تشهد المملكة المغربية، من طنجة إلى الكويرة، حالة ترقب وطني غير مسبوقة، مع اقتراب موعد الإعلان المرتقب من مجلس الأمن الدولي بشأن القرار المتعلق بملف الصحراء المغربية، والذي يُنتظر أن يُشكل تحولًا تاريخيًا في مسار هذا النزاع الإقليمي الذي دام لعقود.
منذ الساعات الأولى من اليوم، تسود أجواء انتظار وترقّب في مختلف المدن المغربية، حيث يتابع المواطنون والفاعلون السياسيون والمدنيون مجريات النقاشات داخل أروقة الأمم المتحدة، في أملٍ بأن يُتوّج المسار الدبلوماسي المغربي بقرار يُكرّس سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
ترقّب وطني يعيد أجواء الانتصارات
الساعة الثامنة مساءً أصبحت موعدًا منتظرًا لدى جميع المغاربة، الذين يتابعون عقارب الزمن بقلقٍ ممزوجٍ بالفخر، كما لو أن البلاد على وشك خوض مباراة نهائية جديدة، لا تقل رمزية عن تلك التي عاشها الجميع مع المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة في نهائي كأس العالم، حين لامس شباب المغرب المجد الكروي أمام المنتخب الأرجنتيني.
اليوم، يعيش المغاربة المشاعر نفسها، وربما أقوى، لأن لحظة الحسم هذه تتعلق بـ«القضية الوطنية الأولى».
فكل من تسأله، من شمال المملكة إلى جنوبها، يتحدث عن القرار المنتظر وكأنه نقطة نهاية لمسار طويل من الكفاح والصبر والتفاوض.
تعبئة شاملة واستعداد وطني
الإعلام المغربي بمختلف مكوناته يعيش حالة استنفار مهني، فيما عبّرت العديد من الجمعيات والمنظمات والأحزاب والنقابات عن استعدادها لمواكبة هذا الحدث الذي يصفه المتتبعون بـ«القرار التاريخي».
ويتابع المغاربة باهتمام خاص تفاصيل مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يعتبر مقترح الحكم الذاتي المغربي الحل الأكثر جدية وواقعية للنزاع، ويدعو إلى مفاوضات على أساس هذا الخيار دون شروط مسبقة.
من المسيرة الخضراء إلى المسيرة الدبلوماسية
في لحظةٍ رمزية، تتزامن هذه التطورات مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، الحدث الذي وحّد المغاربة خلف شعار “الله، الوطن، الملك”.
واليوم، وبعد نصف قرن، يؤكد المغرب أنه يواصل المسيرة ذاتها ولكن بأدوات جديدة: من المسيرة الشعبية إلى المسيرة الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، بثبات وحنكة، لترسيخ الاعتراف الدولي بسيادة المملكة على صحرائها.
لحظة تتويج لمسار طويل
في انتظار كلمة مجلس الأمن، يعيش المغاربة حالة فخر جماعي وشعورًا بأن التاريخ يعيد نفسه — لا ليتوقف عند الماضي، بل ليمنح للمسيرة الخضراء فصلها الأخير والأجمل.
فما يجري هذه الليلة في نيويورك ليس مجرد تصويت أممي، بل تتويج لمسار دولة آمنت بحقها، واشتغلت عليه بهدوء وثقة، حتى صار العالم يتحدث اليوم بلغة مغربية خالصة:
الواقعية، السيادة، والتنمية المشتركة.
وفي الثامنة مساءً، حين يعلن القرار، سيعرف العالم مرة أخرى أن المغرب لا يكتفي بصناعة التاريخ… بل يصنع المستقبل أيضًا.


Comments
0