✍ بقلم حسيك يوسف
في عالم الإعلام، حيث المنافسة شرسة والطريق إلى النجاح محفوف بالعقبات، استطاعت الصحفية سعاد إزعيتراوي أن تفرض نفسها كواحدة من أبرز الأسماء في الإعلام الثقافي المغربي. بدأت رحلتها من مديرية الأخبار بالقناة الثانية المغربية، ومن هناك شقت طريقها بخطوات ثابتة، متجاوزة كل التحديات دون أن تفقد كرامتها أو قيمها، محافظة على مبادئ الصحافة الراقية، حتى وصلت إلى مكانة مرموقة يشهد لها الجميع اليوم.
بداية متواضعة، لكن طموح لا حدود له
لم يكن طريق سعاد مفروشًا بالورود، فقد بدأت من الصفر، وشقت طريقها بجهد وإصرار، متنقلة بين التغطيات الصحفية والمراسلة الميدانية، حيث كانت تحمل ميكروفونها وتسافر إلى أقاصي القرى، لتنقل القصص التي لم يكن لها صوت، وتسلط الضوء على معاناة الناس وإنجازاتهم.
منذ أن التحقت بالقناة الثانية سنة 2005، وهي تعمل بلا كلل، متجاوزة حدود الجغرافيا، لتصل إلى قلوب المشاهدين بمواضيعها العميقة وتقاريرها الدقيقة. لم تكن تبحث عن الأضواء السريعة أو المجد الشخصي، بل كانت تسعى إلى تقديم صحافة ذات رسالة، هادفة وثقافية، تبرز العمق الفني والإبداعي للمغرب.
ضيف الأحد.. جسر بين الجمهور والمبدعين
من أهم إنجازاتها الإعلامية، فقرة “ضيف الأحد”، التي أصبحت مرجعًا في المشهد الإعلامي الثقافي المغربي. من خلال هذه الفقرة، قدمت بورتريهات لأسماء بارزة في مجالات الأدب والفن، من بينهم المخرج والراقص لحسن زينون، والكاتب أحمد المرزوقي. لكنها لم تكتفِ بعرض سيرة الضيوف بطريقة تقليدية، بل كانت تحكي قصصهم بطريقة إبداعية، تجعل المشاهد يعيش التجربة معهم.
كان اختيار الضيوف يتم بعناية، حيث كانت سعاد تركز على الأحداث الثقافية الحية والشخصيات المؤثرة التي تحمل في طياتها قصصًا ملهمة. كانت تدرك أن الصحافة الثقافية ليست مجرد نقل أخبار، بل هي فن يحتاج إلى لغة رصينة، وأسلوب سردي جذاب، واهتمام دقيق بالتفاصيل. وهذا ما جعل تقاريرها تحظى بتقدير كبير، سواء من قبل الجمهور أو من قبل المتخصصين في المجال.
الالتزام بالقيم.. مفتاح النجاح الحقيقي
ما يميز سعاد ليس فقط مهاراتها الصحفية، بل أيضًا التزامها بالقيم والأخلاق المهنية. لم ترضَ يومًا أن تساوم على مبادئها، ولم تسعَ إلى الإثارة أو السطحية لكسب المشاهدات، بل راهنت على العمق والجودة.
إنها صحفية تؤمن بأن الإعلام ليس مجرد مهنة، بل رسالة ومسؤولية. سعت إلى أن تكون صوتًا للمبدعين والمثقفين والفنانين، ومنصة لإيصال الأفكار الراقية إلى المجتمع. كانت تعرف أن المشوار ليس سهلًا، لكنها أصرت على أن تسلك الطريق الصعب، الطريق الذي يحفظ لها كرامتها وقيمتها كصحفية.
نحو مستقبل أكثر إبداعًا
رغم كل ما حققته، لم تتوقف سعاد عن تطوير نفسها. فهي لا تزال تسعى إلى إحداث ثورة في الإعلام الثقافي المغربي، من خلال أفكار جديدة وبرامج مبتكرة. لديها رؤية خاصة للإعلام الثقافي، رؤية تجعل منه مساحة للإبداع والتأثير الإيجابي، وليس مجرد مجال تقليدي لتقديم الأخبار.
تفكر اليوم في برنامج ثقافي جديد، قد يكون بمثابة قفزة نوعية في مجالها، ليعكس التحولات الثقافية التي يشهدها المجتمع المغربي. وكما اعتدنا منها، فإنها لن تقدم محتوى عاديًا، بل ستواصل إبداعها بأسلوبها الفريد، الذي يجمع بين الاحترافية والعمق الإنساني.
ختامًا.. مثال يُحتذى به
إن قصة سعاد إزعيتراوي ليست مجرد قصة نجاح فردي، بل درسٌ لكل من يؤمن بأن المثابرة والصبر والالتزام بالمبادئ، هي السبيل الحقيقي لتحقيق الأحلام. لقد بدأت من الصفر، لكنها لم تسمح لأي تحدٍ أن يوقفها، وها هي اليوم واحدة من ألمع الصحفيات في مجال الإعلام الثقافي بالمغرب.
نجاحها ليس ضربة حظ، بل نتيجة عمل شاق، وإيمان برسالتها الإعلامية، واحترام لقيم المهنة. وهكذا، ستظل سعاد إزعيتراوي نموذجًا يُحتذى به في الصحافة الثقافية المغربية، ورمزًا للمرأة الإعلامية التي صنعت مجدها بنفسها، دون أن تساوم على كرامتها أو قناعاتها.
تعليقات ( 0 )