مع الحدث : ذ لحبيب مسكر
شهدت قناة ميدي 1 تيفي مساء الجمعة حوارًا محتدًا بين الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، والصحفي نوفل العواملة، بعد تفاعل الوزير مع موجة الاحتجاجات الشبابية الأخيرة التي اجتاحت مواقع التواصل والشوارع على حدّ سواء.
في بداية الحوار، حاول بايتاس تهدئة الأجواء، مؤكدًا أن “رسالة الشباب قد وصلت”، وأن الحكومة “منفتحة على الاستماع لمقترحاتهم في مختلف القضايا التي تهمهم، لأن السياسات العمومية ليست قرآنًا منزّلًا، بل عمل بشري قابل للصواب والخطأ”.
غير أن الحوار سرعان ما أخذ منحى آخر حين واجهه الصحفي نوفل العواملة بما يتداوله الشباب عبر منصاتهم، قائلًا إن “الجيل الجديد لا يطالب فقط بإصلاحات سطحية، بل لم يعد يريد بقاء هذه الحكومة، ويطالب بجلسات مساءلة حقيقية”.
ردّ بايتاس لم يخلُ من نبرة استغراب بدت للبعض أقرب إلى التهكم، إذ قال:
> “بشوف اسيدي انت دبا وليتي ناطق الرسمي بدلا منهم ، و باش عرفتي هدشي هدا، موصلنيش هدشي انا،..”
ردّ الوزير هذا أثار موجة انتقادات على مواقع التواصل، واعتبره كثيرون تعبيرًا عن انفصال الحكومة عن نبض الشارع، في وقت يتحدث فيه هو نفسه عن ضرورة الإنصات للشباب. فكيف يمكن لحكومة أن تستمع لمطالب الشباب إن كانت تنكر ما يتداولونه علنًا على كل المنصات؟
والأغرب من ذلك أن بايتاس عاد ليقول إن الحكومة “حين تتوصل بملف مطلبي واضح يدخل في اختصاصاتها ستتفاعل معه بالسرعة المطلوبة”، وكأن الشباب خرجوا إلى الشوارع دون سبب أو مطلب محدد.
بينما الواقع، كما تابعته القنوات العالمية قبل حتى القنوات الوطنية، أن صرخات الشارع كانت واضحة: التعليم والصحة، مطلبان أساسيان لا يحتاجان إلى ملفات أو وساطات.
فكيف يُطلب من الشباب تقديم “ملف مطلبي” والحال أن مطلبهم الأوضح هو إصلاح ما هو أساس في حياة كل مواطن: مدرسة تضمن الكرامة ومستشفى يحفظ الحق في الحياة؟
هذا التناقض في خطاب الناطق الرسمي يعكس إشكالية أعمق في تواصل الحكومة مع فئة الشباب، التي لا تبحث فقط عن آذان صاغية، بل عن مؤسسات تعترف بوجودها وتتعامل مع غضبها بجدية ومسؤولية، لا بروح السخرية أو التشكيك.
في النهاية، يمكن القول إن حوار بايتاس – العواملة لم يكن مجرد مقابلة إعلامية، بل مرآة لعلاقة متوترة بين الحكومة والشباب المغربي: علاقة تبحث عن لغة جديدة، تكون فيها الشفافية والاحترام المتبادل أساسًا لأي إصلاح أو مصالحة حقيقية.
تعليقات ( 0 )