يترقب العالم، اليوم الجمعة، جلسة حاسمة لمجلس الأمن الدولي حول مشروع القرار الأمريكي المتعلق بقضية الصحراء المغربية، وسط ترقب دبلوماسي واسع لمواقف القوى الكبرى، خاصة روسيا والصين، اللتين لم تعلنا بعد موقفيهما النهائيين من النص المقترح.
ويأتي التصويت بعد تأجيل جلسة الخميس، لإتاحة مزيد من الوقت للمشاورات حول صيغة القرار الذي ينص على أن منح الصحراء المغربية حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية يشكل الحل الأكثر واقعية وجدوى لنزاع عمره نصف قرن.
المسودة الأمريكية تعكس تحولا نوعيا داخل مجلس الأمن نحو تبني المبادرة المغربية كأساس واقعي للمفاوضات المستقبلية، بدعم واضح من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، إلى جانب عدد من الدول الأوروبية التي تعتبر أن الحل في إطار السيادة المغربية هو الضامن الحقيقي للاستقرار الإقليمي.
كما تؤكد مصادر دبلوماسية أن الموقف الأمريكي لم يتغير منذ اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء في عهد الرئيس الأسبق دونالد ترامب، حيث تعتبر الإدارة الأمريكية أن مبادرة الحكم الذاتي تمثل “الحل الواقعي الوحيد” للنزاع.
في المقابل، تجد الجزائر وجبهة البوليساريو نفسيهما في موقع دفاعي، إذ ترفضان الصيغة الحالية للمسودة وتعتبران أن دعم الحكم الذاتي يقوض خيار الاستفتاء. وأعلنت الجزائر أنها لن تصوت لصالح القرار إذا تضمن إشارة صريحة للمقترح المغربي، فيما هددت البوليساريو بمقاطعة أي مفاوضات مستقبلية على هذا الأساس.
ورغم محاولات الجزائر الضغط لتعديل النص، تشير المعطيات إلى صعوبة تغيير مسار التصويت في ظل تزايد القناعة الدولية بجدوى الحل الواقعي القائم على الحكم الذاتي.
يعتمد تمرير القرار على تسعة أصوات مؤيدة على الأقل مع عدم استخدام أي من الأعضاء الدائمين — الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، أو الصين — لحق النقض (الفيتو). وإذا امتنعت موسكو وبكين عن التصويت، يرجّح أن يعتمد القرار بسهولة، في خطوة ستعد انتصارا دبلوماسيا جديدا للمغرب وتكريساً لمقاربته الواقعية في تدبير النزاع.
ويتضمن المشروع أيضا تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لعام إضافي، مع مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتقديم مراجعة استراتيجية خلال ستة أشهر بشأن مستقبل مهام البعثة وفق مستجدات العملية السياسية، بعد أن كان المقترح الأول ينص على تمديد لستة أشهر فقط.
في حال امتنعت روسيا والصين عن الاعتراض، فسيشكل ذلك تتويجا للتنسيق الأمريكي-الفرنسي ودعما واضحا للموقف المغربي. أما إذا استخدم الفيتو، فسيعيد ذلك الملف إلى مرحلة الجمود مؤقتا، دون أن يغير من الاتجاه العام للمجتمع الدولي الداعم لسيادة المغرب ومقترحه للحكم الذاتي.
وتبقى جلسة اليوم اختبارا حقيقيا لموازين القوى داخل مجلس الأمن، ولقدرة الدبلوماسية المغربية على الحفاظ على مكتسباتها في مواجهة تحركات خصومها، في نزاع يقترب أكثر من أي وقت مضى من مرحلة الحسم السياسي، في إطار الوحدة الترابية للمملكة المغربية.


Comments
0