الأمان، أصبحت سنغافورة جنة للمستثمرين الأجانب، الشركات العالمية تتجه إلى سنغافورة لأنها تضمن:

شفافية المعاملات.

حماية قانونية للملكية الفكرية والعقود.

بنية تحتية متميزة.

التركيز على الجدارة: حيث يتم تعيين الأفراد في المناصب بناء على كفاءتهم وليس على محسوبيات أو وساطات.

النتائج والتأثير: “المعجزة السنغافورية”

مؤشرات مكافحة الفساد:

تحتل سنغافورة باستمرار المرتبة الرابعة أو الخامسة بين الدول الأقل فسادًا في العالم حسب مؤشر الشفافية الدولية. (كانت تحتل مراكز متأخرة جدًا في الماضي).

مؤشرات الأمن والجريمة:

تعتبر سنغافورة واحدة من أكثر مدن العالم أمانًا على الإطلاق. معدلات جرائم العنف منخفضة جدًا.

يمكن للمشاة السير في الشوارع في أي وقت ليلاً دون خوف.

مؤشرات الازدهار الاقتصادي:

نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي: من أعلى النسب في العالم (أكثر من 60,000 دولار أمريكي).

مركز مالي عالمي: أصبحت أحد أهم مراكز التمويل والتجارة في العالم.

مستوى معيشي مرتفع: يتمتع المواطنون بمستوى معيشة يضاهي الدول الغربية المتقدمة.

الدروس المستفادة من نموذج سنغافورة

الإرادة السياسية الحقيقية هي حجر الزاوية: بدون قيادة نزيهة وعازمة على التغيير، تفشل أي استراتيجية.

المساءلة تبدأ من القمة: عندما يرى الشعب محاكمة المسؤولين الكبار،يثق بالنظام ويقتنع بعدالة القوانين.

الشمولية في العلاج: لم تركز سنغافورة على الجانب الأمني فقط، بل جمعت بين القانون الصارم، والمؤسسات الفعالة،والرواتب العادلة،والبناء الاجتماعي والاقتصادي.

الثقافة قابلة للتغيير: غيرت سنغافورة ثقافة مجتمع كانت تتقبل الفساد إلى ثقافة مجتمع يفخر بالنزاهة.

الاستثمار في الوقاية: من خلال التعليم وخلق الفرص الاقتصادية،تقلصت الدوافع الأساسية للجريمة والفساد.

خلاصة:

سنغافورة هي الدليل الحي على أن الفساد والجريمة ليسا قدرًا محتومًا لأي شعب إنهما ناتجان عن خيارات سياسية ومؤسساتية،بالقيادة الحكيمة،والإستراتيجية الشاملة،وتطبيق القانون بشكل عادل ورادع،يمكن تحويل دولة من براثن الفوضى إلى نموذج عالمي للازدهار والأمان.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات طلقها تسرح

القطارات: الثورة العلمية التي غيرت وجه العالم “الحلقة4”

إعداد ـ عبدالهادي سيكي 

توضيب ـ إسماعيل سيكي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحلقة الرابعة ـ الدار البيضاء تشق طريق المستقبل: الملك محمد السادس يُطلق مشاريع سككية تاريخية بقيمة 20 مليار درهم ـ الدار البيضاء تشق طريق المستقبل: 20 مليار درهم لثورة سككية شاملة.

مقدمة

شكل يوم الأربعاء 24 شتنبر 2025 محطة تاريخية في مسار تطوير البنية التحتية للمملكة المغربية، حيث أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس،بعمالة مقاطعة الحي الحسني في الدار البيضاء،على إعطاء انطلاقة حزمة من المشاريع السككية المهيكلة،هذه المشاريع،التي تبلغ كلفتها الإجمالية 20 مليار درهم،ليست مجرد استثمار في السكك الحديدية فحسب، بل هي استثمار في مستقبل التنقل داخل الحاضرة الكبرى للدار البيضاء،وفي تحسين جودة حياة ملايين المواطنين.

رؤية ملكية واستراتيجية شاملة

تندرج هذه المشاريع ضمن برنامج شامل رُصد له غلاف مالي ضخم قدره 96 مليار درهم،يعكس الرؤية المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس الرامية إلى تطوير العرض السككي الوطني،هذه الرؤية تترجم التوجهات الاستراتيجية للمملكة في مجال التنمية المستدامة،من خلال التركيز على تطوير حلول التنقل الجماعي منخفضة الكربون،مما يساهم في تخفيف الازدحام المروري والحد من الانبعاثات الملوثة.

هذا البرنامج المتكامل يأتي مكملاً للمشاريع الكبرى التي أطلقها جلالته،وعلى رأسها الخط السككي فائق السرعة القنيطرة – مراكش،مما يؤكد على نهج منسجم وطموح لمواكبة النمو المطرد للقطاع السككي وربط مختلف أقطاب المملكة بشكل فعال.

مكونات المشروع: شبكة متكاملة للقرن الحادي والعشرين

تم تصميم هذه الحزمة من المشاريع لتكون شاملة ومتكاملة،تلامس جميع جوانب منظومة النقل السككي، وتشمل:

محطات رئيسية من الجيل الجديد:

محطة “الدار البيضاء-الجنوب”(استثمار 700 مليون درهم): وهي قلب المشروع، ستكون محطة متعددة الوسائل تضم 6 أرصفة و10 خطوط لاستقبال جميع أنواع القطارات (البراق فائق السرعة،الخطوط الكبرى،قطارات القرب،القطارات الجهوية،وقطار المطار “آيرو-إكسبريس”). بطاقة استيعابية تصل إلى 12 مليون مسافر سنوياً، وموقف يتسع لـ 700 سيارة، ستتحول إلى قطب حضري دينامي يربط بسلاسة مع شبكات الترامواي والحافلات.

