قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

محمد نوفل عامر.. نموذج للكفاءة الوطنية التي صنعتها التجربة والفكر والإيمان بالدولة الاجتماعية

IMG_20251025_114032_622

لم يكن تنصيب الدكتور محمد نوفل عامر مديراً لمديرية النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة مجرد تعيين إداري روتيني، بل هو تكريس لمسار استثنائي لشاب مغربي آمن منذ بداياته بأن العمل العمومي رسالة وطنية قبل أن يكون مسؤولية إدارية.

في قاعة وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، حيث التأم ثلة من المسؤولين والأطر، بدا واضحاً أن هذا التعيين يحمل رمزية تتجاوز حدود المنصب. فالرجل الذي راكم تجربة تمتد لأكثر من خمسة عشر عاماً داخل مؤسسات الدولة، يُجسد جيلاً جديداً من الكفاءات التي تدرجت من القاعدة إلى القيادة، مراكمة خبرة فكرية وميدانية قلّ نظيرها.

منذ مراحل دراسته الأولى، كان محمد نوفل عامر مولعاً بالفكر والسياسة والشأن العام، وهو ما أهّله ليتدرج في مسار أكاديمي حافل تُوج بـ دكتوراه في العلوم السياسية، تلاها تكوينات عالية في التخطيط الاستراتيجي والسياسات العمومية. لم يكن العلم بالنسبة له شهادة فقط، بل أداة للفهم والتغيير. وقد عُرف بنقاشه الهادئ وتحليله العميق لمفاهيم الدولة الاجتماعية، ومشاركاته في ندوات فكرية ولقاءات أكاديمية حول الحكامة والإدماج والتنمية.

اشتغل في وزارات ومؤسسات متعددة، بين قطاعات ذات طابع سياسي وإداري واجتماعي، وترك في كل محطة بصمته الخاصة من خلال تنظيم الملفات الكبرى وصياغة تصورات عملية لتطوير أداء المؤسسات. فبهدوئه المعهود وحسه الوطني، استطاع أن يربط بين المنهج العلمي والرؤية الميدانية، وهو ما جعله يُعرف بين زملائه كإطار يجمع بين الفكر والممارسة، وبين التخطيط والتنفيذ.

وفي كلمته أثناء حفل التنصيب، لم يُخفِ عامر إيمانه العميق بأن قضية الإعاقة ليست مجرد ملف اجتماعي، بل ورش وطني مفتوح يرتبط بمفهوم العدالة الاجتماعية وكرامة المواطن. قالها بوضوح: “القضية ليست رهانا على التنفيذ فقط، بل رهانا على الأثر”. وهو ما يعكس فلسفته في العمل العمومي، حيث لا معنى لأي سياسة إن لم تُحدث تغييراً ملموساً في حياة الناس.

الذين عرفوا نوفل عامر عن قرب، يعلمون أنه من طينة القادة الذين ينصتون أكثر مما يتكلمون، ويخططون قبل أن يقرروا. يمتلك فكراً مؤسساتياً نادراً في جيله، ورؤية تحديثية تؤمن بأن الإصلاح لا يأتي بالقرارات الفوقية فقط، بل بالتعبئة الجماعية والعقل العمومي التشاركي.

وفي كل المحطات التي مر منها، كان عنوانه الدائم هو: العمل بصمت والنتائج تتكلم.

إن اختيار الدكتور محمد نوفل عامر في هذا المنصب يختزل إرادة الدولة المغربية في الدفع بكفاءاتها الشابة إلى الواجهة، وإعطاء المضمون الحقيقي لعبارة “الدولة الاجتماعية” التي دعا إليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في أكثر من خطاب.

فهو نموذج لمسؤول آمن بأن الإدارة ليست سلطة بل خدمة، وأن التغيير يبدأ من داخل المؤسسات بالعقل والكفاءة والانضباط.

اليوم، ومع انطلاق مرحلة جديدة داخل مديرية النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، تبدو التطلعات كبيرة، لكن الأمل أكبر، لأن على رأسها كفاءة مغربية صنعت ذاتها بين الجامعة والميدان، وبين الفكر والممارسة، وأثبتت أن الوطنية ليست شعاراً بل مساراً متواصلاً من العطاء الهادئ والمسؤول.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي m3aalhadet مع الحدث