Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي المبادرة الوطنية الواجهة خارج الحدود سياسة طالع

القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية بالدوحة: المغرب يقدم نموذجه الريادي في بناء الدولة الاجتماعية بقيادة جلالة الملك محمد السادس

الدوحة – من قلب العاصمة القطرية، وفي أروقة النقاش الأممي حول التنمية والعدالة الاجتماعية، برز صوت المغرب قوياً وواثقاً، وهو يستعرض، على لسان كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي عبد الجبار الرشيدي، تجربة المملكة الرائدة في ترسيخ نموذج الدولة الاجتماعية التي دعا إليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

في مداخلته خلال المائدة المستديرة التي انعقدت تحت عنوان “تعزيز الركائز الثلاث للتنمية الاجتماعية: القضاء على الفقر، العمل اللائق للجميع، والإدماج الاجتماعي”، قدم الرشيدي عرضاً شاملاً وواقعياً لما حققته المملكة من تحولات جوهرية في مسار التنمية البشرية والاجتماعية، جعلت من المغرب نموذجاً قارياً يُحتذى به في تنزيل الرؤية الملكية لبناء دولة عادلة ومنصفة، قوامها الإنسان وكرامته.

وأكد السيد عبد الجبار أن ورش الدولة الاجتماعية ليس مجرد برنامج ظرفي أو مشروع قطاعي، بل هو رؤية متكاملة تضع المواطن في صلب الفعل العمومي، وترتكز على تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، وتوسيع مظلة الدعم المباشر للأسر الفقيرة، مع التركيز على الاستثمار في الرأسمال البشري باعتباره المحرك الرئيسي للتنمية المستدامة.

وأشار الرشيدي إلى أن أزيد من 11 مليون مواطن مغربي يستفيدون اليوم من نظام التغطية الصحية الإجبارية عن المرض، بتكلفة سنوية تتحملها الدولة تناهز 26 مليار درهم، في حين تستفيد 4 ملايين أسرة من الدعم المالي المباشر لفائدة الأطفال في سن التمدرس، فضلاً عن برنامج دعم السكن الذي استفادت منه 68 ألف أسرة من ذوي الدخل المحدود والمتوسط.

ولم يفت السيد عبد الجبار الرشيدي الإشارة إلى التحول النوعي في أولويات الميزانية العامة، حيث تم رفع ميزانية قطاعي الصحة والتعليم إلى 140 مليار درهم، تأكيداً على أن التنمية الحقيقية لا تُقاس بالمشاريع المادية فقط، بل بالاستثمار في الإنسان والمعرفة والكرامة.

وفي محور تمكين المرأة والمساواة، أبرز الرشيدي أن المغرب اختار أن يكون تمكين النساء عماداً للتنمية الشاملة، عبر سياسة عمومية تمكينية مكّنت من دعم 36 ألف مشروع اقتصادي نسائي، أغلبها في العالم القروي، مما يعكس التوجه الاستراتيجي للمملكة نحو تحقيق المناصفة الفعلية ورفع تحديات الفقر والهشاشة النسائية.

كما توقف عند الجهود الوطنية المبذولة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، مستعرضاً الخطوط الكبرى للمخطط الوطني للإدماج الاجتماعي والاقتصادي لهذه الفئة، الذي يُعد أحد أعمدة العدالة الاجتماعية في المغرب الجديد.

وأبرز الرشيدي، بلغة الأرقام والدلالات، أن هذه الجهود مكنت من خفض نسبة الفقر المدقع إلى أقل من 2%، وتقليص الفقر متعدد الأبعاد من 11.9 إلى 6.8%، مع انتشال أكثر من 1.3 مليون أسرة من دائرة الهشاشة، ورفع معدل تمدرس الفتيات القرويات إلى 97%، وهي مؤشرات تؤكد نجاح التجربة المغربية في جعل العدالة الاجتماعية واقعاً ملموساً وليس شعاراً سياسياً.

القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، التي تنظمها دولة قطر تحت إشراف الأمم المتحدة، شكلت منصة مثالية لإبراز النموذج المغربي في الإصلاح الاجتماعي الشامل، نموذج يجمع بين الرؤية الملكية المتبصرة، والحكامة الاجتماعية المندمجة، والسياسات العمومية ذات الأثر الإنساني المباشر.

لقد قدم عبد الجبار الرشيدي، بخطاب متزن وعمق استراتيجي، صورة ناصعة لمغرب متجدد، يمضي بخطى واثقة نحو تحقيق التنمية المتوازنة التي تجعل الإنسان في قلب المشروع الوطني، وترسخ مكانة المملكة كفاعل مسؤول في القضايا الإنسانية والاجتماعية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

إن مشاركة المغرب في هذه القمة لم تكن بروتوكولية أو شكلية، بل جاءت تجسيداً لنجاح تجربة مغربية فريدة، استطاعت أن توفق بين الإصلاح الاجتماعي والابتكار في السياسات العمومية، بين الرؤية الإنسانية والفعالية الاقتصادية، وبين الطموح الوطني والانفتاح الدولي.

