صورٌ ساحرة وذكاءٌ “أغبى” من أن يُخدع!

مع الحدث

المتابعة ✍️ : ذ لحبيب مسكر

 

في عصر الذكاء الاصطناعي، لم يعد الجمال حكرًا على الطبيعة، ولا الوسامة وليدة الجينات. يكفي أن ترفع صورة باهتة، متعبة، مليئة بالحبوب أو التجاعيد، إلى تطبيق “ساحر”، ليعيد إليك نسخة عن نفسك كما لم تكن ولن تكون! وهنا تبدأ المأساة: منشورات يومية لأناس لا يعرفهم أحد… سوى الذكاء الاصطناعي.

 

مرحبًا بك في زمن الأنا الرقمية.

ذاك الذي تضع فيه فلانة صورة لها بعيون بلون البحر، وبشرة كالحرير، وشعر يلامس الكتفين كما في أفلام ديزني، ثم تكتب تحتها بكل جدية: “كن أنت، لا تكن نسخة من غيرك”. والمفارقة أن “أنتِ” في الصورة، ليست “أنتِ” أصلاً!

 

أين الحقيقة؟ لا أحد يهتم!

أصبحت مواقع التواصل معرضًا مفتوحًا لصورة وهمية جماعية، الجميع فيها فاتنون، ولا أحد يُشبه أحدًا على أرض الواقع. لقد تجاوزنا فلتر “سناب شات”، وتفوقنا على تجميل “إنستغرام”، وصرنا نعيش عصر “أنا كما يتخيلني الخيال الصناعي”.

 

رجال بعضلات مزيفة، ونساء بأعمار غير حقيقية.

لماذا التمرين في قاعة الرياضة إذا كانت عضلات الذكاء الاصطناعي تُنقذك في ضغطة زر؟ ولماذا الكريمات والتجميل، إذا كانت صورة الذكاء الصناعي كفيلة بأن تمنحك عشرين سنة أقل وحبًّا أكثر في التعليقات؟

 

حتى صاحب المنشور، في أحيان كثيرة، قد لا يتعرّف على نفسه!

نعم، قد يتوقف أمام صورته للحظة ويقول: “يا سلام، شكون هذا الزوين؟”… قبل أن يكتشف أن “الزوين” هو مجرد وهم رقمي، صُنع ليحصد القلوب والإعجابات، لا ليشبه الحقيقة في شيء.

 

ثم تأتي الكارثة…

 

حين تُنشر هذه الصور بغرض التضليل العاطفي. حسابات تلمع بالذكاء الاصطناعي، وطلبات زواج تنهال على أساس ملامح خرافية، وكل شيء يبدو مثالياً… إلى أن يحين اللقاء!

 

هناك، تتصادم الأحلام بالواقع.

تنظر إليه فلا تجد ذلك الأمير الرقمي، بل شخصًا لا علاقة له بالصورة.

وينظر هو فلا يرى الحسناء التي أعجب بها، بل شخصًا آخر تمامًا.

تسود لحظة صمت، يختل فيها التوازن…

ثم تحدث الفاجعة:

يطلق ساقيه للريح،

والصياح يعلو خلفه:

“رااااااه رااااااه… شد شد شد!”

 

مشهد درامي لا يحتاج لا مخرج ولا سيناريو، فقط ضحية ساذجة وكاميرا AI ماهرة في الكذب.

 

ولكن، هل نلومهم؟

في الحقيقة لا. فهم فقط ضحايا لزمن سطحي، يرى الصورة ولا يهتم بالقصة. عصر يُقاس فيه التأثير بعدد الإعجابات، لا بعدد الأفكار. عصر لا تسأل فيه: “من أنت؟”، بل فقط: “أي تطبيق استخدمت؟”.

 

في النهاية…

دعهم يفرحون بنسخهم الافتراضية، يعلّقون لأنفسهم، يصفقون لصورٍ لم يلتقطها أحد، ولم يرها أحد في الواقع.

ولنجلس نحن في الزاوية، نراقب ونبتسم… ولسان حالنا يقول:

“الله يعطي الذكاء الاصطناعي على قد نياتهم!”

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)