روسيا ولغة المصالح: علاقات تستند إلى الابتزاز والتخلي

بقلم /سيداتي بيدا 

عضو الاتحاد الدولي للصحافة العربية

في عالم السياسة المعاصر، يُقال إن العلاقات بين الدول لا تُبنى على الثقة فقط، بل على المصالح المشتركة. لكن السياسة الروسية تُظهر نموذجًا مختلفًا تمامًا، حيث تتصدر المصلحة الذاتية الدافع الأوحد في تعاملات موسكو الخارجية، على حساب الأصدقاء والحلفاء على حد سواء.

تُعيد روسيا اليوم تذكير الجميع بأنها لا تُجيد سوى لغة المصالح الفورية، غير مهتمة بالعهود أو الميثاق الذي يجمعها مع شركائها. فالعلاقات التي تبدو استراتيجية تتحول بسرعة إلى أدوات ضغط سياسية، تُستخدم لمصالح آنية ثم تُهمل أو تُصرف عند أول صفقة تُغري مواقفها أو اقتصادها.

الأمثلة جلية لا تحتاج إلى تفصيل. فقد باعت روسيا في السابق مواقف العرب، متخليًة عن مصالحهم لصالح صفقات مؤقتة، واليوم تستمر في هذه السياسة مع إيران، وتبدو مستعدة للتخلي عن أي طرف يقف معها حين ترى في ذلك منفعة أكبر.

هذه الظاهرة ليست عابرة أو انحرافًا مؤقتًا من السياسة الروسية، بل هي سمة متأصلة تنبع من فهم موسكو لعلاقاتها الخارجية كأوراق ضغط يتم استغلالها حسب الحاجة، لا شراكات تستند إلى التفاهم والاحترام المتبادل.

من يثق بموسكو كشريك استراتيجي، يضع مصيره في يد جلاد مرتزق لا يعرف الرحمة أو الوفاء، وهو ما يُضعف أي تحالفات دولية كانت تعوّل عليها في تكوين موازين قوى مستقرة.

في النهاية، تُطرح تساؤلات مهمة حول مدى استدامة العلاقات مع روسيا، ومدى جدواها في عالم تحكمه الحسابات الدقيقة والمصالح المتبادلة، دون أن يتغافل أي طرف عن حقيقة أن موسكو تعيد ترتيب أوراقها دومًا بما يخدم أغراضها أولاً وأخيرًا، على حساب من تراهم شركاء اليوم وربما خصوم الغد

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)