“قافلة إخوة.. بلا جنوب المغرب!”

مع الحدث لحسن المرابطي

في زمن الشعارات الفضفاضة والعنتريات الورقية، انطلقت ما يسمى بـ”قافلة الصمود” من أرض “الممانعة اللفظية”، وهي ترفع شعارًا برّاقًا: “إنما المؤمنون إخوة”، لكنها فيما يبدو قد نسيت أن الأخ لا يبتُر شقيقه من الجسد، ولا يُقصي نصف خريطته من العقل.

هذه القافلة، التي تحمل أعلام دول شمال إفريقيا وتدّعي السير نحو غزة، تاهت بوصلتها قبل أن تغادر تونس. فقد رسمت على جنبات سياراتها خريطة مبتورة للمغرب، وكأن جنوبه لا يستحق أن يكون ضمن “إخوة الإيمان”! تناقض فادح بين الشعار والمحتوى، يُضحك الجبال ويُبكي الحدود.

هكذا إذًا، يمارس “التيار القومجي العروبي” هوايته المفضلة: خلط النوايا الخيّرة بالمواقف الصغيرة. فبدل أن توحّدهم فلسطين، يستخدمونها كذريعة لتمرير أجنداتهم الموروثة عن ماضٍ لم يتعلموا منه سوى الزعيق.

والسؤال البديهي هنا: ما علاقة دعم غزة ببتر خريطة المغرب؟ وهل وحدة الأمة تمر عبر شطب حدود دولة شقيقة؟ أم أن التضامن لديهم لا يكتمل إلا حين يركبون على مأساة شعب، ويطعنون في وحدة شعب آخر؟ إن كانت هذه “الأخوّة”، فبئس الإخوة هم.

الحقيقة التي لن ينقلها “بث مباشر” على فيسبوك، ولا تقرير مصوّر على تيك توك، هي أن هذه القوافل ليست سوى عروض فولكلورية متنقلة، تصرف الأنظار عن قوافل الدعم الحقيقي التي تبني وتُغيث بصمت، بعيداً عن عدسات التناقض.

قافلتكم الموقّرة، ستمر من الجزائر، تونس، ليبيا، مصر… لكنها لن تمر من بوابة الاحترام. ولن تصل إلى غزة، لأن من خان الخريطة، خان الطريق قبل أن يبلّغ الرسالة.

فلتمضِ قافلتكم في صحراء أوهامها… أما نحن فنعلم أن الأخ لا يطعن في ظهر أخيه، وأن من يحب فلسطين لا يكره المغرب.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)