ذ. أحمد براو
أجمع عامة علماء المسلمين من المتقدمين والمتأخرين على فضل العرب على غيرهم من الأجناس، كابن قتيبة والعراقي وابن تيمية والكرماني والعلامة الألباني وابن باز والعثيمين. وأهم ما ذكر في هذا الباب هو ما جاء به صاحب الإقتضاء، والذي سنسهب فيه في خضم هذا المقال، وتفضيل جنس العرب عامة مستنَد فيه إلى جملة من الأحاديث وأُلِّفت مؤلفات بخصوصه، ولعله ما دفعني لبيان ذلك هو أنني تناولت مرارا نقاشات وجدالات خصوصا مع الشباب المسلم من العرب والعجم على حد سواء يعتقدون جازمين أنه ليس هناك أي تشريف أو تفضيل أو خيرية أو تكريم لجنس العرب بل ولجميع البشر إلا بالتقوى مصداقا لقوله تعالى “إِنَّ أَكْرَمَكُم عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُم”.
– أصل العرب
1- العرب البائدة: وهم اثنتا عشرة قبيلة على الأقل: عاد وثمود وطسم وجديس وعملاق وأميم وحضورا و وبار و عبيل وجرهم الذين صاهرهم إسماعيل عليه السلام ومنهم تعلم اللغة العربية وأتقنها. والعرب البائدة لم يبق لهم ذكر. بعضهم قد اندمج مع قبائل عربية أخرى، وبعضهم الآخر تفرق في البلاد. وقد أبيد كثير منهم مثل عاد وثمود (إلا القلة المؤمنة منهم).
2- العرب العاربة: وهم العرب المنحدرة من صلب يعرب بن قحطان أو يعرب بن يقطان بن عابر بن شالح بن أرفكشاد بن سام بن نوح، ويضع البعض نبي الله هود بدلًا من عابر. تولى يعرب بن قحطان حُكم اليمن بعد والده، وقام بتوزيع إخوته، فذهب أخوه حضرموت بين الأرضين، وقد سميت حضر موت على اسمه، وولى أخاه عمان على أرض عُمان، وولى جرّهم على الحجاز، وقد كانت فترة ملكه حوالي 200 سنة.
3- العرب المستعربة: من صلب إسماعيل عليه السلام، وتسمى أيضا العرب العدنانية وهو أول لسان عربي فصيح وهو جد النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان لسانه يختلف عن لسان أخيه إسحاق وأبيه إبراهيم (عليهما السلام) لأنهما كانا يتكلمان السريانية. ونشأ أبناء إسماعيل بعربة وهي من تهامة وبذلك سموا عرب حسب بعض الباحثين “تفسير الرازي”.
وعلى العموم يقسم العرب قسمين: العاربة الذين تكلموا بلسان يعرب بن قحطان، وهو اللسان القديم، والعرب المستعربة: هم الذين تكلموا بلسان نبي الله إسماعيل عليه السلام وهي لغات الحجاز وما والاها، من البحر الأحمر إلى عمان ومن اليمن إلى الشام.
– وازِرةُ جنس العرب تجاوزات بعضهم
وإذا كان هؤلاء المعارضون يعترفون بأي فضل للعرب فهم ينسبونه فقط للجيل الأول من الصحابة والتابعين الذين حملوا أعباء الدعوة وضحوا بأموالهم وأنفسهم، لتبليغ الدين في مشارق الأرض ومغاربها، وحتى هؤلاء داخل فيه عربهم وعجمهم وليس فقط مخصوصا بالعرب وحدهم. وفي هذا الإشكال يقع هؤلاء في ما وقع فيه الشعوبية كما يبين شيخ الإسلام قائلا: “ذهبتْ فرقة من الناس إلى أن لا فضل لجنس العرب على جنس العجم، وهؤلاء يسمون الشعوبية.. وهي حركة أصلها فارسي نشأت في بغداد والبصرة في العهد العباسي والغالب أن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا عن نوع نفاق، إما في الاعتقاد وإما في العمل”.
بل ربما بنوا نظرتهم وأفكارهم عما وقع لهم ولأجناس سلفهم ولغيرهم كذلك من تجارب ووقائع تتهم بعض العرب حتى في هذا العصر وفي سابقيه من العصور باقترافهم تجاوزات وانتهاكات تمييزية وعنصرية، واستغلال الشعوب التي وصلوا لها، واستعبادهم وسوء معاملاتهم وتسخيرهم لخدمتهم، وجعلهم في مراتب دنيا اجتماعيا وسياسيا وتهميش أدوارهم وتدنيس كرامتهم والحط من إنسانيتهم، فهم بذلك على حق من أن هناك وقائع تتهم العرب بذلك وللأسف لازالت تقع حتى في عصرنا الحالي، وبالتالي تكونت نمطيا وثقافيا واجتماعيا ووجدانيا تلك النظرة السلبية المنافية للحقيقة والتي تتخذ طابع التعميم وتتهم فيه جنس العرب بكامله بما اقترفه أفراد أو مجموعات، وينسون أو يتناسون فضلهم، الذي ثبت بالتواتر المحسوس المشاهد في خير العرب.
– العرب خير الأجناس وأفضلهم
على أن العرب أكثر الناس سخاء وكرما، وشجاعة ومروءة، وشهامة، وبلاغة وفصاحة، ولسانهم أتم الألسنة بيانا وتمييزا، وأن سبب هذا الفضل ما اختصوا به من مناقب وشمائل جعلت غرائزهم أطوع للخير من غيرهم، فهم أقرب للسخاء والحلم والشجاعة والوفاء وغير ذلك. وأن تفضيل الجملة شيء وتفضيل الفرد شيء آخر، يقول ابن تيمية رحمه الله: “تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد ، فإن في غير العرب خلقا كثيرا خيرا من أكثر العرب ، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار من هو خير من أكثر قريش ، وفي غير بني هاشم من قريش وغير قريش من هو خير من أكثر بني هاشم” كما في مجموع الفتاوى ويضيف “الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم: عبرانيهم، وسريانيهم، ورومهم، وفرسهم، وغيرهم.
وأن قريشا أفضل العرب ، وأن بني هاشم أفضل قريش ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم ، فهو أفضل الخلق نفسا ، وأفضلهم نسبا .
وليس فضل العرب، ثم قريش، ثم بني هاشم، بمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم – وإن كان هذا من الفضل – بل هم في أنفسهم أفضل، وبذلك ثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفسا ونسبا، وإلا لزم الدور. انتهى
وبالجملة يحب أن نعرف للعرب حقها، وفضلها، وسابقتها، ونحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق ) – رواه الحاكم في “المستدرك”
Share this content:
إرسال التعليق