عندما تصبح موائدنا تهديدًا صامتًا.. الأغذية الفاسدة خطر يهدد الحياة

مع الحدث/ هند بومديان 

في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، يجد بعض التجار في الغش الغذائي وسيلة سهلة لتحقيق أرباح غير مشروعة، دون أدنى اعتبار لصحة المستهلكين. هكذا، يتحول ما يفترض أن يكون مصدرًا للحياة إلى خطر خفي يتسلل إلى أجسادنا بصمت، يزرع المرض بدلًا من التغذية، ويهدم الصحة بدلًا من تعزيزها.

تخزين المواد الغذائية منتهية الصلاحية وإعادة تغليفها بتواريخ مزورة أو تغيير مكوناتها بأساليب احتيالية لم يعد مجرد سلوك فردي، بل أصبح ممارسة شائعة في بعض الأسواق. بضائع فاسدة تُعرض على الرفوف، أطعمة فقدت قيمتها الغذائية بل واكتسبت سميّة قاتلة، لكن المستهلك، غير المدرك لحجم المخاطر، يبتلعها دون شك أو حذر.

تناول هذه المنتجات لا يؤدي فقط إلى التسمم الغذائي الحاد، بل يفتح الباب أمام أمراض خطيرة، تتراوح بين الالتهابات المزمنة والفشل الكلوي، وقد تصل إلى أمراض سرطانية ناتجة عن تراكم المواد السامة في الجسم. تأثيرها قد يكون فوريًا في بعض الحالات، أو بطيئًا متراكمًا مع الزمن، لكنه حتمي ومدمر.

المسؤولية هنا تتوزع بين جهات عدة. ضعف الرقابة على الأسواق والمخازن، التساهل مع المتلاعبين بصحة الناس، غياب الوعي لدى المستهلك، كلها عوامل تجعل هذه الظاهرة تنتشر بلا رادع. العقوبات القانونية قد تكون غير كافية أو غير مفعّلة بالشكل المطلوب، بينما يبقى الضمير المهني لدى بعض التجار غائبًا تمامًا، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الربح السريع.

التصدي لهذا الواقع لا يكون بالصمت أو الاستسلام. وعي المستهلك هو خط الدفاع الأول، يبدأ بفحص تواريخ الصلاحية، مراقبة جودة المنتجات، وتجنب العروض المغرية التي قد تخفي وراءها كارثة صحية. الإبلاغ عن المخالفات واجب جماعي، كما أن تشديد العقوبات على المخالفين وتعزيز الرقابة الصارمة ضرورة لا تحتمل التأجيل.

حين يصبح الطعام خطرًا بدلًا من أن يكون غذاءً، ندرك أن حياة الإنسان باتت في مهب الاستهتار والجشع. الصحة ليست رفاهية، والحفاظ عليها يتطلب وعيًا، حزمًا، ومسؤولية مشتركة بين الفرد والمجتمع والجهات المختصة. الاختيار اليوم واضح: إما أن نواجه هذا الخطر، أو نستمر في دفع ثمنه بأجسادنا وحياتنا.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)