محطة الملعب الكبير “الحسن الثاني” ببنسليمان (استثمار 450 مليون درهم) بطاقة استيعابية تصل إلى 12 مليون مسافر، وستلعب دوراً محورياً في خدمة المحيط الرياضي والحضري للمنطقة.

محطة مطار محمد الخامس الدولي (استثمار 300 مليون درهم): مخصصة لربط المطار بشبكة السكك الحديدية الوطنية بطاقة 5 ملايين مسافر سنوياً، مما يعزز من مكانة الدار البيضاء كقطب لوجستي ودولي.

تطوير شبكة قطارات القرب الحضرية:

إنشاء 10 محطات جديدة خلال 20 شهراً (بكلفة 625 مليون درهم) في مواقع استراتيجية مثل “المحمدية-الكليات”، “زناتة”، “عين السبع”، والحي المحمدي،البرنوضصي،سيدي معروف.

تطوير 3 خطوط رئيسية تمتد على 92 كلم، لربط الأقطاب الحضرية وشبه الحضرية بشكل فعال.

وصول وتيرة القطارات إلى قطار كل 7.5 دقائق عند الاشتراك الكامل في أفق 2030، مع نقل 150 ألف مسافر يومياً.

تعزيز الأسطول والبنية الصناعية:

اقتناء 48 قطاراً جديداً لخدمات القرب والنقل الجهوي،بسعة تزيد عن 1000 مقعد وسرعة 160 كلم/ساعة، باستثمار قدره 7 مليارات درهم.

الشراكة الاستراتيجية مع الشركة الكورية الجنوبية “هيونداي روتيم” والتي تتضمن إنشاء مصنع بالمغرب، مما سيرسخ صناعة سككية وطنية ويكون قاعدة للتصدير في المستقبل.

آثار متعددة الأبعاد: أكثر من مجرد مشروع نقل

هذا المشروع العملاق يحمل في طياته تأثيرات إيجابية متشعبة تمتد إلى تحسين التنقل:

اجتماعياً واقتصادياً: سيُسهم المشروع في خلق آلاف فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة، خلال مراحل البناء والتشغيل. كما سيدفع عجلة التنمية السوسيو-اقتصادية للمناطق المحيطة بالمحطات الجديدة، محفزاً على الاستثمار والتأهيل الحضري.

بيئياً: بتشجيع المواطنين على استخدام النقل الجماعي بدلاً من المركبات الخاصة، يساهم المشروع بشكل كبير في خفض البصمة الكربونية للحاضرة، محققاً أهداف التنمية المستدامة.

تحسين جودة الحياة: تقليل زمن التنقل والحد من الإجهاد اليومي لمستخدمي الطرقات، مما ينعكس إيجاباً على إنتاجية الفرد وجودة حياته.

تحضيراً للاستحقاقات الكبرى: يأتي هذا المشروع استباقاً للاستحقاقات الوطنية الكبرى المتوقعة بحلول 2030، مستعداً لاستقبال أعداد كبيرة من الزوار والمواطنين.

خاتمة: استثمار في المستقبل

إطلاق هذه المشاريع السككية المهيكلة في الدار البيضاء ليس مجرد حدث إعلامي،بل هو ترجمة عملية لإرادة سياسية راسخة لبناء مغرب حديث،متصل ومتواصل وفعال،إنه استثمار طموح في البنية التحتية،يضع المواطن المغربي في صلب اهتماماته،ويرسم ملامح مستقبل يكون فيه التنقل السريع،الآمن،والمستدام حقاً للجميع،من خلال هذه الرؤية،تؤكد المملكة المغربية،تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس،على عزمها الثابت لمواكبة ريادة الدول المتقدمة في مجال النقل واللوجستيك.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي المبادرة الوطنية الواجهة جهات طلقها تسرح

الإنسان والفساد والجريمة: الجريمة والفساد كعائق للتنمية،معطِّل للاقتصاد،ومُخَرِّب للمجتمعات

الحلقة الأولى:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعداد ـ ذ/عبدالهادي سيكي 

توضيب ـ إسماعيل سيكي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تُعد الجريمة من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة،فهي ليست مجرد انتهاكات للقانون أو أفعالاً تضر بالأفراد والممتلكات،بل هي ظاهرة معقدة تشكل فسادا وسرطانًا ينخر في جسد المجتمع بأسره،تمتد آثارهما لتطال الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتنموية وحتى الأخلاقية،مما يحول دون تقدم الأمم وازدهارها،يهدف هذا المقال إلى تحليل الآثار متعددة الأبعاد للجريمة والفساد،وإظهار كيف أنهما يشكالان عائقًا أمام التنمية المستدامة،وتعطيل عجلة الاقتصاد،وتؤديان إلى تدهور النسيج الاجتماعي.

الفصل الأول: الإطار النظري والمفاهيمي

1. تعريف الجريمة:

لغةً واصطلاحًا: الجريمة في اللغة من الجرم (التعدي)، واصطلاحًا هي كل فعل أو امتناع مخالف للقانون ومستوجب العقاب.

التعريف القانوني: كل فعل يُجرِّمه القانون ويوقع عقابًا على مرتكبه.

التعريف الاجتماعي: أي سلوك منحرف يهدد أمن المجتمع وقيمه ومعاييره.

2. أنواع الجريمة المؤثرة على التنمية والاقتصاد:

الجريمة المنظمة: مثل الاتجار بالمخدرات،والسلاح،والاتجار بالبشر،تبييض الأموال،تهريب الممنوعات.

الجريمة الاقتصادية: مثل الفساد المالي والإداري،والغش،والتهرب الضريبي.

جرائم العنف: التي تهدد الأمن الشخصي وتقوض الاستقرار.

جرائم الفضاء الإلكتروني: التي تستهدف البنية التحتية المالية والمعلوماتية.

3. مفهوم التنمية الشاملة:

عملية شاملة ومستدامة تشمل النمو الاقتصادي،والتقدم الاجتماعي،والاستقرار السياسي، ورفاهية الأفراد والمجتمعات.