وفي ختام مداخلته، أكد الرشيدي أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، سيواصل ترسيخ الدولة الاجتماعية كخيار استراتيجي لا رجعة فيه، مستلهماً من الرؤية الملكية السامية أن التنمية ليست هدفاً في حد ذاتها، بل وسيلة لصون الكرامة الإنسانية وبناء وطن متضامن لا يُقصي أحداً.

ففي الدوحة، تحدث المغرب بثقة، وأصغى له العالم بإعجاب.

Categories
أخبار 24 ساعة المبادرة الوطنية الواجهة جهات

سطات تنخرط في دينامية إعداد الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة

في إطار تنزيل التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، نظمت عمالة إقليم سطات، يوم الأربعاء 5 نونبر 2025، اجتماعًا تشاوريًا موسعًا برئاسة السيد محمد علي حبوها، عامل الإقليم، وذلك من أجل بلورة رؤية تنموية شمولية لإقليم سطات تستند إلى مقاربة تشاركية وواقعية، تروم تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية والاقتصادية.

اللقاء، الذي عرف حضور فعاليات شبابية وممثلي المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والمنتخبين، إلى جانب السادة النواب البرلمانيين وممثلي مختلف المصالح اللاممركزة، والذين ساهموا بمداخلاتهم في إغناء النقاش وفتح آفاق جديدة للتفكير الجماعي في سبل تطوير الإقليم.

وقد تم خلال هذا الاجتماع تقديم عرض شامل تطرق إلى حاجيات الإقليم حسب القطاعات، ومؤهلاته الطبيعية والاقتصادية، والفرص الاستثمارية التي يتوفر عليها، إلى جانب استعراض أبرز المشاريع المنجزة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكذا البنيات التحتية الطرقية والاجتماعية التي تؤسس لمرحلة جديدة من التنمية المتكاملة.

 

وفي كلمته بالمناسبة، أكد السيد عامل الإقليم أن الرهان الحقيقي للتنمية الترابية بإقليم سطات يكمن في ضمان المشاركة الواسعة لمختلف الفاعلين في إعداد برامج التنمية المندمجة، مبرزًا أن المواطن هو محور وغاية كل سياسة عمومية ناجحة. كما شدد على أن النموذج الجديد لتدبير التنمية يقوم على التشخيص التشاركي والتقييم المستمر والقيادة الجماعية للمشاريع في إطار من الشفافية والمواكبة الدائمة.

 

يذكر أن اللقاء عرف حضورا شبابيا وازا، أثرى النقاش والمدخلات لاعريفهم بمختلف التحديات والطموحات التي يستشعرونها في حياتهم اليومية.

 

ووفق المعطيات المقدمة، فإن برنامج التنمية الترابية المندمجة لإقليم سطات سيرتكز على مجموعة من الأولويات، في مقدمتها إنعاش التشغيل عبر تثمين المؤهلات الاقتصادية، وتحسين جودة الخدمات الاجتماعية الأساسية خصوصًا في مجالي التعليم والصحة، إلى جانب حماية الموارد الطبيعية والمائية، وإطلاق مشاريع تأهيل ترابي متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات القروية والبيئية للإقليم.

 

وقد تميزت أشغال اللقاء بتفاعل كبير من طرف الشباب، ورؤساء الجماعات الترابية، وممثلي المجتمع المدني، الذين قدموا مداخلات قيمة تطرقت إلى قضايا جوهرية تتعلق بالتشغيل، والبنية التحتية، والتعليم، والماء، والبيئة، حيث أجاب السيد عامل الإقليم والسادة الأساتذة الجامعيون على مختلف التساؤلات والمقترحات بوضوح وواقعية.

 

وسيتم لاحقًا تنظيم لقاءات تشاورية إضافية على مستوى الدوائر والباشويات قصد تحديد المشاريع ذات الأولوية وصياغة برنامج تنموي متكامل يستجيب لتطلعات الساكنة، في انسجام تام مع التوجهات الوطنية والجهوية للتنمية المستدامة.

 

يشكل هذا الاجتماع التشاوري بإقليم سطات منعطفًا مهمًا في مسار التخطيط الترابي الجديد، الذي يهدف إلى جعل التنمية شاملة ومندمجة ومبنية على مقاربة تشاركية تضع المواطن في صلب الاهتمام. كما يعكس الإرادة الجماعية للسلطات الإقليمية والمنتخبين والجامعة والمجتمع المدني في بناء نموذج تنموي محلي متكامل، يجعل من إقليم سطات قطبًا واعدًا للتنمية المستدامة، ينسجم مع الرؤية الملكية لمغرب متضامن ومتكامل ومزدهر.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي المبادرة الوطنية الواجهة بلاغ سياسة

عيد الوحدة.. ميلاد وطني جديد يؤرخ لمرحلة السيادة الكاملة للمغرب

في قرار تاريخي سيظل محفورًا في الذاكرة الوطنية، أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله عن جعل يوم 31 أكتوبر من كل سنة عيدًا وطنيًا جديدًا تحت اسم “عيد الوحدة”، تخليدًا للتحول العميق الذي عرفه مسار القضية الوطنية بعد صدور القرار الأممي رقم 2797 لسنة 2025، والذي جاء تتويجًا لمسار دبلوماسي ناجح وحكيم قاده جلالته بعزم وتبصر منذ اعتلائه العرش.

