آسية سلافي: حين يتحول الفن إلى مرآة الروح

آسية سلافي: حين يتحول الفن إلى مرآة الروح

 

آسية سلافي: حين يتحول الفن إلى مرآة الروح

 

✍️ هند بومديان

 

في مدينة سلا المغربية، تقيم الفنانة التشكيلية آسية سلافي، حيث تنسج لوحاتها بحس مرهف وتجربة متراكمة، تجعل من كل عمل فني لحظة تأمل واحتفاء بالجمال.

ولدت وترعرعت في مدينة فاس، تلك المدينة التي تمتزج فيها الأصالة بالمعاصرة، لتكون مهد الإلهام الأول بالنسبة لها. نشأت في بيت يفيض بالفن، حيث كانت والدتها متقنة لفن الطرز الرباطي، فيما بدأت آسية رحلتها في التعبير عن ذاتها من خلال الطرز الفاسي و”طرز النطع”، قبل أن تجد في الفن التشكيلي لغتها الحقيقية.

لم تتلقَّ آسية سلافي تكوينًا أكاديميًا في كليات الفنون، بل صنعت طريقها بموهبة فطرية مدعومة بتكوينات خاصة في مدارس فنية، وأخذت تتطور عبر البحث الذاتي والتجريب الدائم. تأثرت في بداياتها بأعمال الشعيبية طلال، وبالفن السريالي كما يتجلى في عالم سلفادور دالي، إضافة إلى حضور واضح للمدرستين التكعيبية والواقعية في أعمالها.

تُعرف لوحات آسية سلافي برمزيتها العميقة وطابعها التعبيري الحالم، وهي لا تتبع منهجًا تقنيًا صارمًا، بل تترك لنفسها حرية التجريب والإبحار مع اللحظة الإبداعية. الصباغة الزيتية هي خامتها المفضلة، لما تمنحه لها من مرونة وكثافة تعبيرية.

بالنسبة لها، لحظة الإبداع تشبه الحلم، وتعيشها بكامل الحواس، في طقس خاص تحفه الموسيقى والصمت الداخلي. لوحاتها لا تعكس فقط تجاربها، بل تكشف عن عمق ذاتها، وغالبًا ما تكتشف مشاعرها الحقيقية بعد الانتهاء من العمل الفني.

منذ أول معرض جماعي لها بمدينة سلا، تابعت آسية سلافي مسيرتها بعزيمة وإصرار، وشاركت في العديد من المعارض الوطنية في مدن مثل الدار البيضاء، الرباط، مراكش وغيرها. تلقت دعمًا من جمعيات فنية ساعدتها على صقل مهاراتها وتوسيع آفاقها، كما نالت أكثر من ثلاثين شهادة تقديرية، تؤكد حضورها الفني المؤثر.

ورغم عدم مشاركتها بعد في معارض دولية، فإنها تطمح لعرض أعمالها في قاعات عالمية كبرى بإسبانيا أو فرنسا، أو حتى داخل قصر الباهية بمراكش، في احتفاء بجذورها وهويتها الفنية.

تؤمن آسية سلافي بأن الفن قادر على إحداث التغيير، إذ يعزز الذوق الجمالي، ويطرح أسئلة وجودية تُحفّز التفكير المجتمعي. كما ترى أن التكنولوجيا اليوم أصبحت أداة مساعدة، وتفكر في دمج بعض تقنياتها في أعمالها مستقبلاً.

تحلم آسية بتنظيم معرض فردي كبير يُجسد خلاصة تجربتها الفنية.

فهي، رغم التحديات، لم تفقد يومًا شغفها، لأنها تعتبر أن الفن ليس فقط وسيلة للتعبير، بل طريقتها لفهم الحياة والوجود، ومصدر سلامها الداخلي.

 

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)