الفصل الثاني: كيف تعيق الجريمة عملية التنمية؟

1. استنزاف الموارد الوطنية:

تحويل جزء كبير من الميزانيات الوطنية من مشاريع التنمية (كالتعليم والصحة والبنية التحتية) إلى تمويل قطاعات الأمن والسجون والقضاء.

تكاليف مباشرة: الإنفاق على أجهزة الشرطة،النظام القضائي، السجون،مراكز إعادة التأهيل.

تكاليف غير مباشرة: الخسائر الناجمة عن تعطيل الطاقات البشرية والإنتاجية.

2. تآكل رأس المال البشري:

الجهل والجريمة: تساهم الجريمة في تفشي الجهل من خلال تهريب الأطفال من المدارس إلى سوق العمل غير القانوني أوتوظيفها في العصابات والتسول.

تدهور الصحة: جرائم المخدرات تدمر الصحة العامة وتزيد من أعباء القطاع الصحي.

هجرة الأدمغة: تهاجر الكفاءات والعقول المفكرة من المجتمعات ذات معدلات الجريمة المرتفعة بحثًا عن بيئة أكثر أمانًا.

3. تدمير البنية التحتية:

تستهدف الجريمة المنظمة البنية التحتية الحيوية(كخطوط الكهرباء،أنابيب النفط،شبكات الاتصالات)من أجل تحقيق مكاسب غير مشروعة،مما يعطل خدمات أساسية ويؤخر مشاريع التنمية.

الفصل الثالث: الآثار الاقتصادية للجريمة (تعطيل الاقتصاد)

1. انخفاض الاستثمار المحلي والأجنبي:

المستثمرون يتجنبون المناطق غير الآمنة بسبب المخاطر العالية على رؤوس أموالهم وممتلكاتهم.

يؤدي عدم الاستقرار الأمني إلى هروب رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج.

2. تشويه صورة الدولة وتراجع السياحة:

ارتفاع معدلات الجريمة،خاصة جرائم العنف والسرقة،يؤدي إلى تراجع أعداد السياح، مما يخفض الدخل من العملة الصعبة ويدمر قطاعًا اقتصاديًا حيويًا.

3. تفشي البطالة وانتشار الاقتصاد غير الرسمي:

تدفع الجريمة بالعديد من الأفراد،خاصة الشباب،إلى سوق العمل غير الرسمي أو الأنشطة غير المشروعة (كالتهريب،والتزوير) بدلاً من الانخراط في الاقتصاد المهيكل والمنظم.

خسارة الإنتاجية بسبب انخراط شريحة شبابية في الأنشطة الإجرامية بدلاً من الإنتاجية.

4. تشويه أسواق المال والمنافسة:

غسل الأموال الناتج عن الجريمة يشوه البيانات المالية ويخلق منافسة غير عادلة في الأسواق.

جرائم الفساد والرشوة تؤدي إلى احتكارات وعدم كفاءة في تخصيص الموارد.

5. ارتفاع تكاليف ممارسة الأعمال:

على الشركات تحمل تكاليف إضافية للحراسة،وأنظمة مراقبة،وتأمين ضد السرقة،مما يرفع تكاليف الإنتاج ويقلل الربحية.

الفصل الرابع: الجريمة وتخريب المجتمعات

1. تفكك النسيج الاجتماعي وانهيار الثقة:

الجريمة، وخاصة العنيفة منها، تدمر الثقة بين أفراد المجتمع، وتقضي على روح التعاون والتكافل.

تنامي الشعور بالخوف وانعدام الأمن، مما يحد من حركة الأفراد وأنشطتهم الاجتماعية.

2. تآكل شرعية الدولة وسلطة القانون:

عندما تنتشر الجريمة والفساد،يفقد المواطنون الثقة في قدرة الدولة على حمايتهم وتطبيق العدالة.

قد يلجأ الأفراد إلى “العدالة الخاصة”أو العصابات للحصول على حقوقهم، مما يقوض سلطة الدولة.

3. انتشار ثقافة الانحراف وقيم سلبية:

تخلق الجريمة بيئة تنتشر فيها قيم الكسب السريع، والوصول إلى الثروة بغير حق، والاحتقار للقانون.

تصبح النماذج الإجرامية “قدوة” للشباب المحروم من الفرص.

4. آثار نفسية واجتماعية عميقة:

الضحايا: يعانون من صدمات نفسية جسدية وعاطفية قد تدوم مدى الحياة.

المجرمون أنفسهم: يتم تهميشهم وإقصاؤهم، مما يسهل عودتهم للإجرام (ظاهرة العود).

الفصل الخامس: دراسات حالة

1. حالة أمريكا اللاتينية:

كيف أعاقت تجارة المخدرات والجريمة المنظمة التنمية الاقتصادية في دول مثل كولومبيا والمكسيك، وأدت إلى ارتفاع معدلات الفقر والعنف.

2. حالة الصومال:

كيف دمرت القرصنة والصراعات الداخلية الاقتصاد وأبعدت الاستثمارات الخارجية لعقود.

3. نجاح سنغافورة في مكافحة الجريمة:

كيف ساهمت السياسات الصارمة والفعالة في مكافحة الجريمة والفساد في جعل سنغافورة واحدة من أكثر الدول أمانًا وازدهارًا في العالم.

الخاتمة والنتائج

النتائج:

الجريمة ليست مشكلة أمنية فحسب،بل هي معضلة تنموية واقتصادية واجتماعية شاملة.

تخلق الجريمة حلقة مفرغة: الفقر والبطالة يغذيان الجريمة،والجريمة بدورها تعمق الفقر وتقتل فرص التنمية.

الآثار المدمرة للجريمة تمتد عبر الأجيال،مما يصعب عملية الإصلاح.

التوصيات:

معالجة الأسباب الجذرية: مكافحة الفقر،والبطالة، والجهل،والظلم الاجتماعي.

