مع الحدث
المتابعة ✍️ : ذ لحبيب مسكر
رغم أن عيد الأضحى لهذه السنة حلّ بدون طقوس الذبح المعتادة، فقد كانت أجواؤه مختلفة لكنها لا تقل بهجة عن كل عام. خلت الشوارع من أصوات الأكباش، لكن امتلأت الطرقات بحركة غير معتادة، حيث تدفقت العائلات من مختلف المدن والقرى صوب منازل الأهل والأحباب، في مشهد يعيد للعيد معناه الأعمق: صلة الرحم ولمّ الشمل.
بدا الازدحام في المحطات والطرقات مؤشراً واضحاً على أن الناس، وإن غابت الأضحية عن موائدهم، لم يتنازلوا عن أهم ما في العيد من قيم إنسانية. فاجتمع الأبناء حول الجد والجدة، وتلاقت الأجيال في دفء بيت العائلة، حيث الذكريات الجميلة ورائحة الطفولة. كان الحديث يدور عن أيام زمان، عن أضاحي الأمس وفرحة الطفولة، عن ذلك البهاء الخاص الذي يحمله العيد في القلوب.
رغم أن غياب الكبش أزال طقساً رمزياً من طقوس هذا العيد، إلا أن كثيراً من الأسر المغربية، خصوصاً ذات الدخل المحدود، وجدت في هذا الغياب متنفساً اقتصادياً حقيقياً. إذ خفّف هذا الوضع من أعباء مادية كانت ترهق ميزانية الأسر كل سنة، وخلق مساحة للفرح البسيط والمشاركة الصادقة بين الناس.
ولم تغب مظاهر التآزر والتبريكات، فالمكالمات الهاتفية، ورسائل التهاني، والزيارات المتبادلة، كانت كلها حاضرة بقوة، تؤكد أن الأهم في العيد ليس اللحم، بل القلوب التي تلتقي، والأنفس التي تتصافى.
عيد الأضحى هذه السنة أعاد للمغاربة تذوق طعم العيد الحقيقي: حب، تآزر، واجتماع عائلي دافئ، بعيداً عن مظاهر التباهي أو ضغط المصاريف. هو عيد الفقراء قبل الأغنياء، عيد الإنسان في بساطته، وفي حنينه للّمة العائلية التي لا تقدر بثمن.
تعليقات ( 0 )