هذا القرار الملكي لا يمثل مجرد إضافة رمزية إلى قائمة الأعياد الوطنية، بل هو تحول في الوعي الوطني الجمعي، ورسالة قوية بأن المغرب دخل عهدًا جديدًا من ترسيخ السيادة والوحدة الترابية، بفضل رؤية ملكية جعلت من الدبلوماسية الهادئة والمتوازنة سلاحًا ناجعًا في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

عيد الوحدة هو أكثر من مناسبة احتفالية، إنه لحظة تأمل في المسار الطويل الذي قطعته المملكة من أجل تثبيت حقوقها المشروعة على أقاليمها الجنوبية، ولحظة تجديد للعهد بين الملك وشعبه على مواصلة مسيرة البناء والنماء بنفس روح المسيرة الخضراء التي وحدت المغاربة قبل نصف قرن.

البلاغ الصادر عن الديوان الملكي أبرز أيضًا أن جلالة الملك قرر مستقبلاً تخصيص الخطاب الملكي السامي لمناسبتين رئيسيتين فقط: عيد العرش المجيد وافتتاح السنة التشريعية، مع احتفاظه، حفظه الله، بحق مخاطبة الأمة متى شاء، وهو ما يعكس توجهًا ملكيًا نحو ترسيخ مؤسسات قوية، تقوم على التواصل المنتظم والفعّال بين العرش والشعب.

أما اختيار جلالته أن يكون العفو الملكي مصاحبًا لعيد الوحدة، فهو إشارة سامية إلى قيم التسامح والتآزر التي تميز النموذج المغربي، وإلى أن الوحدة الوطنية ليست فقط وحدة الأرض، بل وحدة القلوب والمصير المشترك.

بهذا القرار، يكرّس جلالة الملك محمد السادس مرحلة جديدة في تاريخ المغرب الحديث، عنوانها الثقة في النفس والاعتزاز بالانتماء، والانطلاق نحو المستقبل برؤية واضحة أساسها التنمية، والعدالة الاجتماعية، والتلاحم الوطني.

إن “عيد الوحدة” سيشكل من الآن فصاعدًا محطة سنوية للتأمل والاعتزاز والوفاء، ومحركًا لبناء وعي وطني جديد يربط الماضي المجيد بالحاضر الواعد والمستقبل المشرق.

Categories
أخبار 24 ساعة المبادرة الوطنية الواجهة جهات

تبعمرانت تثمّن القرار الأممي والخطاب الملكي وتستحضر روح الحسن الثاني ومبدعي المسيرة الخضراء

عبّرت الفنانة والشاعرة والبرلمانية السابقة فاطمة شاهو تبعمرانت، خلال شريط فيديو لها على حسابها الرسمي بمواقع التواصل الاجتماعي، عن تأييدها الكبير لمضامين الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797، المتعلق بقضية الصحراء المغربية.

وفي تعليقها، استحضرت تبعمرانت برقة ووفاء روح مبدع المسيرة الخضراء، المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، مترحّمة عليه وعلى أرواح المشاركين في المسيرة الخضراء الذين رحلوا عن الدنيا، ومتمنية الصحة وطول العمر لكل من ما زال على قيد الحياة من بين الـ350 ألف مغربي ومغربية الذين لبّوا نداء الحسن سنة 1975.

وأشادت الفنانة الأمازيغية الكبيرة شاهو فاطمة تبعمرانت بما اعتبرته الاستمرارية الحكيمة للعرش العلوي المجيد في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، مؤكدة أن الملك محمد السادس يسير بخطى ثابتة على نهج والده الراحل من أجل استكمال مشروع الوحدة الوطنية وبناء مغرب قوي ومتماسك.

كما عبّرت تبعمرانت عن تقديرها العميق للمضامين التنموية التي حملها الخطاب الملكي، خاصة ما يتعلق بـالنهوض بالأقاليم الجنوبية للمملكة، معتبرة أن التنمية والعدالة المجالية هما الوجه الآخر للوحدة الوطنية الحقيقية.

وختمت شريطها بالدعوة إلى تعزيز الاتحاد المغاربي وتوطيد أواصر الأخوة بين شعوب المنطقة، مؤكدة أن “المستقبل لن يكون إلا بالتضامن والتكامل، على نهج من نادوا بالحرية والوحدة منذ فجر الاستقلال”.