تعزيز سيادة القانون: إصلاح القضاء، ومكافحة الفساد، وضمان محاسبة الجميع.

تبني استراتيجيات وقائية: الاستثمار في التعليم، والرياضة،والصحة، والبرامج الاجتماعية لشغل أوقات الشباب.

تعزيز التعاون الدولي: لمكافحة الجريمة العابرة للحدود مثل الإرهاب والاتجار بالبشر.

إشراك المجتمع المدني: في برامج التوعية وإعادة تأهيل المجرمين.

حث النخبة السياسية والأحزاب وهيئات المجتمع المدني على جدولة برامج فعالية للحد من الجريمة بكل أنواعها،في برامجهم الانتخابية.

تفعيل دور الدولة الصارم في المراقبة والرصد، وربط المسؤولية بالمحاسبة،وتشديد العقوبات على المفسدين والمجرمين،والمتورطين ناهبي المال العام،ومستغلي السلطة والنفوذ لنهب ثروات الوطن.

تجديد الترسانات القانونية بإستمرار لمواكبة أساليب تطور الجريمة والفساد بكل أنواعهما.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات طلقها تسرح

القطارات: الثورة العلمية التي غيرت وجه العالم “الحلقة 3”

إعداد ـ عبدالهادي سيكي 

توضيب ـ إسماعيل سيكي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحلقة الثالثة

البراق.. يقود المغرب إلى نادي العمالقة: تاريخ ومسار السكك الحديدية من 1911 إلى الزمن الفائق

المقدمة

يشكل نظام السكك الحديدية في المغرب شريانًا حيويًا للاقتصاد والتنقل الاجتماعي والخدماتي،لا يقتصر دوره على نقل البضائع والركاب فحسب،بل كان دائمًا انعكاسًا للتطورات السياسية والاقتصادية في البلاد،من خطوط بدائية في عهد الحماية إلى دخول عصر القطارات فائقة السرعة (TGV)،يحكي هذا التاريخ قصة التحديث والربط الترابي الطموح.

الفصل الأول: البدايات في عهد الحماية (1911 – 1956)

السياق التاريخي: مع توقيع معاهدة الحماية الفرنسية على المغرب سنة 1912، بدأت السلطات الاستعمارية في بناء بنى تحتية تخدم أهدافها العسكرية والاقتصادية. كان القطار أداة استراتيجية لترسيخ السيطرة، ونقل الجنود، واستغلال الثروات الطبيعية (الفوسفات، المعادن)، وتسهيل تسويق المنتجات الفلاحية.

أول خط حديدي: دشّن أول خط حديدي في المغرب سنة 1911، أي قبل توقيع معاهدة الحماية، وكان يربط بين الدار البيضاء والفقيه بن صالح، بطول 70 كلم. كان الهدف منه الأساسي هو نقل المنتجات الفلاحية من منطقة الشاوية.

تأسيس المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF): في 5 أغسطس 1963،أي بعد الاستقلال،تم تأميم الشبكة وتأسيس المكتب الوطني للسكك الحديدية (Office National des Chemins de Fer كهيئة مسؤولة عن إدارة وتطوير شبكة السكك الحديدية في المغرب، لتصبح رمزًا للسيادة الوطنية.

الفصل الثاني: التوسع والتطوير بعد الاستقلال 1956 – 2000

بعد الاستقلال، واجه المغرب تحدي الحفاظ على هذه البنية وتطويرها لخدمة أهداف التنمية الوطنية.

تعزيز الربط بين المدن الكبرى: تم توسيع الشبكة لربط المحاور الاقتصادية الرئيسية: الدار البيضاء (القلب الاقتصادي)، والرباط (العاصمة الإدارية)، وفاس (العاصمة العلمية)، ومراكش (عاصمة السياحة).

خطة المكننة: في السبعينيات والثمانينيات،ركز المكتب على تحديث الشبكة من خلال مكننة عمليات الصيانة وإدخال قاطرات ديزل أكثر قوة، ثم التحول التدريجي إلى الكهربة.

كهربة الخطوط: شهدت فترة التسعينيات نقلة نوعية مع كهفة الخط بين الدار البيضاء والرباط سنة 1995،مما مهد الطريق لخدمات أسرع وأكثر راحة.

نقل الفوسفات: ظل الخط المخصص لنقل الفوسفات من خريبكة إلى ميناء الجرف الأصفر (بطول 120 كلم) بمثابة العمود الفقري للشبكة من حيث حجم البضائع المنقولة،وهو ما زال يشكل نسبة كبيرة من إيرادات المكتب.

الفصل الثالث: القرن الـ21 والطفرة النوعية (2000 – 2018)

دخلت السكك الحديدية المغربية مرحلة جديدة مع بداية الألفية الثالثة،تميزت بمشاريع طموحة وخدمات راقية.

القطار فائق السرعة (TGV) AL BORAQ: في 15 نوفمبر 2018، دخل المغرب تاريخ النقل الحديث بافتتاح الخط فائق السرعة (LGV) بين طنجة والدار البيضاء،وهو الأول من نوعه في إفريقيا والعالم العربي،يحمل القطار اسم “البراق” تيمنًا بالدابة التي عرج بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلى.

السرعة: تصل سرعته إلى 320 كم/ساعة (على الخط المخصص للسرعة الفائقة بين طنجة والقنيطرة).

المسافة والزمن: قلص زمن الرحلة بين طنجة والدار البيضاء من 4 ساعات 45 دقيقة إلى ساعتين و10 دقائق فقط.

الأثر: ساهم المشروع في تعزيز الاندماج الاقتصادي بين قطبي الشمال والغرب،ودعم السياحة،وتخفيف الازدحام على الطرق السيارة.

القطار المزدوج الطابق (Navette Double): أدخل المكتب الوطني خدمة القطارات المزدوجة الطابق على الخط بين الدار البيضاء والرباط، مما وفر طاقة استيعابية أكبر ورفع من مستوى راحة الركاب في ظل الإقبال المتزايد.

