حكم جائر على حرية التعبير: القمع مستمر في الجزائر

حسيك يوسف

في مشهد يعكس بوضوح سياسة القمع والتضييق التي تنتهجها السلطة الجزائرية ضد كل صوت مستقل أو ناقد، أصدرت محكمة استئناف بالعاصمة الجزائرية حكمًا بالسجن خمس سنوات بحق الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، بتهمة “المساس بوحدة الوطن”. هذا الحكم ليس مجرد قرار قضائي، بل هو رسالة واضحة وصريحة من النظام الحاكم في الجزائر إلى كل من يجرؤ على التعبير عن رأيه أو نقد الواقع السياسي والاجتماعي في البلاد.

إن هذا الحكم الجائر يعكس حالة من الهوس السلطوي بالسيطرة على الفكر والكلمة، وهو سابقة خطيرة تعيد إلى الأذهان عصور القمع التي ظننا أنها وُضعت خلف ظهورنا. فالحرية، تلك القيمة الإنسانية الأساسية، تُقيد هنا بشكل ممنهج، وتُحول إلى مجرد كلمة فارغة من محتواها الحقيقي.

الكاتب بوعلام صنصال، رجل في الثمانين من عمره ومصاب بمرض السرطان، لم يرتكب جريمة، بل مارس حقه المشروع في التعبير عن آرائه. ومع ذلك، وجدت السلطات في صوته المزعج تحديًا لنظام سياسي لا يحتمل الاختلاف أو النقد. كما أن ردود الفعل الرسمية في الجزائر تكشف عن انغلاق غير مبرر على العالم الخارجي، في وقت تعبر فيه مؤسسات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني عن القلق من تراجع الحريات الأساسية في البلاد.

إن هذا الحكم لا يضر فقط بصاحب القضية، بل يلحق ضررًا بالغًا بصورة الجزائر أمام العالم، ويزيد من عزلتها السياسية والثقافية. فالعالم الذي يتطلع إلى التقدم والتطور يحترم ويقدر حرية التعبير كركيزة أساسية لأي مجتمع حر وديمقراطي.

إن ما يجري في الجزائر اليوم هو تحذير صارخ من خطورة استمرار سياسة القمع وانتهاك الحقوق والحريات، وهو نداء عاجل لكل القوى الحية في الوطن والمنطقة لتوحيد الجهود من أجل الدفاع عن الحريات وضمان بيئة تسمح للأفكار الحرة بالازدهار، بعيدًا عن كل أشكال التسلط والاستبداد.

في النهاية، يظل صوت الكاتب بوعلام صنصال رمزًا للشجاعة والمقاومة في وجه الظلم، وصوتًا لكل من يرفض أن يُسكت أو يُخمد، مهما كان الثمن.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)