تأتي هذه المواقف لتعبّر عن وعي فني ووطني عميق لطالما ميز مسيرة فاطمة تبعمرانت، التي جعلت من صوتها الشعري والغنائي منبراً للدفاع عن الثقافة المغربية المتنوعة وعن القيم الوطنية والإنسانية التي توحد كل أبناء الوطن من طنجة إلى لكويرة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي المبادرة الوطنية الواجهة جهات

من المسيرة الخضراء إلى المسيرة التنموية الكبرى

الخطاب الملكي لم يكن مجرد مناسبة احتفالية أو استعادة لصفحات مشرقة من التاريخ الوطني، بل كان خطاباً استثنائياً بكل المقاييس، يمكن وصفه بأنه خطاب التحول والحسم في مسار قضية الصحراء المغربية، فبكلمات موزونة ورؤية استراتيجية متكاملة، أعلن جلالة الملك محمد السادس عن دخول المغرب مرحلة جديدة من التعامل مع ملف الصحراء، مرحلة تتجاوز منطق الدفاع والانتظار إلى منطق المبادرة والسيادة الفعلية على الأرض وفي المحافل الدولية.

منذ البداية، حمل الخطاب رمزية دينية عميقة حين استهل بآية “إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً”، وكأن جلالته أراد أن يربط بين فتح الصحراء سياسياً وتنموياً وبين الوعد الإلهي بالنصر بعد الصبر والمثابرة. هذه الإشارة ليست مجرد بلاغة لغوية، بل رسالة معنوية للشعب المغربي بأن خمسين سنة من العمل المتواصل لم تذهب سدى، وأن المغرب بلغ اليوم لحظة “الفتح الجديد” الذي يؤسس لمغرب موحد من طنجة إلى لكويرة.

ومن زاوية تحليلية، يعكس هذا الخطاب تحولاً في العقيدة السياسية والدبلوماسية للمملكة، فبعد سنوات من التفاوض بحذر ومن إدارة التوازنات الدولية بحكمة، يبدو أن المغرب اليوم يتحدث من موقع قوة وثقة.

لقد أصبحت مبادرة الحكم الذاتي، التي كانت في بداياتها مجرد مقترح مغربي، إطاراً أممياً معترفاً به، تدعمه أغلبية الدول الكبرى والمؤثرة في القرار الدولي. والملك، وهو يعلن “تحيين وتفصيل” هذه المبادرة، يؤكد أن المغرب لن يكتفي بالموقف الدفاعي، بل سيحوّلها إلى مشروع تطبيقي متكامل، يجمع بين السيادة والتنمية والمشاركة المحلية.

ما يميز هذا الخطاب أيضاً هو واقعيته السياسية، فهو لا يتحدث بلغة الانتصار الخطابي، بل بلغة الدولة التي تعرف ما تريد وكيف تصل إليه. فحين يؤكد جلالته أن “قضية الصحراء لم تعد موضوع نزاع إقليمي مفتوح، بل أصبحت في طور التسوية النهائية”، فهو لا يبالغ، بل يستند إلى معطيات موضوعية: اعترافات دولية متزايدة، قنصليات في العيون والداخلة، استثمارات أجنبية كبرى في الأقاليم الجنوبية، وموقف أممي متطور لصالح المقاربة المغربية.

لكن الأهم من البعد الدبلوماسي هو البعد الإنساني العميق الذي حمله الخطاب، من خلال الدعوة الصريحة للمغاربة المحتجزين في تندوف إلى العودة إلى الوطن والمشاركة في بناء مغربهم. لم يكن ذلك نداءً سياسياً بقدر ما هو نداء أبوي وإنساني يفتح الباب أمام المصالحة الوطنية على أساس الكرامة والانتماء المشترك. فالوحدة الوطنية، كما شدد جلالته، لا تقوم على الإقصاء أو الانتقام، بل على الإخاء والمشاركة في التنمية.

وفي هذا السياق، تأتي دعوة جلالة الملك إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للحوار “الأخوي الصادق” كرسالة ناضجة تعكس رؤية ملكية ثابتة تقوم على بناء المستقبل المغاربي المشترك بعيداً عن منطق القطيعة. إنها ليست دعوة ظرفية، بل استمرار لنهج ملكي يرى أن أمن واستقرار المنطقة لن يتحقق إلا بالتعاون، وأن الاتحاد المغاربي ليس ترفاً سياسياً، بل ضرورة تاريخية واقتصادية للأجيال القادمة.

الخطاب أيضاً حمل بعداً تنموياً واضحاً، عندما ربط بين السيادة على الأرض والتنمية المستدامة، في إشارة إلى أن مغربية الصحراء لا تُثبت بالشعارات، بل بالأفعال والمشاريع الكبرى التي تجعل من الجنوب المغربي نموذجاً في الاستقرار والتقدم. فالموانئ، والمناطق الصناعية، والطرق السريعة، والمشاريع الطاقية، كلها تعكس رؤية متكاملة لدولة لا تدافع فقط عن حدودها، بل تبني فيها مستقبلها.

من منظور أعمق، يمكن القول إن الخطاب الملكي يمثل نقطة تحول في الوعي السياسي الوطني. فبعد خمسين سنة من المسيرة الخضراء، لم يعد النقاش يدور حول “من يملك الصحراء؟”، بل حول “كيف نجعل الصحراء فضاءً للنمو والاندماج الإفريقي؟”. لقد تحولت القضية من ملف سياسي إلى مشروع حضاري، ومن معركة وجود إلى مسار بناء.