الفصل الرابع: آخر مستجدات مشاريع التنقل عبر السكك الحديدية (2019 – المستقبل)

لا يزال المغرب يواصل استثماراته الضخمة في تطوير شبكة السكك الحديدية، ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز الربط الترابي والتنمية المستدامة.

توسيع شبكة القطار الفائق السرعة (LGV):

الدار البيضاء – مراكش: هناك دراسات جارية لتمديد الخط فائق السرعة نحو مراكش، الوجهة السياحية الأولى، مما سيربط الشمال بالجنوب بسرعة قياسية.

الرباط – فاس: يُعتبر ربط العاصمة الإدارية (الرباط) بالعاصمة العلمية (فاس) أحد الأولويات، وقد تمت دراسة المشروع وهو في طور الانتظار للتمويل والإطلاق الرسمي.

طنجة – تطوان – العرائش: هناك مخططات لربط مدن الشمال الغربي (تطوان، العرائش) بشبكة القطار السريع.

مشروع القطار الكهربائي الحضري لكازابلانا (الدار البيضاء):

يُعد أحد أكبر المشاريع الحضرية حالياً. يهدف إلى إنشاء شبكة قطارات كهربائية خفيفة (Tram-Train) تربط أحياء الدار البيضاء الكبرى مع بعضها البعض ومع محطة القطار الرئيسية (Casa-Voyageurs).

سيساهم بشكل كبير في حل أزمة الازدحام المروري في العاصمة الاقتصادية.

مشروع “الرواق اللوجستي للدار البيضاء” (Casablanca Logistics Corridor):

مشروع متكامل يهدف إلى تحويل محطة الدار البيضاء-الميناء إلى منصة لوجستية كبرى، تربط الميناء مباشرة بشبكة السكك الحديدية الوطنية.

الهدف هو تفريغ الميناء من الشاحنات وتقليل التكاليف والأثر البيئي لنقل البضائع.

تحديث الأسطول وتطوير الخدمات:

مواصلة تجديد أسطول القطارات التقليدية بعربات أكثر راحة وحداثة.

تطوير الخدمات الرقمية للركاب (الحجز عبر الإنترنت، التذاكر الإلكترونية، تطبيقات الهاتف).

تعزيز إمكانية النقل المشترك (Intermodalité) من خلال ربط محطات القطار بمحطات الحافلات وسيارات الأجرة وخدمات الدراجات.

مشاريع الربط الجهوي:

دراسة إمكانية ربط مدن جديدة بالشبكة، مثل الناضور والعيون في الشرق والجنوب، في إطار سياسة التعمير وتقوية الروابط بين الأقاليم.

الخاتمة

تمثل رحلة تطور السكك الحديدية في المغرب قصة نجاح ملهمة، انتقلت خلالها من أداة في خدمة أهداف استعمارية إلى رافعة أساسية للتنمية الوطنية،كان قرار استثمار مليارات الدراهم في مشروع القطار الفائق السرعة محطة فارقة،أرسلت رسالة قوية حول طموح المغرب التكنولوجي والاقتصادي،وبالنظر إلى المستقبل، تظل هذه الشبكة في صلب الاستراتيجيات الوطنية للربط الترابي،والتنمية المستدامة،وتحسين جودة حياة المواطنين،مما يجعلها نموذجًا يُحتذى به في القارة الإفريقية والمنطقة العربية.

يتبع الحلقة الرابعة…

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء طلقها تسرح

القطارات: الثورة العلمية التي غيرت وجه العالم “الحلقة 2”

إعداد ـ عبدالهادي سيكي 

توضيب ـ إسماعيل سيكي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحلقة الثانية

القطارات في العالم العربي: من قاطرات الاستعمار إلى مشاريع السيادة والاتصال

يمتد تاريخ السكك الحديدية في العالم العربي إلى أكثر من 150 عامًا،وكانت بدايته مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمصالح الاستعمارية والتجارية في ذلك الوقت.

البدايات: العصر العثماني والمصالح الأجنبية

بدأت قصة القطار في العالم العربي في منتصف القرن التاسع عشر،وكانت مصر هي الرائدة.

1. مصر: البداية الحقيقية (عام 1854)

تُعتبر مصر أول دولة عربية وعربية تستخدم القطارات، وذلك بفضل مشروع طموح لحاكمها محمد سعيد باشا.

التاريخ: 1854.

الخط الأول: خط سكة حديد القاهرة – الإسكندرية.

المشرف على المشروع: المهندس الإنجليزي روبرت ستيفنسون (نجل مخترع القطار الشهير جورج ستيفنسون.

الافتتاح الرسمي: بدأ التشغيل في 1856، واكتمل وافتتح رسميًا في 12 يناير 1858.

الدافع: كان الدافع اقتصاديًا وإداريًا بالأساس؛ لتسهيل نقل البضائع والجنود وربط العاصمة بالميناء الرئيسي، مما جعل مصر من أوائل الدول في العالم التي تمتلك سكك حديدية.

2. تونس (عام 1872)

كانت تونس ثاني دولة عربية تشهد دخول القطار، وذلك في عهد الباي محمد الصادق.

التاريخ: 1872.

الخط الأول: خط حلق الوادي – تونس العاصمة بطول 23 كم.

الدافع: خدمة المصالح التجارية وربط العاصمة بميناء حلق الوادي. كانت هذه الخطوة تحت تأثير الوجود الاستعماري الفرنسي المتنامي في تلك الفترة.

3. الجزائر (عام 1874)

دخلت الجزائر عصر السكك الحديدية بعد أن أصبحت جزءًا من فرنسا.

التاريخ: 1874.

الخط الأول: خط الجزائر العاصمة – البليدة (بطول 50 كم.

