أَغْلَبِيَّة تَصْنَع الْأَزْمَــات لتَقْمَع الحُرِّيَـــات (قانون الإضــراب نموذجا)

عبد الإله شفيشو / فاس

نص دستور 2011 المعمول به حاليا في المغرب ضمن الفصل 29 على أن: (حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته)،
1) هل الأزمات المستشرية تعد إمتدادا للتراكمات الموروثة أم أنها تمثل كبوة جديدة من كبوات التراجع إلى الوراء وإنتهاكا صارخا لكل الوعود الإقتصادية، الإجتماعية، الحقوقية … للأغلبية المصطنعة؟،
2) في ظل تمرير الأزمات ما الذي تحقق من شعارات الأغلبية المصطنعة وكم نسبة المتحقق منها بعد فوزها في الإنتخابات حتى اللحظة الراهنة على أرض الواقع؟،
إن هذه التساؤلات وغيرها من الإستفسارات المصيرية التي فرضت نفسها بمرور الوقت كحالة من حالات اليأس والإحباط صارت هي الشغل الشاغل لعامة الناس نسمعهم يثيرونها بإستمرار كلما إجتمعوا في السوق أو في المقهى أو في مجالسهم الخاصة وما أكثر الأزمات السلبية التي تستفزهم وتثير غضبهم وتعكر أمزجتهم ، فلا شيء يبعث على الإرتياح فكل ما نراه في مسلسل الأزمات اليومية يعكس صورة مؤلمة واحدة تشترك في مكوناتها المزرية لترسم ملامح الإنحدار والتردي فالوطن لا يزال يتخبط في مخاض عسير وظلام دامس لإتخاذ قرار لم يحسم بعد فيه بشأن نمط وشكل الديمقراطية المطلوبة والمقصودة في بلد زاخر وغني بطاقاته الهائلة ومكوناته المختلفة.
إن الأزمة الأساسية ظهرت مع دستور 1960 فكل إصلاح حقيقي يأتي من معالجة عين الأزمات و ليس مظاهرها فقط وهو الفرق بين الإصلاح والترقيع فلقد عرفت مرحلة ما سمي بالإنتقال الديمقراطي أزمات كثيرة – بشهادة أهلها – بما أوحى على فشلها لأنها لم تنبني على أسس وقواعد الإنتقال الحقيقي لأن الشروط التي أنتجت إنخراط القوى الديمقراطية في المسلسل الديمقراطي المرسوم مسبقا لم تكن من حيث المبدأ واضحة المعالم أولا لتغييب منطق المشاركة وثانيا لهيمنة منطق الإنصياع والتنفيذ ولا زالت إستمرارية نفس الشروط هي الحاكمة والسائدة التي أنهكت الشعب وأغرقته في الأزمات ومهدت السبيل للمفسدين فنهبوا الثروات وللمستبدين الذين تسلطوا وطغوا، فالإصلاح لا يأتي على يد الذين لا يجيدون الإصلاح ولا يمكنهم أن يصححوا المسارات الخاطئة إذا كانوا غير قادرين على منع تمرير الأزمات والإنتهاكات وعليه لا تستطيع حكومة الكفاءات محاربة الأزمات إذا كان مسؤولها وأحزابهم وعشيرتهم يوفرون للمفسدين والمستبدين فرص الإفلات من المحاسبة والمسائلة، فالأحزاب السياسية لم ترضخ لصوت الشعب الذي ما فتئ ينادي وفي كل محطة إنتخابية لوقف العبث بمصيره فالإنتخابات التشريعية والجماعية الأخيرة وما أسفرت عنه صارت في نظر الشعب قد أضحت باعثة على الملل والكآبة فأكثر المواطنين في حيرة من أمرها بعد أن قيل لهم أن هاته الإنتخابات هي حل وعلاج للأزمات الإقتصادية والإجتماعية المزمنة.
إن الإنتخابات التشريعية والجماعية الأخيرة التي شاركت فيها كل الأحزاب المغربية بمن فيهم الحركة اليسارية (الراديكالية )إن إستثنينا حزب “النهج الديمقراطي” الذي يرفض حسب تصريحاته الدخول في اللعبة بشروط مملاة وقواعد تقليدية بالإضافة إلى جماعة “العدل والإحسان” قد -الإنتخابات- كرست لواقع الفساد والإفساد فالشيء الذي لا يبعث على الإطمئنان هو إصرار الدوائر النافذة على إبقاء نفس الأزمات التي أنتجت إختلالات العقود الماضية عل ما هي عليه حيث يلاحظ المتتبع للشأن المغربي أن ثمة خطاب سياسي واضح يتعلق الأمر بطرح حالة الإستمرارية كهدف مركزي لآفاق المرحلة القادمة دون تنازل أو تعديل وأحزاب تريد تكريس إستمراريتها-أغلبية ومعارضة- المفتقدة لأدنى شروط التماسك، الصورة إذن واضحة فالكل يراهن على تحقيق مبتغاه المحدود يرهنون به مستقبل المغرب في نمط سياسي مغلق لا أفق له فلا يمكن أن يتم تحول عميق على مستوى دمقرطة تدبير الشأن العام في ظل هذا الترقيع الممنهج، فالراحل الدكتور “المهدي المنجرة” ذو التوقعات والإقتراحات المبنية على أساس معطيات ميدانية دقيقة يقول: ( أن أكثرية الدراسات و التقارير الدولية تشير إلى عدم تحسن أوضاع المغرب عاما بعد عام بل هناك تراجع إلى الوراء على الخصوص في القطاعات الاجتماعية (الأمية و الفقر) و تصاعد الفرق في توزيع الدخل الوطني، تدهور النظام التربوي، انهيار الجامعة ،انتشار الرشوة و الفساد و عدم مصداقية العدل…إن الإصلاح آت أحب من أحب… و السؤال الوحيد الذي يجب أن نفكر فيه هو ثمن هذا الإصلاح فكل تأخير سيدفع عنه الثمن، وفي شأن أولوية الإصلاح على المستوى السياسي أولا يجب إسناد القرار إلى أهله أي الشعب و لهذا يجب أن لا نستمر في ظل دستور ممنوح) .

Share this content:

تعليق واحد

comments user
nidal cheficho

دستورية القواعد القانونية مبدأ ملزم وتختص المحكمة الدستورية في مراقبة احترام هذا المبدأ بالنظر في دستورية القوانين من عدمها تأكيدا لسمو الدستور على جميع النصوص التشريعية والتنظيمية في إطار التراتبية التي تكرس دولة القانون والمؤسسات.
فالمشروعية تبدأ من الدستور الذي تنبثق منه باقي القوانين التي توضع من أجل الضبط الاجتماعي، فالحرمان حاليا من الحق في التجمع والتجمهر والتظاهر السلمي و بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تخالف أحكام الدستور.

إرسال التعليق

الاخبار الاخيرة