في النهاية، يمكن اختزال الرسالة المركزية للخطاب في فكرة واحدة: من المسيرة الخضراء إلى المسيرة التنموية الكبرى .

فإذا كانت المسيرة الأولى قد حررت الأرض بملحمة شعبية فريدة، فإن المسيرة الثانية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصرهاللهوأيده، تحرر الإنسان المغربي من قيود الانتظار والتجزئة، وتؤسس لمغرب موحد، مزدهر، وفاعل في محيطه الإقليمي والدولي.

إنه خطاب يؤرخ لبداية مرحلة جديدة في تاريخ المغرب الحديث، مرحلة الحسم بثقة، والبناء برؤية، والوحدة بإرادة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي المبادرة الوطنية الواجهة بلاغ جهات سياسة

شكراً جلالة الملك.. المغرب ينتصر بفضل حكمتكم وديبلوماسيتكم الفذة

بمشاعر وطنية عارمة، يسر جريدة مع الحدث أن تعبر عن تقديرها العميق وامتنانها الكبير لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على القيادة الحكيمة التي أفضت إلى الانتصار الدبلوماسي الكبير للمغرب في قضية الصحراء المغربية. هذا الانتصار، الذي تمخض عن تصويت مجلس الأمن بأغلبية كاسحة لصالح المشروع المغربي للحكم الذاتي يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، يمثل تتويجاً لجهود جلالتكم المتواصلة في الدفاع عن وحدتنا الترابية وحماية مصالح وطننا العليا.

لقد أظهرت هذه الملحمة الدبلوماسية قدرة المغرب على الموازنة بين الحكمة والحنكة السياسية، وبين صلابة الموقف الوطني وروح التسامح التي طبعت خطاب جلالتكم السامي بعد القرار، مؤكدة للعالم أن المغرب ينظر دائماً إلى الأمور من منظور المصلحة المشتركة، بعيداً عن منطق الغالب والمغلوب.

كما تود جريدة مع الحدث، باسم مديرها، الأستاذ حسيك يوسف، وكافة طاقمها، أن تشكر بكل إخلاص جميع عناصر الدبلوماسية المغربية، وعلى رأسهم وزير الخارجية ناصر بوريطة والسفير عمر هلال، وكل من ساهم في هذا النجاح من الدبلوماسية الرسمية والموازية، والمجتمع المدني المغربي داخل الوطن وخارجه، على هذه الملحمة التاريخية التي أدارها جلالة الملك بكفاءة وحنكة نادرة.

إن هذا الإنجاز ليس مجرد انتصار دبلوماسي، بل هو تأكيد على وحدة المغاربة وتلاحمهم حول ثوابتهم الوطنية، وعلى الوفاء لقسم المسيرة الخضراء المشترك بين جميع أفراد الشعب المغربي من طنجة إلى الكويرة.

وبهذه المناسبة، نؤكد في جريدة مع الحدث أن شكرنا لجلالة الملك خالد أبدي، وأن اعتزازنا بوطنيتنا وفخرنا بقيادتنا العلوية لن يضعف، فالمغرب اليوم أقوى، موحداً، منتصراً بفضل حكمة ملكه ونجاعة ديبلوماسيته وإجماع شعبه.

شكراً لجلالة الملك على هذا الانتصار، وعاش المغرب متماسكاً وفخوراً بوحدته.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي المبادرة الوطنية الواجهة جهات

جلسة حاسمة بمجلس الأمن ترسم ملامح المرحلة المقبلة في النزاع المفتعل بالصحراء المغربية

يترقب العالم، اليوم الجمعة، جلسة حاسمة لمجلس الأمن الدولي حول مشروع القرار الأمريكي المتعلق بقضية الصحراء المغربية، وسط ترقب دبلوماسي واسع لمواقف القوى الكبرى، خاصة روسيا والصين، اللتين لم تعلنا بعد موقفيهما النهائيين من النص المقترح.

ويأتي التصويت بعد تأجيل جلسة الخميس، لإتاحة مزيد من الوقت للمشاورات حول صيغة القرار الذي ينص على أن منح الصحراء المغربية حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية يشكل الحل الأكثر واقعية وجدوى لنزاع عمره نصف قرن.

المسودة الأمريكية تعكس تحولا نوعيا داخل مجلس الأمن نحو تبني المبادرة المغربية كأساس واقعي للمفاوضات المستقبلية، بدعم واضح من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، إلى جانب عدد من الدول الأوروبية التي تعتبر أن الحل في إطار السيادة المغربية هو الضامن الحقيقي للاستقرار الإقليمي.

كما تؤكد مصادر دبلوماسية أن الموقف الأمريكي لم يتغير منذ اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء في عهد الرئيس الأسبق دونالد ترامب، حيث تعتبر الإدارة الأمريكية أن مبادرة الحكم الذاتي تمثل “الحل الواقعي الوحيد” للنزاع.