الدافع: تطوير البنية التحتية لخدمة المستوطنين الفرنسيين وتسهيل استغلال الثروات الطبيعية ونقل الجنود.

4. سوريا ولبنان (عقد 1890)

ظهرت السكك الحديدية في بلاد الشام في العهد العثماني، وكان أشهر مشاريعها:

خط حلب – دمشق (1895): لربط المدن الداخلية.

خط سكة حديد الحجاز (1900-1908): وهو الأكثر شهرة، وتم بناؤه بتبرعات من المسلمين في جميع أنحاء العالم بهدف تسهيل رحلة الحج من دمشق إلى المدينة المنورة. امتد لاحقًا إلى عمّان ومعان. تعرض هذا الخط للتخريب أثناء الثورة العربية الكبرى.

5. السودان (عام 1897)

بدأت السكك الحديدية في السودان خلال فترة الحكم الثنائي المصري-البريطاني.

التاريخ: 1897.

الخط الأول: خط وادي حلفا – أبو حمد.

الدافع: عسكري في الأساس، لدعم القوات البريطانية والمصرية في حربها ضد الدولة المهدية.

6. المغرب (عام 1911)

دخل القطار المغرب في عهد الحماية الفرنسية.

التاريخ: 1911.

الخط الأول: خط الدار البيضاء – القنيطرة.

الدافع: خدمة المصالح الاقتصادية والعسكرية للقوى الاستعمارية (فرنسا وإسبانيا).

الدوافع الرئيسية لبداية السكك الحديدية في العالم العربي:

المصالح الاستعمارية: كان القطار أداة حيوية القوى الاستعمارية (بريطانيا، فرنسا، إيطاليا) لنقل الجنود، وبسط السيطرة الإدارية، واستخراج الموارد الطبيعية ونقلها إلى الموانئ.

الدوافع الاقتصادية: تسهيل نقل المحاصيل (مثل القطن في مصر) والبضائع لتشجيع التجارة.

الدوافع الدينية: كما في حالة سكة حديد الحجاز التي خُصصت لخدمة حجاج بيت الله الحرام.

الدوافع الإستراتيجية والعسكرية: خاصة في فترات الحروب والصراعات.

المرحلة الحديثة: طفرة ما بعد الاستقلال

بعد حصول الدول العربية على استقلالها، بدأت في تأميم وتطوير شبكات السكك الحديدية، وإنشاء خطوط جديدة. وشهدت العقود الأخيرة طفرة حقيقية في مشاريع القطارات، خاصة:

القطارات فائقة السرعة: كما في مشروع القطار الفائق السرعة في المغرب (البراق) الذي يربط طنجة بالدار البيضاء، وهو الأول من نوعه في إفريقيا والعالم العربي.

القطارات الكهربائية وأنظمة المترو: مثل مترو الدار البيضاء في المغرب، ومترو الرياض في السعودية، ومشاريع مترو دبي وأبوظبي في الإمارات.

مشاريع عملاقة: مثل مشروع قطار الحرمين السريع في السعودية، ومشروع السكك الحديدية القطرية، وشبكة السكك الحديدية الوطنية في الإمارات.

ختامًا، بدأت رحلة القطار في العالم العربي بدوافع خارجية واستعمارية، لكنها تحولت اليوم إلى ركيزة أساسية في خطط التنمية والربط بين المدن والدول العربية، مع دخول أحدث التقنيات ا

لعالمية في هذا المجال.

يتبع في الحلقة الثالثة …

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء طلقها تسرح

القطارات: الثورة العلمية التي غيرت وجه العالم

إعداد ـ عبدالهادي سيكي 

توضيب ـ إسماعيل سيكي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحلقة الأولى

عصر القطارات: من أول صفير بخاري إلى رحلات القطارات المغناطيسية

المقدمة:

يمثل القطار أحد أعظم الاختراعات التي غيرت وجه البشرية، فهو ليس مجرد وسيلة نقل،بل كان محركًا رئيسيًا للثورة الصناعية وعاملًا حاسمًا في تشكيل العالم الحديث،لقد اختصر المسافات،ووحد الشعوب، وأعاد رسم الخرائط الاقتصادية والاجتماعية للقارات،يسرد هذا البحث الرحلة المذهلة لتطور القطار من مفهوم بدائي إلى تقنيات المستقبل.

الجزء الأول: البدايات والأصول (ما قبل المحرك البخاري)

قبل اختراع المحرك البخاري،كانت فكرة “النقل على قضبان”موجودة:

القرن السادس عشر: في مناجم أوروبا، في ألمانيا وبريطانيا، كان العمال يستخدمون عربات بدائية تدفع باليد أو تجرها الخيول، وتتحرك على مسارات خشبية ثم حديدية، لتسهيل نقل الفحم والخامات داخل الأنفاق وعلى أسطح المناجم. كانت هذه هي النواة الأولى لفكرة “السكك الحديدية”.

ممرات الترام: في أوائل القرن التاسع عشر، انتشرت “الترامواي” التي تجرها الخيول في بعض المدن، كنظام للنقل العام داخل المناطق الحضرية.

الجزء الثاني: ثورة المحرك البخاري (القرن التاسع عشر)

هذه هي الحقبة التأسيسية الحقيقية للقطار كما نعرفه.

ريتشارد تريفيثيك (1804): يُعتبر المهندس البريطاني أول من بنى قاطرة بخارية ناجحة. قامت قاطرته، التي أطلق عليها اسم “Pen-y-Darren”، بسحب أول قطار بخاري في العالم في ويلز، حاملة 10 أطنان من الحديد و70 رجلًا لمسافة 9 أميال. لكن القاطرة كانت ثقيلة جدًا وتكسرت القضبان الحديدية الهشة في ذلك الوقت.

جورج ستيفنسون: أبو السكك الحديدية: كان جورج ستيفنسون هو من أتقن الفكرة وجعلها مشروعًا تجاريًا وعمليًا.

