مع الحدث
المتابعة ✍️: ذ لحبيب مسكر
أثار تقرير حكومي فرنسي حديث، يتناول ما سمّاه “تأثير جماعة الإخوان المسلمين”، موجة جدل واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية، وسط تباين في الآراء بين من يعتبره خطوة ضرورية لحماية الأمن القومي، ومن يرى فيه محاولة سياسية لاستقطاب الناخبين وتشديد الضغط على الجالية المسلمة.
أعدّ التقرير عدد من المستشارين الرئاسيين، وناقشه مجلس الدفاع والأمن الوطني برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون. وقد وُجهت إليه انتقادات حادة، تتعلق خصوصًا باستعماله لمصطلحات مبهمة مثل “الإسلام السياسي”، ما أثار مخاوف من تغذية الصور النمطية السلبية عن المسلمين.
يأتي نشر التقرير في سياق سياسي حساس، إذ تستعد فرنسا لخوض انتخابات رئاسية مرتقبة. ويرى بعض المحللين أن توقيت التقرير ليس بريئًا، ويهدف إلى صرف الانتباه عن قضايا داخلية ضاغطة مثل ارتفاع كلفة المعيشة وتباطؤ الاقتصاد.
مواقف متباينة داخل الطبقة السياسية
رئيس الوزراء غابرييل أتال رحّب بالتقرير، مؤكدًا أنه يندرج في إطار “الدفاع عن المبادئ الجمهورية”.
زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان اعتبرت التقرير غير كافٍ، مطالبة بإجراءات أكثر تشددًا ضد ما وصفته بـ”التغلغل الإسلامي”.
أما زعيم اليسار جان لوك ميلانشون، فاعتبر التقرير “تعبيرًا واضحًا عن عداء للإسلام”، داعيًا إلى احترام التعددية الثقافية والدينية في البلاد.
منظمات إسلامية فرنسية أعربت عن تخوفها من أن يُستغل التقرير لتمرير قوانين جديدة قد تقيّد الحريات الدينية، وعلى رأسها مشروع قانون “مكافحة الاختراق الإسلامي” المنتظر عرضه قريبًا على البرلمان.
أكاديميون وخبراء أبدوا تحفظاتهم بشأن المنهجية المعتمدة في إعداد التقرير، معتبرين أنه يفتقر إلى المعايير العلمية والموضوعية. كما حذّروا من أن التعميم في اتهام المسلمين قد يُعرقل جهود الاندماج ويعزز مناخ التوتر داخل المجتمع الفرنسي.
أمام هذا الجدل المتصاعد، يطرح مراقبون تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة فرنسا على تحقيق توازن فعلي بين حماية الأمن والدفاع عن الحريات، دون الوقوع في فخ التمييز أو المس بحقوق الأقليات، وفي مقدمتها الجالية المسلمة التي تمثل مكونًا أساسيًا من النسيج المجتمعي الفرنسي.
تعليقات ( 0 )