في المقابل، تجد الجزائر وجبهة البوليساريو نفسيهما في موقع دفاعي، إذ ترفضان الصيغة الحالية للمسودة وتعتبران أن دعم الحكم الذاتي يقوض خيار الاستفتاء. وأعلنت الجزائر أنها لن تصوت لصالح القرار إذا تضمن إشارة صريحة للمقترح المغربي، فيما هددت البوليساريو بمقاطعة أي مفاوضات مستقبلية على هذا الأساس.

ورغم محاولات الجزائر الضغط لتعديل النص، تشير المعطيات إلى صعوبة تغيير مسار التصويت في ظل تزايد القناعة الدولية بجدوى الحل الواقعي القائم على الحكم الذاتي.

يعتمد تمرير القرار على تسعة أصوات مؤيدة على الأقل مع عدم استخدام أي من الأعضاء الدائمين — الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، أو الصين — لحق النقض (الفيتو). وإذا امتنعت موسكو وبكين عن التصويت، يرجّح أن يعتمد القرار بسهولة، في خطوة ستعد انتصارا دبلوماسيا جديدا للمغرب وتكريساً لمقاربته الواقعية في تدبير النزاع.

ويتضمن المشروع أيضا تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لعام إضافي، مع مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتقديم مراجعة استراتيجية خلال ستة أشهر بشأن مستقبل مهام البعثة وفق مستجدات العملية السياسية، بعد أن كان المقترح الأول ينص على تمديد لستة أشهر فقط.

في حال امتنعت روسيا والصين عن الاعتراض، فسيشكل ذلك تتويجا للتنسيق الأمريكي-الفرنسي ودعما واضحا للموقف المغربي. أما إذا استخدم الفيتو، فسيعيد ذلك الملف إلى مرحلة الجمود مؤقتا، دون أن يغير من الاتجاه العام للمجتمع الدولي الداعم لسيادة المغرب ومقترحه للحكم الذاتي.

وتبقى جلسة اليوم اختبارا حقيقيا لموازين القوى داخل مجلس الأمن، ولقدرة الدبلوماسية المغربية على الحفاظ على مكتسباتها في مواجهة تحركات خصومها، في نزاع يقترب أكثر من أي وقت مضى من مرحلة الحسم السياسي، في إطار الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الثقافة وفن المبادرة الوطنية الواجهة ثقافة و أراء متفرقات مجتمع

المجتمع المدني… حين يبدأ البناء من القاعدة لا من القمة

 

في زمن تتراجع فيه الثقة بالمؤسسات، يبرز سؤال جوهري: كيف نبني مجتمعًا مدنيًا قويًا وفاعلًا؟ الجواب لا يكمن في القوانين أو الشعارات الكبرى، بل في إعادة الاعتبار إلى البناء من الأسفل، من المواطن البسيط، من المدرسة، ومن الفضاءات الجمعوية والنقابية والحزبية التي تُغرس فيها قيم المواطنة الحقيقية.

المدرسة اليوم، رغم أهميتها، تحوّلت في كثير من الأحيان إلى فضاء لتلقين الدروس وحفظ المقررات، هدفها النهائي هو النجاح في الامتحان لا النجاح في الحياة. أما التربية على المواطنة، على المشاركة، على المسؤولية ونكران الذات، فقد تراجعت لصالح منطق النقط والشواهد.

وهنا يظهر دور المجتمع المدني بمختلف مكوناته — الجمعيات، النقابات، والأحزاب — كمدرسة ثانية تربي على الالتزام الجماعي، وتعلّم الفرد أن يتجاوز ذاته من أجل الصالح العام. فالجمعية الحقيقية تزرع في الإنسان روح المبادرة والعطاء التطوعي، والنقابة تعلّمه الدفاع عن الحقوق بروح تضامنية لا أنانية، والحزب السياسي الحقيقي يُكوّنه على الممارسة الديمقراطية ومفاهيم المصلحة الوطنية لا المصالح الشخصية.
غير أن التجربة الميدانية أظهرت في العقود الأخيرة محاولات لطمس هذه الأدوار النبيلة. فقد تم إغراق المشهد الجمعوي بجمعيات صورية “صفراء” تُنشأ بتمويلات ضخمة لتلميع واجهات سياسية أو انتخابية، بدل أن تكون صوتًا للمجتمع. وتم تفريخ نقابات عديدة لتشتيت القوة العمالية وإضعاف قدرتها التفاوضية، كما أن إنشاء أحزاب كثيرة تفتت المشهد السياسي وتشوش على الوعي الجماعي، حتى لم يعد المواطن يعرف من يمثل من، ومن يدافع فعلاً عن مصالحه.

إن بناء مجتمع مدني من الأسفل يعني العودة إلى الأصل: إلى الإنسان كمحور للتنمية، إلى المدرسة كمصنع للقيم، إلى الجمعية كفضاء للتطوع، إلى النقابة كصوت للكرامة، وإلى الحزب كأداة للمشاركة والتغيير.

فالمجتمع المدني لا يُبنى بقرارات فوقية، بل بتراكم التجارب الصادقة في الميدان. وكلما انطلقت المبادرات من القاعدة الشعبية، من الحي، من المدرسة، من فضاءات العمل، كلما أصبح البناء أكثر صلابة واستدامة.

