شريف مول الحكمة
في زمن يتطلع فيه المواطن إلى صوت يمثله داخل قبة البرلمان، ويعبّر عن همومه وانشغالاته، تعيش ساكنة مدينة بوسكورة حالة من الذهول والاستياء، بعدما وجدت نفسها أمام واقع سياسي صادم: ممثلها البرلماني، الذي يتولى في الآن نفسه رئاسة المجلس الجماعي للمدينة، قضى ثلاث ولايات كاملة دون أن يُسجل له أي تدخل يُذكر في قبة البرلمان. لا سؤال كتابي، ولا تعقيب شفوي، ولا حتى دفاع رمزي عن قضايا المدينة التي يعلو فيها صوت التهميش يوماً بعد آخر.
من غير المعقول أن تمضي ثلاث ولايات تشريعية دون أن يجد ممثل بوسكورة في البرلمان الجرأة السياسية لطرح سؤال أو مناقشة قضية من القضايا الملحة التي تؤرق الساكنة. ما الجدوى من المقعد البرلماني إن لم يكن منبراً لحمل هموم المنطقة والدفاع عن مصالحها التنموية والاجتماعية؟ أليست بوسكورة مدينة تتفاقم فيها مشاكل النقل، والصرف الصحي، والتعليم، والبنية التحتية؟ أين هو صوت المواطن الذي منح ثقته في صناديق الاقتراع؟
المفارقة الكبرى أن نفس الشخص يشغل منصبين في آن واحد: ممثل في البرلمان ورئيس المجلس الجماعي لبوسكورة، ما يضعه في موقع المسؤولية المزدوجة ويضاعف من حجم الانتظارات. لكن الواقع يكشف عكس ذلك. فبوسكورة تعيش تراجعاً واضحاً في مؤشرات التنمية المحلية، دون خطة واضحة أو مشاريع حقيقية تخرجها من دوامة التهميش المزمن.
المجلس الجماعي يبدو عاجزاً عن مواجهة التحديات اليومية للساكنة، والبرلمان ظل بلا صدى. وبين الصمتين، تضيع مصالح الآلاف من المواطنين الذين انتخبوا على أمل التغيير.
بعد ثلاث ولايات، من حق ساكنة بوسكورة أن تسأل: ماذا تحقق فعلياً؟ هل تغيّرت المدينة نحو الأفضل؟ هل تم احترام الوعود الانتخابية التي أُطلقت خلال الحملات السابقة؟ أم أن الحصيلة لا تتعدى الوعود المؤجلة والمشاريع الورقية؟
السؤال اليوم لا يخص الماضي فقط، بل هو دعوة صريحة لكل من يهمه الأمر، خصوصاً السلطات الإقليمية والجهات المركزية، إلى إعادة النظر في تمثيلية بوسكورة، وإعطاء الكلمة للمواطن الذي ما زال ينتظر من يفتح له نافذة داخل قبة البرلمان.
إن تهميش بوسكورة لا يعود فقط إلى ضعف الميزانيات أو نقص الموارد، بل إلى غياب الإرادة السياسية الحقيقية للدفاع عن المدينة داخل المؤسسات. فالساكنة لا تطلب المعجزات، بل فقط من يمثّل صوتها، يُعبّر عن آلامها، ويشتغل على تحسين أوضاعها. وما دام الصمت هو اللغة السائدة من ممثل بوسكورة، فإن المدينة ستبقى في خانة “المهمّشين” إلى إشعار آخر.
الساكنة تستغيث… فهل من مجيب؟
تعليقات ( 0 )