الملك محمد السادس نصره الله:دعوة متجددة للجدية وتعبئة شاملة من أجل العدالة الاجتماعية

حسيك يوسف

جاء الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس نصره الله أمام أعضاء مجلسي البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للسنة التشريعية الأخيرة من الولاية الحالية، كرسالة واضحة المعالم، قوية في مضمونها، دقيقة في توجيهاتها، تؤكد على أن المغرب في مرحلة مفصلية تتطلب من جميع الفاعلين — حكومة وبرلمان وأحزاب ومجتمع مدني وإعلام — التحلي بروح الجدية والمسؤولية.

فالخطاب الملكي لم يكن بروتوكولياً أو تقليدياً، بل خارطة طريق جديدة لاستكمال المشاريع المفتوحة، وتسريع وتيرة الإصلاحات، ومواصلة تنزيل النموذج التنموي الجديد بروح من الالتزام الوطني الصادق.

أبرز ما شدد عليه جلالة الملك هو أن العدالة الاجتماعية والمجالية ليست شعاراً مؤقتاً، بل خيار استراتيجي ومصيري يجب أن يحكم كل السياسات العمومية. وهو توجيه يعكس عمق الرؤية الملكية التي ترى أن التنمية لا يمكن أن تكون شاملة إلا إذا شملت كل الفئات والمناطق، من القرى إلى الحواضر، ومن الجبال إلى السواحل.

كما دعا جلالته إلى تجاوز النظرة الضيقة التي تفصل بين المشاريع الكبرى والبرامج الاجتماعية، مؤكداً أن الهدف الأسمى هو واحد: تنمية البلاد وتحسين ظروف عيش المواطنين.

وفي بعد آخر بالغ الأهمية، أولى الخطاب مكانة خاصة للإعلام، باعتباره ركيزة من ركائز الدولة الحديثة، وشريكاً أساسياً في توعية المواطنين وتأطيرهم، والتعريف بالمبادرات العمومية والقوانين التي تمس حياتهم اليومية. وهنا يضع الملك مسؤولية مضاعفة على عاتق الإعلام الوطني ليلعب دوره في بناء الثقة وتعزيز المشاركة المواطنة.

كما أشار جلالة الملك إلى أهمية التنمية الترابية المتوازنة، داعياً إلى إعطاء الأولوية للمناطق الهشة والجبلية، وتأهيل المراكز القروية وتطوير السواحل، في إطار رؤية مستدامة توازن بين الاستثمار وحماية البيئة.

الخطاب الملكي لهذا العام هو استمرارية لنهج واضح قوامه الجدية والإنجاز والالتزام، ويأتي في مرحلة دقيقة تسبق استحقاقات سياسية جديدة، مما يجعله بمثابة تذكير للفاعلين السياسيين بأن خدمة الوطن مسؤولية لا تنتهي بانتهاء الولاية، وأن التنمية الحقيقية لا تقوم إلا على النزاهة ونكران الذات.

إنه خطاب يرسخ من جديد فلسفة الملك محمد السادس في الحكم: لا مجال للتهاون، ولا وقت للانتظار، فالمغرب مقبل على تحولات كبرى تتطلب تعبئة كل الطاقات، واستحضار المصلحة العليا للوطن والمواطنين قبل أي اعتبار آخر.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)