لأن المجتمع المدني الحقيقي ليس زينة ديمقراطية، بل قوة اقتراح ومراقبة وبناء. ولن يتحقق ذلك إلا حين نعيد الثقة إلى المواطن، ونمنحه الأدوات ليكون فاعلًا لا متفرجًا.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي المبادرة الوطنية الواجهة جهات نازل

دعم هزيل يثير غضب الكسابة بالمغرب: 75 درهم للرأس في السنة.. دعم لا يغطي حتى نصف في المئة من التكلفة

أثار إعلان الحكومة عن قيمة الدعم المخصص للكسابة في المغرب موجة واسعة من الغضب والاستياء، بعدما حُدد المبلغ ما بين 75 و150 درهما للرأس في السنة، في وقت اعتبر فيه المهنيون أن هذا الدعم “هزيل جدا” ولا يعكس حجم المعاناة اليومية التي يعيشها مربو الماشية في ظل الجفاف وغلاء الأعلاف وتراجع المردودية.

فبينما خصصت الدولة دعما للاستيراد وصل إلى 500 درهم للرأس الواحد لتغطية حاجيات السوق في مواسم الأضاحي، وجد مربو القطيع الوطني أنفسهم أمام دعم سنوي لا يغطي حتى 0.5 في المئة من تكاليف تربية رأس واحد من الغنم أو البقر أو الإبل، وهو ما اعتبره الكسابة “مفارقة غريبة” تكشف ضعف الرؤية في تدبير هذا القطاع الحساس الذي يمثل ركيزة من ركائز الأمن الغذائي الوطني.

يقول أحد الكسابة من جهة الشاوية: “الخروف الواحد يستهلك يوميا ما بين 7 و15 درهما من العلف فقط، دون احتساب كلفة الماء والنقل والدواء، وإذا كان عندك عامل واحد على كل خمسين رأس فالأمر يكلف ما لا يقل عن 75 درهما يوميا، فكيف يعقل أن يكون الدعم 75 درهما في السنة؟ هذا دعم يثير الحصرة، وليس تشجيعا على الإنتاج”.

وتزداد حدة الانتقادات حين يقارن المهنيون بين دعم الاستيراد ودعم الإنتاج المحلي، إذ يرون أن الحكومة تشجع المستوردين على حساب المربين المغاربة، في وقت يفترض أن يكون الهدف الأساسي هو الحفاظ على السلالة المغربية للأغنام التي تُعد من أفضل السلالات في المنطقة، والتي حرص جلالة الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة على حمايتها والحفاظ عليها، حتى وصل الأمر إلى إلغاء شعيرة الذبح في أحد المواسم حفاظا على هذا الرصيد الوطني الحيوي.

ويرى خبراء في المجال الفلاحي أن الدعم الحالي لا يمكن أن يُحدث أي تأثير إيجابي، بل قد يسرع من تراجع القطيع الوطني ويؤدي إلى هجرة المزيد من الفلاحين نحو المدن، بعدما أصبحت تربية المواشي عبئًا بدل أن تكون مصدر دخل مستقر. فتكاليف العلف ارتفعت إلى مستويات قياسية، والماء أصبح نادرا في عدد من المناطق، فيما تتزايد كلفة التنقل والأدوية بشكل مقلق.

ويطالب الكسابة بإعادة النظر جذريا في طريقة الدعم، مقترحين أن يكون الدعم يوميا أو شهريا وليس سنويا، وأن يُربط بمواسم الجفاف والظروف المناخية، حتى تكون له فعالية حقيقية. كما يدعون إلى تخصيص برامج موازية لتقوية البنية التحتية البيطرية وتوفير الأعلاف المدعمة والماء في المناطق القروية التي تعاني من العطش.

عدد من المتتبعين يرون أن الحل ليس في رفع المبلغ فحسب، بل في إصلاح شامل لسياسة الدعم الفلاحي، حتى تصل المساعدات إلى المستفيدين الحقيقيين، بعيدا عن الوسطاء والجهات التي تستغل الثغرات لتحقيق أرباح سريعة. ويقترح هؤلاء أن يُربط الدعم برقمنة القطاع وإنشاء قاعدة بيانات دقيقة تشمل جميع الكسابة وعدد رؤوس ماشيتهم ومواقعهم، لضمان الشفافية وتوجيه الموارد بدقة.

قطاع تربية المواشي في المغرب ليس مجرد نشاط اقتصادي، بل هو موروث ثقافي واجتماعي يعكس ارتباط المغاربة بالأرض والطبيعة، ويشكل جزءا من الهوية القروية التي بدأت تتآكل بسبب غياب سياسات ناجعة وداعمة. فحين يصبح الكساب عاجزا عن إطعام قطيعه، يفقد الثقة في الدولة، وتضعف روح الانتماء إلى المهنة التي كانت في السابق مصدر فخر واعتزاز.

اليوم، يقف المغرب أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مراجعة شاملة لسياسة الدعم بما يحمي القطيع الوطني ويعيد الثقة للكسابة، أو الاستمرار في نهج الأرقام الرمزية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، في وقت يحتاج فيه الفلاح المغربي إلى دعم فعلي، لا وعود موسمية ولا مبالغ تثير السخرية.

إن دعم 75 درهما في السنة لكل رأس لا يمكن اعتباره سياسة فلاحية، بل مجرد إشارة شكلية تفتقد للجدوى. أما الدعم الحقيقي، فهو الذي يعكس رؤية استراتيجية تجعل من الفلاح والكساب شريكا في التنمية، لا مجرد متلقي لفتات لا تكفي حتى لشراء كيس علف واحد.

فمن دون تخطيط واقعي وحوار مفتوح مع المهنيين، ستظل مثل هذه القرارات تُفرغ قطاع تربية الماشية من محتواه، وتزيد من الهوة بين من يضع السياسات ومن يعيش يوميا صعوبة تطبيقها على أرض الواقع.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي المبادرة الوطنية الواجهة بلاغ سياسة طالع

محمد نوفل عامر.. نموذج للكفاءة الوطنية التي صنعتها التجربة والفكر والإيمان بالدولة الاجتماعية

لم يكن تنصيب الدكتور محمد نوفل عامر مديراً لمديرية النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة مجرد تعيين إداري روتيني، بل هو تكريس لمسار استثنائي لشاب مغربي آمن منذ بداياته بأن العمل العمومي رسالة وطنية قبل أن يكون مسؤولية إدارية.

في قاعة وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، حيث التأم ثلة من المسؤولين والأطر، بدا واضحاً أن هذا التعيين يحمل رمزية تتجاوز حدود المنصب. فالرجل الذي راكم تجربة تمتد لأكثر من خمسة عشر عاماً داخل مؤسسات الدولة، يُجسد جيلاً جديداً من الكفاءات التي تدرجت من القاعدة إلى القيادة، مراكمة خبرة فكرية وميدانية قلّ نظيرها.

منذ مراحل دراسته الأولى، كان محمد نوفل عامر مولعاً بالفكر والسياسة والشأن العام، وهو ما أهّله ليتدرج في مسار أكاديمي حافل تُوج بـ دكتوراه في العلوم السياسية، تلاها تكوينات عالية في التخطيط الاستراتيجي والسياسات العمومية. لم يكن العلم بالنسبة له شهادة فقط، بل أداة للفهم والتغيير. وقد عُرف بنقاشه الهادئ وتحليله العميق لمفاهيم الدولة الاجتماعية، ومشاركاته في ندوات فكرية ولقاءات أكاديمية حول الحكامة والإدماج والتنمية.

اشتغل في وزارات ومؤسسات متعددة، بين قطاعات ذات طابع سياسي وإداري واجتماعي، وترك في كل محطة بصمته الخاصة من خلال تنظيم الملفات الكبرى وصياغة تصورات عملية لتطوير أداء المؤسسات. فبهدوئه المعهود وحسه الوطني، استطاع أن يربط بين المنهج العلمي والرؤية الميدانية، وهو ما جعله يُعرف بين زملائه كإطار يجمع بين الفكر والممارسة، وبين التخطيط والتنفيذ.

وفي كلمته أثناء حفل التنصيب، لم يُخفِ عامر إيمانه العميق بأن قضية الإعاقة ليست مجرد ملف اجتماعي، بل ورش وطني مفتوح يرتبط بمفهوم العدالة الاجتماعية وكرامة المواطن. قالها بوضوح: “القضية ليست رهانا على التنفيذ فقط، بل رهانا على الأثر”. وهو ما يعكس فلسفته في العمل العمومي، حيث لا معنى لأي سياسة إن لم تُحدث تغييراً ملموساً في حياة الناس.

الذين عرفوا نوفل عامر عن قرب، يعلمون أنه من طينة القادة الذين ينصتون أكثر مما يتكلمون، ويخططون قبل أن يقرروا. يمتلك فكراً مؤسساتياً نادراً في جيله، ورؤية تحديثية تؤمن بأن الإصلاح لا يأتي بالقرارات الفوقية فقط، بل بالتعبئة الجماعية والعقل العمومي التشاركي.

وفي كل المحطات التي مر منها، كان عنوانه الدائم هو: العمل بصمت والنتائج تتكلم.

إن اختيار الدكتور محمد نوفل عامر في هذا المنصب يختزل إرادة الدولة المغربية في الدفع بكفاءاتها الشابة إلى الواجهة، وإعطاء المضمون الحقيقي لعبارة “الدولة الاجتماعية” التي دعا إليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في أكثر من خطاب.

فهو نموذج لمسؤول آمن بأن الإدارة ليست سلطة بل خدمة، وأن التغيير يبدأ من داخل المؤسسات بالعقل والكفاءة والانضباط.

اليوم، ومع انطلاق مرحلة جديدة داخل مديرية النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، تبدو التطلعات كبيرة، لكن الأمل أكبر، لأن على رأسها كفاءة مغربية صنعت ذاتها بين الجامعة والميدان، وبين الفكر والممارسة، وأثبتت أن الوطنية ليست شعاراً بل مساراً متواصلاً من العطاء الهادئ والمسؤول.