مع الحدث
بقلم ✍️ ذ : لحبيب مسكر
مقدمة: صراع دموي في مفترق طرق
مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الرابع، يتزايد الضغط الدولي لوقف نزيف الدماء والدمار. وبينما يتعثر الطرفان في تحقيق نصر حاسم، بدأت أصوات ترتفع من قادة الغرب تدعو بشكل موحّد إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار، في ظل وساطة تركية نشطة تعرض استضافة مفاوضات مباشرة بين موسكو وكييف. فهل تمهد هذه الدينامية الجديدة لتسوية واقعية، أم أنها مجرد فصل جديد في حرب استنزاف طويلة؟
خلفية الصراع: جذور معقدة ومصالح متضاربة
نشأ التوتر بين روسيا وأوكرانيا منذ تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991، وازداد حدة مع توسّع حلف الناتو شرقاً. بلغت الأزمة ذروتها عام 2014 مع ضم روسيا للقرم، ثم تفجّرت في فبراير 2022 بغزو شامل. وتحوّلت الحرب إلى مواجهة غير مباشرة بين روسيا والغرب، أعادت إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة.
التطورات العسكرية حتى مايو 2025
2022: فشل الهجوم الروسي على كييف، وسيطرة موسكو على جنوب شرق أوكرانيا.
2023–2024: هجمات مضادة أوكرانية أدّت إلى استعادة أراضٍ محدودة.
2025: روسيا تشن هجوماً جديداً على خاركيف، وأوكرانيا ترد بضربات عميقة داخل الأراضي الروسية.
في ظل هذا الجمود الدموي، يطرح كثيرون السؤال: هل آن أوان وقف إطلاق النار؟
مبادرة تركيا: وساطة بين الممكن والمستحيل
في 11 مايو 2025، أعلنت أنقرة استعدادها مجدداً للوساطة، وعرضت استضافة مفاوضات سلام على أراضيها، كما فعلت سابقاً في محادثات إسطنبول عام 2022. وقد لقيت هذه المبادرة قبولاً أولياً من الأمم المتحدة وبعض الدول الأوروبية، لكنها لا تزال بانتظار ردود رسمية من موسكو وكييف.
الغرب يضغط: دعوة موحدة لوقف إطلاق النار
لأول مرة منذ اندلاع الحرب، أصدر قادة الغرب، إلى جانب البيت الأبيض، بيانات متزامنة تدعو إلى وقفٍ فوري وموثوق لإطلاق النار، وفتح باب المفاوضات. يعكس هذا التحوّل قلقاً غربياً متزايداً من تصاعد كلفة الحرب وتآكل الدعم الشعبي لها، خصوصاً في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا.
تحديات أمام الهدنة
انعدام الثقة المتبادل: تخشى أوكرانيا من أن تستغل روسيا الهدنة لإعادة تنظيم صفوفها.
غياب الضمانات الأمنية: لا تزال كييف تطالب بضمانات غربية قوية قبل قبول أي وقف للنار.
الرؤية الروسية: تصر موسكو على اعتراف كييف بـ”الواقع الجديد” في المناطق التي ضمتها، وهو ما ترفضه الأخيرة.
ما بعد الهدنة: ماذا لو حصلت؟
في حال تحقق وقف إطلاق النار، ستكون الخطوة التالية الأكثر تعقيداً هي التفاوض على الوضع النهائي للأراضي، ومستقبل عضوية أوكرانيا في حلف الناتو، إضافة إلى ترتيبات محتملة لنزع السلاح في بعض المناطق الحدودية. وقد تتطلب هذه القضايا وساطات متعددة، وربما إشرافاً أممياً أو إقليمياً طويل الأجل.
الخاتمة: هل نشهد بداية النهاية؟
في ظل الوساطة التركية المتجددة، والدعوات الغربية الموحدة، ورغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إنهاء الحرب، تبدو فرص الهدنة أكثر واقعية من أي وقت مضى. ومع ذلك، تبقى هذه الفرصة رهينة لحسابات دقيقة، سواء على الأرض أو في الكواليس السياسية. فهل تحمل الأسابيع المقبلة انفراجة، أم يُطوى ملف التهدئة كما طُويت مبادرات سابقة؟
تعليقات ( 0 )