دماء تحت الركام و صمت على المقاس

هند بومديان

 

فلسطين: دماء تحت الركام وصمت على المقاس

في زمن تحكمه المصالح وتنخره الازدواجية، ترتكب في فلسطين إبادة جماعية بدم بارد، بينما يصمت العالم صمتًا مدروسًا، صمتًا على المقاس، لا تحرّكه لا المجازر ولا الدموع، ولا حتى أكوام الجثث تحت الركام.

شعب يُقهر، يُلاحَق حتى في نومه، وتُهدم عليه البيوت فوق رؤوس أحبته، بينما تُروّج منصات الإعلام الكبرى لرواية واحدة: رواية القاتل. يُمنع الفلسطيني من رواية وجعه، من صراخ أطفاله، من بثّ وجع نسائه، لأنه لا يليق بالصورة المعلّبة للعالم “المتحضّر”.

الأطفال في فلسطين لا يحلمون بالألعاب، بل يحلمون بالنجاة.
النساء لا يتزينّ، بل يحتفظن بصور أبنائهن الشهداء في أعناقهن.
الرجال لا يعملون، بل يفتشون بين الركام عن من تبقى من أرواحهم.

هذا التآمر الإعلامي لا يقل دموية عن الطائرات التي تقصف، فهو يمنح القاتل شرعية، ويسرق من الضحية حقها في الحكي، في الوجود، في أن تُرى وتُسمع.

ومع ذلك، ورغم هذا الموت المحيط من كل الجهات، تبقى فلسطين شامخة.
تنزف، نعم، لكنها لا تركع.
تُجرح، لكنها لا تفرّط.
وحدها، تواجه آلة الدمار العالمية بقبضة طفل، بحجر، بأمل، بتراب لا يُباع.

فلسطين ليست مجرد أرض محتلة، بل مرآة تعكس قبح هذا العالم.
مرآة تكشف من بقي إنسانًا، ومن تحول إلى ظلّ بلا روح.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)