قاطرة “بلوتشر” (1814): صمم ستيفنسون قاطرته الأولى لسحب عربات الفحم)

خط ستوكتون ودارلينجتون (1825: أول خط سكك حديدية عام في العالم يستخدم قاطرات بخارية لنقل الركاب والبضائع. استخدمت القاطرة “لوكوموشن No.1” التي بناها ستيفنسون.

خط ليفربول ومانشستر (1830) وقاطرة “الصاروخ”: في هذا الخط المهم، أقامت إدارة الخط مسابقة لاختيار أفضل قاطرة. فازت قاطرة ستيفنسون “The Rocket” (الصاروخ) بسهولة، حيث كانت تحقق سرعة مذهلة آنذاك تصل إلى 48 كم/ساعة، ووضعت التصميم الأساسي للقاطرات البخارية لسنوات قادمة (مثل غلاية الأنابيب النارية).

آثار الثورة البخارية:

توحيد المقاييس: أدى نجاح ستيفنسون إلى اعتماد “عرض السكك” الذي استخدمه (1435 ملم) كمعيار عالمي في معظم أنحاء العالم، يُعرف باسم “عرض ستيفنسون”.

التوسع العالمي: انتشرت السكك الحديدية بسرعة في أوروبا (بريطانيا، بلجيكا، فرنسا، ألمانيا) وأمريكا الشمالية.

القطار العابر للقارات1869 في الولايات المتحدة، تم ربط الساحل الشرقي بالغربي بشبكة سكك حديدية واحدة بعد إنجاز خط “القطار العابر للقارات”، مما غير تاريخ الهجرة والاقتصاد الأمريكي إلى الأبد.

الجزء الثالث: عصر الكهرباء والديزل (نهاية القرن التاسع عشر – منتصف القرن العشرين)

مع تقدم التكنولوجيا، بدأت عيوب القاطرات البخارية (انخفاض الكفاءة، التلوث، الحاجة المستمرة للماء والوقود) تظهر، مما فتح الباب لثورتين جديدتين.

القطارات الكهربائية:

نهاية القرن التاسع عشر: شهدت أولى التجارب الناجحة للقطارات التي تعمل بالكهرباء، خاصة في ألمانيا وبريطانيا.

مزاياها: كانت أكثر كفاءة، وأقوى، وأقل ضجيجًا وتلوثًا، وأفضل للتشغيل داخل الأنفاق والمناطق الحضرية.

التطبيقات: أدى ذلك إلى انتشار قطارات الأنفاق (المترو) والترام الكهربائي في المدن الكبرى حول العالم.

قطارات الديزل:

بدايات القرن العشرين: تم تطوير قاطرات تعمل بمحركات الديزل، والتي كانت أكثر كفاءة من المحركات البخارية.

الانتشار الواسع (منتصف القرن العشرين): بعد الحرب العالمية الثانية، حلت قاطرات الديزل بشكل سريع وشامل محل القاطرات البخارية في معظم أنحاء العالم، خاصة في خطوط الشحن والركاب الطويلة حيث كانت تكلفة كهربة الخطوط باهظة.

الجزء الرابع: العصر الحديث: القطارات فائقة السرعة (القرن العشرين والحادي والعشرون)

بدأت الحاجة إلى وسائل نقل برية تنافس الطائرة في المسافات المتوسطة، فكانت ولادة القطارات فائقة السرعة.

اليابان الرائدة: شينكانسن (1964): مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو،أطلقت اليابان أول خط للقطارات فائقة السرعة في العالم،”شينكانسن”(القطار الرصاصة)،كان يحقق سرعات تصل إلى 210 كم/ساعة،وأصبح رمزًا للتقنية اليابانية والكفاءة،اليوم،تصل سرعاته إلى 320 كم/ساعة.

فرنسا: TGV (1981): دخلت فرنسا المنافسة بقوة بقطارها فائق السرعة TGV، وحطم الأرقام القياسية العالمية للسرعة على القضبان (وصل لاحقًا إلى over 574 كم/ساعة في الاختبارات، ربط TGV المدن الفرنسية ببعضها البعض وبجيرانها في أوروبا،مما قلل وقت السفر بشكل جذري.

منافسون آخرون: انتشرت التكنولوجيا إلى دول مثل ألماني (ICE)،وإسبانيا (AVE)،وإيطاليا (Frecciarossa)،والصين،التي تمتلك الآن أكبر شبكة للقطارات فائقة السرعة في العالم.

الجزء الخامس: مستقبل السكك الحديدية: القطارات المغناطيسية المعلقة (ماجليف)

تمثل تقنية “ماجليف” (الرفع المغناطيسي) القفزة التكنولوجية الأكثر ثورية في عالم النقل على القضبان.

مبدأ العمل: تعمل هذه القطارات على تقنية “الرفع المغناطيسي”، حيث تستخدم مغناطيسات قوية لرفع العربة عن القضيب، مما يلغي الاحتكاك تمامًا. ثم تستخدم مغناطيسات أخرى لدفع القطار للأمام.

المزايا:

سرعات فائقة: بسبب انعدام الاحتكاك، يمكنها تحقيق سرعات أعلى من القطارات التقليدية.

هدوء وصديقة للبيئة.

راحة أكثر بسبب انعدام الاهتزازات.

أبرز التطبيقات:

اليابان (Maglev): طورت اليابان نظامها الخاص، وحطم قطارها المغناطيسي الرقم القياسي العالمي للسرعة بوصوله إلى 603 كم/ساعة في عام 2015. تخطط لربط طوكيو بأوساكا بهذه التقنية.

الصين (شانغهاي Transrapid): تمتلك الصين أول خط تجاري للقطار المغناطيسي في العالم، يربط بين مطار شانغهاي بودونغ ووسط المدينة، وتصل سرعته إلى 430 كم/ساعة.

ألمانيا: طورت تقنية “Transrapid” لكنها لم تنفذها تجاريًا على نطاق واسع داخل ألمانيا.

