جاري التحميل الآن

تقرير : التأثيرات الاجتماعية و النفسية و الاقتصادية لفيروس كوفيد19 على مستوى العالم

كوثر صافر

 

لم تكن مصطلحات مثل “حالة طوارئ صحية ” و”الحجر الصحي” و “التباعد الاجتماعي ” شائعة الاستخدام قبل سنتين من الآن ، الا أنها أضحت جزءا من لغتنا بعد غزو فيروس كورونا العالم ، منذ ظهوره في مدينة ووهان الصينية مطلع سنة 2020 ، و الذي لازل يقيد العالم أجمع إلى حدود كتابة هذه الأسطر .

تفشي الفيروس التاجي في مختلف قارات العالم ، لم يحضر رائحة الموت فقط ، بل أثر على كل مناحي حياتنا في وقت وجيز .

فقد عصفت الآثار السلبية لهذا الأخير بكافة القطاعات الاقتصادية ، حيث تنبأت توقعات منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية أن تكون 2020 سنة من النمو التابث إن لم يكن متزايد ، إلا أنها خفضت توقعاتها إلى النصف من 2.9% الى 1.5% ، عقب تفشي الوباء الذي سبب صدمة للاقتصاد العالمي ، و بسبب القيود التي فرضتها السياسات الدولية لمواجهته و كبح انتشاره ، فقد أضعف الطلب العالمي ، و عرقل الانتاج و الامداد والنقل الجوي عبر العالم .

ووسط الخوف المهول الذي نشره فيروس كورونا ، فضلا عن سياسات المواجهة التي تمثلت في اغلاق معظم الدول لحدودها و العزلة و الحجر الصحي ، تضرر القطاع السياحي بكثرة حيث تراجعت حركة الطائرات و تعرضت صناعتها لأضرار بالغة ، و ألغى المسافرون حجوزات العمل و العطلات ، حيث كشفت بيانات خدمة تتبع الرحلات الجوية FlightRadar24 أن عدد الرحلات الجوية التجارية على مستوى العالم قد تلقى ضربة كبيرة خلال الجائحة .

كما أحدثت جائحة كورونا انتكاسة شديدة في ما يخص التحويلات المالية العالمية حيث رجح البنك الدولي أن تشهد انخفاضا بنسبة 14% بنهاية هذه السنة ، مع انخفاض أعداد المهاجرين و المغتربين.

و من المرجح أن يشهد العالم أزمة اقتصادية لم يكن لها مثيل ، فكلما طالت مدة الصراع ضد الوباء كلما أدى ذلك إلى تراجع الأصول المالية للاستثمارات إضافة إلى تزايد أزمة الديون و تراجع الانتاج مما سيؤدي إلى انهيار العديد من البورصات العالمية.

و لعل جائحة فيروس كورونا لم تسبب خسارات في الارواح و شلل في الاقتصاد العالمي وحسب ، بل جاء في مجلة الدراسات المندمجة أن الأزمة الصحية قد أثرت سلبا على السلوكيات الاجتماعية ، و رفعت من مشاعر الخوف و الإحباط و القلق بين الأفراد ، كما غير التباعد الاجتماعي العادات الاجتماعية .

هذا و كشفت دراسة نشرتها مجلة plos-one عن أن الجائحة أحدثت تغيرات في السمات الخمس للشخصية و هي “العصابية ، الانبساط ، الانفتاح ، الضمير، القبول ” حيث تمثل سمة الانبساط الفروق الفردية في المشاركة الاجتماعية ، و تمثل سمة القبول الاختلافات في التعاطف و الاحترام و قبول الآخرين ، أما الضمير فيمثل المسؤولية ، و الانفتاح يمثل الاختلافات في الفضول الفكري و الحساسية الجمالية و الخيال ، في حين تمثل العصابية المشاعر السلبية كالتوتر و الحزن و تقلبات المزاج .

و جاء في نتيجة الدراسة زيادة طفيفة في مشاعر القلق و الاكتئاب للذين اختبرو العزلة الاجتماعية (الحجر الصحي ) ، كما توقع الباحثون زيادة في سمة “الضمير” ، خصوصا جوانب المسؤولية و ذلك نتيجة للرسائل التي تعزز اتخاد الاجراءات الاحترازية .

كما أشارت نتائج الدراسة الى زيادة طفيفة في سمة الانبساط ، و لم يكن هناك تغيير في سمتي الانفتاح و القبول . و لا تزال الأبحاث جارية عما اذا كانت هناك تغيرات في الشخصية طويلة المدى مرتبطة بالجائحة.

و في تصريح عالم النفس و الاجتماع الدكتور عبد الجبار شكري ، فإن فيروس كورونا أثر سلبا على سلوكات الأفراد خصوصا على مستويات الأسرة و العمل و على مستوى العلاقات الخارجية ، حيث يقول أن الجائحة ربت تخوفا في نفوس الأفراد ، ففكرة التباعد الاجتماعي جعلت افراد المجتمع يرون في بعضهم نوعا من المرض مما سيشكل تعودا آليا على ابتعاد الافراد عن بعضهم .

و أضاف المتحدث أن الفيروس أثر كذلك على العلاقات الأسرية ، حيث فككت النظام الأسري و أضحى الكل معزولا خوفا من العدوى ، فضلا عن تأثير هذه الأزمة الصحية على السلوكيات الاجتماعية للأفراد ، حيث أضحى الكل يعاني من فوبيا الآخر ، مع تأثر أعمال أفراد المجتمع خصوصا العاملين في القطاعات الغير مهيكلة .

 

يشار إلى أن فيروس كوفيد 19 ، قد عطل عجلة الحياة منذ ما يقارب السنتين ، و لا تزال جهود الحكومات مستمرة في كل بلدان العالم ، ساعية لانقاذ آلاف الأرواح ، من أجل العودة لحياتنا الطبيعية ما قبل زمن الكورونا.

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك