المتابعة ل : لحبيب مسكر


مع حلول ربيع 2025، تشهد مدينة بني ملال ونواحيها انتعاشة سياحية وبيئية لافتة، حيث تتحول إلى لوحة طبيعية آسرة تستقطب عشاق الهدوء والطبيعة من السكان المحليين والزوار على حد سواء. هذا الإقبال المتجدد كل سنة يعكس القيمة الكبرى التي تمثلها الفضاءات الخضراء في حياة الإنسان، سواء من الناحية الترفيهية أو البيئية.
عين أسردون: لؤلؤة طبيعية تخطف الأنظار
تتربع عين أسردون على عرش الوجهات الأكثر جذباً في بني ملال خلال الربيع. هذه العين العريقة، التي تغنى بها الشعراء بقولهم: “عين أسردون الباهية من تحت الجبال جارية”، تجمع بين سحر الطبيعة وعبق التاريخ.
يتميز الموقع بشلالات تنساب من ارتفاع يزيد عن مترين، وحدائق مصممة على الطراز الأندلسي، تحيط بها بساتين غنية أشجار التين والزيتون والرمان والبرقوق. وتبقى مياه العين باردة حتى في ذروة الصيف
تنوع بيئي مدهش: من غابات الزيتون إلى جبل تاصميت
لا تقتصر جمالية بني ملال على عين أسردون فقط، بل تتنوع مواقعها الطبيعية لتناسب مختلف الأذواق:
غابة الزيتون: تمتد حول المدينة وتشكل جزءاً من “الرئة الخضراء” للمنطقة، وتُزينها أشجار البرتقال والرمان ، ما يجعلها وجهة مثالية للنزهات والراحة.
جبل تاصميت: يوفر هذا الجبل المرتفع فرصاً لمحبي رياضة المشي وتسلق الجبال، مع إطلالات بانورامية تسحر الأنظار.
المساحات القريبة من مطار بني ملال: تحولت إلى قبلة محببة للعائلات التي تبحث عن أماكن مفتوحة وآمنة للترفيه في نهاية الأسبوع.
أصوات السكان: الطبيعة ملاذنا
في تصريحات للعديد من الزوار، يتكرر الشعور ذاته: الطبيعة ملاذ من صخب المدينة ونقص المساحات الخضراء:
“نُحضِر وجبة الغداء ونقضي يوماً كاملاً بين أحضان الطبيعة. الجو هنا يبعث على السكينة.”
“في ظل ندرة الفضاءات الخضراء داخل المدينة، تصبح هذه المواقع ضرورية لنفَسنا اليومي ولترفيه أطفالنا.”
هذه الشهادات تبرز حاجة ملحة لتعزيز البنية التحتية البيئية، وتوفير مرافق ملائمة، ونشر الوعي بأهمية الحفاظ على نظافة هذه الفضاءات الطبيعية.

فرص واعدة للسياحة المستدامة

تجدر الإشارة إلى أن جهة بني ملال-خنيفرة تغطي مساحة تقارب 28,088 كلم²، أكثر من 65% منها مناطق جبلية، ما يجعلها بيئة مثالية للسياحة الجبلية والبيئية. وتضم الجهة ثروات مائية مهمة، حيث تقع 80% من أراضيها ضمن حوض أم الربيع، وتتوفر على 15 سداً و7 أنظمة لتحويل المياه.
نحو مستقبل أخضر ومستدام
في ظل هذا الإقبال المتزايد على الفضاءات الطبيعية، تبرز فرصة حقيقية أمام السلطات المحلية والمجتمع المدني للاستثمار في السياحة البيئية بشكل مستدام. تطوير هذه الوجهات سيمكن من خلق روافد اقتصادية جديدة، مع المحافظة على الرأسمال الطبيعي والثقافي الفريد الذي تزخر به بني ملال، ويُعيد ربط الإنسان بجذوره البيئية في عصر يزداد فيه التباعد عن الطبيعة.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)