المدرسة المغربية… أي إصلاح دون تعليم موحَّد وعادل؟

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر

منذ سنة 1999، تاريخ الإعلان عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ظل شعار “إصلاح التعليم” يتردد في الخطب الرسمية ويُرفع في البرامج الحكومية. غير أن ربع قرن من المحاولات والإصلاحات المعلنة لم يثمر بعد مدرسة قوية وناجعة، قادرة على تكوين أجيال مواطنة ومبدعة.

الرؤية الملكية… التعليم أولاً

في خطابه الأخير، شدد جلالة الملك محمد السادس على ضرورة تجاوز وتيرة التنمية بسرعتين، محذراً من اتساع الهوة بين فئات وجهات داخل الوطن. ولا شك أن المدرسة هي المدخل الأول لإصلاح هذا الوضع، إذ لا يمكن تصور تنمية عادلة ومتوازنة في ظل تعليم ينتج مغرباً بسرعتين: تعليمٌ خاص بجودة عالية يستفيد منه القلة، وتعليمٌ عمومي متعثر يعاني منه الأغلبية.

المال لا يكفي… الحكامة هي الأساس

لقد صُرفت مليارات الدراهم منذ بداية ما سُمي بـ”إصلاح المدرسة”، من تجهيز البنيات، إلى توفير المناهج والبرامج، لكن النتائج بقيت دون المستوى. ويؤكد الواقع أن المشكل لا يكمن فقط في الموارد المالية، بل أساساً في الحكامة، وفي غياب رؤية منسجمة ومستدامة تُطبق على أرض الواقع بروح المسؤولية وربط المحاسبة بالنتائج.

 


مدرسة الإنصاف أو لا مدرسة

المطلوب اليوم ليس إطلاق برامج جديدة تحمل شعارات رنانة، بل إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، من خلال:
تحسين تكوين وتحفيز المدرسين.
ربط المناهج بحاجيات سوق الشغل وبالقيم الوطنية.
تقليص الفوارق المجالية بين القرية والمدينة.
إرساء تقييم دوري وشفاف لكل ورش إصلاحي.

لحظة الحسم

لقد عبّر الملك بوضوح عن أن المغرب القوي والموحد لا يمكن أن يبنى بنصف مواطنين ونصف فرص. فإذا كانت التنمية قد عرفت وتيرتين، فإن المدرسة هي الحلقة المركزية التي تحدد إما مغرباً واحداً متماسكاً، وإما مغربين متباعدين في الحاضر والمستقبل.


اليوم، السؤال الجوهري لم يعد “متى نصلح المدرسة؟”، بل: هل نملك الإرادة السياسية والجرأة لنبدأ الإصلاح الحقيقي الآن؟

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)