الخاتمة:

من عربات الفحم التي تجرها الخيول على قضبان خشبية إلى القطارات المغناطيسية التي تحلق بسرعات تزيد على 600 كم/ساعة، تمثل رحلة تطور القطار قصة ملحمية للابتكار البشري. لم يقتصر دور القطار على كونه وسيلة نقل فحسب، بل كان دائمًا محركًا للتقدم الاقتصادي والاجتماعي. اليوم، وفي ظل أزمة تغير المناخ، يعود القطار، خاصة الكهربائي فائق السرعة، ليتربع على عرش وسائل النقل المستدامة، مؤكدًا أن عجلاته،أو بالأحرى مجالاته المغناطيسية، لا تزال تدور نحو مستقبل

أكثر إشراقًا.

يتبع الحلقة الثانية…

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة طلقها تسرح

آش واقع ؟ عنف هناك .. و قلق هنا .  شي حاجة ما هياش

آش واقع ؟

عنف هناك .. و قلق هنا . 

شي حاجة ما هياش.

البوهالي

قرار بالإغلاق تم تنفيذه من طرف أعوان السلطة … هادا واقيع …

بلاغ رسمي ينفي القرار ..

من أعطى التعليمات بالإغلاق .. ( عادة كتكون شفهية)

 

الموهيم ..

1 شي دول ديال الخاريج كنتظر تشوف خرانا … كنتظر تشوفنا قبائل تتصارع بالقرطاس ..

 

2 شي ناس ف الداخل خراو علينا بالبياه … استباحوا المال العام .. اختلاسات اختلالات .. تضارب المصالح .. داك الشي بالعلالي ..

احتلوا مؤسسات الدولة من جماعات محلية و برلمان و شرعوا قوانينهم على المقاس

في مجال العقار و الصحة / الأدوية …

فرضوا برامج تربوية و مقررات مدرسية تنشر الخرف و اللامعنى خارج منطق التاريخ و الجغرافيا … و العقل ..

توغلو في الإعلام و الصحافة .. فجاهرو بالتفاهة و اسسوا لها قواعد و أخلاقيات.

 

المغرب بلادنا … ديالنا …

نتخاراو كيفاش نبنيوه ..

لكن جامي حتى نفكرو كيفاش نريبوه … jamais

 

الكل عندو الحق يعبر .. بلا لجامات ..

الكل عندو الحق يقول واك واك ا عباد الله …

الكل عندو الحق ينتقد السياسات العمومية …

 

ما تنساوش ..

المغرب ماشي هو قطر اولا الامارات .

المغرب مسار قديم ديال ” دولة ”

تاريخ من الصراع حول” الغنيمة “قبل الأدارسة .. و بعد الادارسة…

 

المرابطون و الموحدون حكمو شمال أفريقيا و الأندلس من مراكش …

 

فهاديك الساعة :

الدوحة كانت خيمة او بير .

ابو ظبي كانت واحة او جوج ناgات.

 

الدراري / الدريات …

نصيحة من شيباني خواف .. إيه خواف.

خايف عليكم من شي ناس عندهم حسابات أخرى… يسرقو ليكم أحلامكم …

مطالبكم مشروعة … وي ..

من حقكم توصلو صوتكم … وي ..

 

لكن ..

 

تدبيركم لل ” مسار النضالي” ؛ كيف كتشوفوه انتوما ؛ فيه بزاف ديال المطبات و الحفاري … حذاري …

راكم ماشي بوحدكم … كاينين تجار الازمات ..

كاينين جهات ممكن لاعبة اللعب الخايب …

 

والله ولي التوفيق .

Categories
الواجهة جهات طلقها تسرح متفرقات

في حادثة غريبة.. شخص ينسى زوجته في استراحة على طريق سفره نحو المغرب

ذ.عبد الجبار الحرشي

في حوالي الساعة الرابعة صباحًا من يوم السبت 5 يوليو الجاري ، توقفت الأسرة القادمة من المنطقة الباريسية في محطة “بامبرو” (Pamproux) الواقعة على الطريق السريع A10 بمنطقة “دو-سيفر”، من أجل التزود بالوقود وأخذ قسط من الراحة. الزوجة خرجت من السيارة لبعض الوقت، بينما انشغل زوجها بملء الخزان، قبل أن يستأنف الطريق من جديد، ظنًا أن الجميع في السيارة.

الغريب أن لا الزوج ولا ابنتهما التي تبلغ 22 عامًا لاحظا غياب الأم، إلى أن وصلا إلى منطقة“لاند”(Landes)جنوب غرب فرنسا. بعد أكثر من 300 كيلومتر من القيادة.

عند إدراك الخطأ، اتصل الزوج مباشرة بالدرك الفرنسي الذين بدأوا عملية بحث شملت محطات الاستراحة المحتملة. قبل أن يستعينوا بتقنيات تحديد المواقع لتعقب هاتف الزوجة. وبعد التحقق، تبين أنها لا تزال في المحطة التي نزلت فيها، تنتظر لساعات دون وسيلة اتصال فعالة.

العودة إلى نقطة البداية

ما إن تأكد الزوج من مكان وجود زوجته، حتى عاد على الفور إلى “بامبرو” ليصطحبها من جديد، واضعًا بذلك حدًا لهذه الحادثة الغريبة التي كادت أن تعكّر أجواء الرحلة العائلية.

القصة تثير الجدل والتعليقات

الواقعة أثارت الكثير من التفاعل على مواقع التواصل، حيث وصفها البعض بالموقف الطريف. في حين رأى آخرون فيها دليلاً على خطورة التشتت وعدم التركيز، خصوصًا أثناء السفر لمسافات طويلة. البعض شبّه ما حدث بلقطة من فيلم كوميدي، فيما استغل آخرون القصة لتذكير السائقين بأهمية التأكد من وجود جميع الركاب قبل التحرك.