مع الحدث/ إقليم ٱسا
المتابعة ✍️: لبشير لخريف
تستعد مدينة أسا لاحتضان واحد من أعرق المواسم الدينية بالصحراء المغربية، موسم زاوية اسا الديني الذي بات يعرف بمَلْكَى الصالحين، الذي سينظم ما بين 04 و07 شتنبر 2025. تخليداً لذكرى المولد النبوي الشريف، في أجواء مفعمة بالدين، ومليئة بالقيم الإسلامية الأصيلة التي ميزت الزوايا المغربية عبر العصور.
هذا الموعد الديني الكبير يشكل محطة سنوية جامعة، يلتقي فيها هذا العام العديد من علماء الدين والفقهاء والمتصوفة مع القبائل الصحراوية والوفود القادمة من مختلف جهات المملكة وخارجها، ليجعل من أسا قبلة للصالحين، وفضاءً لترسيخ قيم التضامن، وصلة الرحم، والمحبة في الله. وفرصة لتجديد ايات وفروض البيعة والولاء لأمير المؤمنين.
ينطلق الموسم بجلسات الذكر والمديح النبوي، قبل أن تتوالى فقراته الغنية بندوات علمية ومحاضرات رصينة، يشارك فيها ثلة من العلماء،
كما سيكون الزوار على موعد مع أمسيات للسماع والمديح بمشاركة فرق ومجموعات صوفية عريقة، تضفي على الأجواء نفحات رفيعة تلامس القلوب، تجعل من الموسم فضاءً يجمع بين الذكر والعلم وتغدية الروح.
لا يتوقف بريق الموسم عند الجانب الروحي فقط، بل يمتد ليشمل العديد من المعارض التي ستكون مفتوحة في وجه الزوار طيلة أيام الملݣى. وهو ما يجعل من الموسم مناسبة جامعة بين الأصالة والمعاصرة، بين الروح والفكر، وبين العلم والتاريخ. وصلة وصل بين الماضي و الحاضر.
بهذا المعنى فإن موسم ملݣى الصالحين ليس مجرد تظاهرة دينية، بل هو عرس روحي واجتماعي، ومناسبة لإحياء القيم النبوية السامية في المحبة والسلام، ولمّ شمل الأرحام، وتثبيت السكينة الروحية.
البرنامج العام للموسم، الممتد على أربعة أيام، يزخر بفقرات متعددة، أبرزها:
ـ أمسيات السماع والمديح، بمشاركة فرق وطنية متميزة، .
ـ ندوات فكرية وعلمية، يشارك فيها علماء ومشايخ كبار وأساتذة وباحثون، يناقشون قضايا الهوية الروحية ودور الزوايا في مواجهة تحديات العصر.
ـ معارض متنوعة تعكس تصور المنظمين في تغدية الذوق العام للزوار.
ـ أنشطة موازية تشمل مسابقات جهوية ووطنية في حفظ القرآن الكريم وتجويده، إلى جانب ورشات تربوية وثقافية.
ولعل من أبرز مميزات دورة هذه السنة استضافة الزاوية الشرقاوية كضيف شرف، في مبادرة تعكس عمق الروابط الروحية بين الزوايا المغربية، وتعزز إشعاع المرجعية الدينية للمملكة القائمة على الوسطية والاعتدال.
ومن أبرز محطات الموسم هذه السنة، محاضرة سيؤطرها فضيلة الدكتور سعيد الكملي، أحد أعلام الفكر والفقه بالمغرب، تحت عنوان: “صلة الرحم، تعزيز للروابط في زمن التحديات”، وذلك مساء الجمعة 05 شتنبر. وهي محاضرة ينتظرها الحضور بشغف، لما يتميز به الشيخ الكملي من أسلوب بليغ يجمع بين عمق العلم وحرارة الإيمان، في زمن باتت فيه الروابط الإنسانية مهددة بتيارات التفكك والاغتراب
إن موسم “ملكى الصالحين” ليس مجرد تجمع ديني أو ثقافي، بل هو موعد حضاري جامع يربط الماضي بالحاضر، ويؤكد أن الزوايا المغربية ما زالت تؤدي رسالتها الخالدة في إشاعة قيم المحبة والوصل والرحمة، وفي ترسيخ اللحمة الوطنية التي كانت ولا تزال صمام أمان للمجتمع المغربي.
هكذا يظل موسم زاوية أسا “ملكى الصالحين” حدثاً استثنائياً، حيث تلتقي الروحانية بالعلم، والتاريخ بالحاضر، والوجدان بالهوية، في مشهد بديع يجسد العمق الحضاري والروحي للمغرب
بقلم الطالب بمعهد العالي لصحافة والاعلام بالدار البيضاء : لبشير لخريف
تعليقات ( 0 )